[ ص: 5 ] حرف الميم
الميم من الحروف الشفوية ومن الحروف المجهورة ، وكان
الخليل يسمي الميم مطبقة لأنه يطبق إذا لفظ بها .
ما : حرف نفي وتكون بمعنى الذي ، وتكون بمعنى الشرط ، وتكون عبارة عن جميع أنواع النكرة ، وتكون موضوعة موضع من ، وتكون بمعنى الاستفهام ، وتبدل من الألف الهاء فيقال : مه ، قال الراجز :
قد وردت من أمكنه من هاهنا ومن هنه إن لم أروها فمه
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني : يحتمل مه هنا وجهين : أحدهما أن تكون فمه زجرا منه أي : فاكفف عني ولست أهلا للعتاب ، أو فمه يا إنسان ، يخاطب نفسه ويزجرها ، وتكون للتعجب ، وتكون زائدة كافة وغير كافة ، والكافة قولهم : إنما
زيد منطلق ، وغير الكافة إنما
زيدا منطلق ; تريد إن
زيدا منطلق . وفي التنزيل العزيز :
فبما نقضهم ميثاقهم ، و
عما قليل ليصبحن نادمين ، و
مما خطيئاتهم أغرقوا ، قال
اللحياني : ما مؤنثة ، وإن ذكرت جاز ، أما قول
أبي النجم :
الله نجاك بكفي مسلمت من بعدما وبعدما وبعدمت
صارت نفوس القوم عند الغلصمت وكادت الحرة أن تدعى أمت
فإنه أراد وبعدما فأبدل الألف هاء كما قال الراجز :
من هاهنا ومن هنه
فلما صارت في التقدير وبعدمه أشبهت الهاء هاهنا هاء التأنيث في نحو
مسلمة وطلحة ، وأصل تلك إنما هو التاء ; فشبه الهاء في وبعدمه بهاء التأنيث فوقف عليها بالتاء كما يقف على ما أصله التاء بالتاء في مسلمت والغلصمت ; فهذا قياسه ، كما قال
أبو وجزة :
العاطفونت حين ما من عاطف والمفضلون يدا إذا ما أنعموا
أراد : العاطفونه ، ثم شبه هاء الوقف بهاء التأنيث التي أصلها التاء ، فوقف بالتاء كما يقف على هاء التأنيث بالتاء . وحكى
ثعلب وغيره : مويت ماء حسنة ، بالمد ، لمكان الفتحة من ما ، وكذلك لا أي عملتها ، وزاد الألف في ما لأنه قد جعلها اسما ، والاسم لا يكون على حرفين وضعا ، واختار الألف من حروف المد واللين لمكان الفتحة ، قال : وإذا نسبت إلى ما قلت مووي . وقصيدة ماوية ومووية : قافيتها ما . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي عن
الرؤاسي : هذه قصيدة مائية وماوية ولائية ولاوية ويائية وياوية ، قال : وهذا أقيس .
الجوهري : ما حرف يتصرف على تسعة أوجه : الاستفهام نحو ما عندك ؟ . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12988ابن بري : ما يسأل بها عما لا يعقل وعن صفات من يعقل ، يقول : ما
عبد الله ؟ فتقول : أحمق أو عاقل . قال
الجوهري : والخبر نحو : رأيت ما عندك وهو بمعنى الذي ، والجزاء نحو : ما يفعل أفعل ، وتكون تعجبا نحو : ما أحسن
زيدا ، وتكون مع الفعل في تأويل المصدر نحو : بلغني ما صنعت أي صنيعك ، وتكون نكرة يلزمها النعت نحو : مررت بما معجب لك أي بشيء معجب لك ، وتكون زائدة كافة عن العمل نحو : إنما
زيد منطلق ، وغير كافة نحو قوله تعالى :
فبما رحمة من الله لنت لهم ، وتكون نفيا نحو : ما خرج
زيد وما زيد خارجا ، فإن جعلتها حرف نفي لم تعملها في لغة أهل
نجد لأنها دوارة ، وهو القياس ، وأعملتها في لغة أهل
الحجاز تشبيها بليس ، تقول : ما زيد خارجا وما هذا بشرا ، وتجيء محذوفة منها الألف إذا ضممت إليها حرفا نحو : لم وبم وعم يتساءلون ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12988ابن بري : صوابه أن يقول : وتجيء ما الاستفهامية محذوفة إذا ضممت إليها حرفا جارا . التهذيب : إنما قال النحويون أصلها ما منعت إن من العمل ، ومعنى إنما إثبات لما يذكر بعدها ونفي لما سواه كقوله :
وإنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي ; المعنى ما يدافع عن أحسابهم إلا أنا أو من هو مثلي ، والله أعلم . التهذيب : قال أهل العربية : ما إذا كانت اسما فهي لغير المميزين من الإنس والجن ، ومن تكون للمميزين ، ومن العرب من يستعمل ما في موضع من ، من ذلك قوله - عز وجل - :
ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف ، التقدير : لا تنكحوا من نكح آباؤكم ، وكذلك قوله :
فانكحوا ما طاب لكم من النساء [ ص: 6 ] ، معناه : من طاب لكم ، وروى
سلمة عن
الفراء : قال
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي تكون ما اسما ، وتكون جحدا ، وتكون استفهاما ، وتكون شرطا ، وتكون تعجبا ، وتكون صلة ، وتكون مصدرا . وقال
محمد بن يزيد : وقد تأتي ما تمنع العامل عمله ، وهو كقولك : كأنما وجهك القمر ، وإنما
زيد صديقنا . قال
أبو منصور : ومنه قوله تعالى :
ربما يود الذين كفروا ، رب وضعت للأسماء فلما أدخل فيها ما جعلت للفعل ، وقد توصل ما برب وربت فتكون صلة كقوله :
ماوي يا ربتما غارة شعواء كاللذعة بالميسم
يريد يا ربت غارة ، وتجيء ما صلة يريد بها التوكيد كقول الله - عز وجل - :
فبما نقضهم ميثاقهم ، المعنى فبنقضهم ميثاقهم ، وتجيء مصدرا كقول الله - عز وجل - :
فاصدع بما تؤمر ; أي فاصدع بالأمر ، وكقوله - عز وجل - :
ما أغنى عنه ماله وما كسب ، أي : وكسبه ، وما التعجب كقوله :
فما أصبرهم على النار ، والاستفهام بما كقولك : ما قولك في كذا ؟ والاستفهام بما من الله لعباده على وجهين : هو للمؤمن تقرير ، وللكافر تقريع وتوبيخ ، فالتقرير كقوله - عز وجل - لموسى :
وما تلك بيمينك ياموسى قال هي عصاي قرره الله أنها عصا كراهة أن يخافها إذا حولها حية ، والشرط كقوله - عز وجل - :
ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له ، والجحد كقوله :
ما فعلوه إلا قليل منهم ، وتجيء ما بمعنى أي : كقول الله - عز وجل - :
ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها ، المعنى يبين لنا أي شيء لونها ، وما في هذا الموضع رفع لأنها ابتداء ومرافعها قوله لونها ، وقوله تعالى :
أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ، وصل الجزاء بما ، فإذا كان استفهاما لم يوصل بما وإنما يوصل إذا كان جزاء ، وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي قول
حسان :
إن يكن غث من رقاش حديث فبما يأكل الحديث السمينا
قال : فبما أي : ربما . قال
أبو منصور : وهو معروف في كلامهم قد جاء في شعر
الأعشى وغيره . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري في قوله - عز وجل - :
عما قليل ليصبحن نادمين . قال : يجوز أن يكون معناه عن قليل وما توكيد ، ويجوز أن يكون المعنى عن شيء قليل وعن وقت قليل فيصير ما اسما غير توكيد ، قال : ومثله مما خطاياهم ، يجوز أن يكون من إساءة خطاياهم ومن أعمال خطاياهم ، فنحكم على ما من هذه الجهة بالخفض ، ونحمل الخطايا على إعرابها ، وجعلنا ما معرفة لإتباعنا المعرفة إياها أولى وأشبه . وكذلك
فبما نقضهم ميثاقهم ، معناه : فبنقضهم ميثاقهم ، وما توكيد ، ويجوز أن يكون التأويل فبإساءتهم نقضهم ميثاقهم . والماء ، الميم ممالة والألف ممدودة : حكاية أصوات الشاء ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذو الرمة :
لا ينعش الطرف إلا ما تخونه داع يناديه ، باسم الماء ، مبغوم
وماء : حكاية صوت الشاة مبني على الكسر . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : باتت الشاء ليلتها ما ما وماه وماه ، وهو حكاية صوتها . وزعم
الخليل أن مهما ما ضمت إليها ما لغوا ، وأبدلوا الألف هاء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : يجوز أن تكون كإذ ضم إليها ما ; وقول
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت :
إما تري رأسي تغير لونه شمطا ، فأصبح كالنغام المخلس
يعني إن تري رأسي ، ويدخل بعدها النون الخفيفة والثقيلة كقولك : إما تقومن أقم وتقوما ، ولو حذفت ما لم تقل إلا إن لم تقم أقم ولم تنون ، وتكون إما في معنى المجازاة لأنه إن قد زيد عليها ما ، وكذلك مهما فيها معنى الجزاء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12988ابن بري : وهذا مكرر يعني قوله : إما في معنى المجازاة ومهما . وقوله في الحديث : "
أنشدك بالله لما فعلت كذا " ، أي : إلا فعلته ، وتخفف الميم وتكون ما زائدة ، وقرئ بهما قوله تعالى :
إن كل نفس لما عليها حافظ ، أي : ما كل نفس إلا عليها حافظ وإن كل نفس لعليها حافظ .