منن : منه يمنه منا : قطعه . والمنين : الحبل الضعيف . وحبل منين : مقطوع ، وفي التهذيب : حبل منين إذا أخلق وتقطع ، والجمع أمنة ومنن . وكل حبل نزح به أو متح منين ، ولا يقال للرشاء من الجلد منين . والمنين : الغبار ، وقيل : الغبار الضعيف المنقطع ، ويقال للثوب الخلق . والمن : الإعياء والفترة . ومننت الناقة : حسرتها . ومن الناقة يمنها منا ومننها ومنن بها : هزلها من السفر ، وقد يكون ذلك في الإنسان . وفي الخبر : أن أبا كبير غزا مع تأبط شرا فمنن به ثلاث ليال أي أجهده وأتعبه . والمنة ، بالضم : القوة ، وخص بعضهم به قوة القلب . يقال : هو ضعيف المنة ، ويقال : هو طويل الأمة حسن السنة قوي المنة ، الأمة : القامة ، والسنة : الوجه ، والمنة : القوة . ورجل منين أي ضعيف ، كأن الدهر منه أي ذهب بمنته أي بقوته ، قال : ذو الرمة
منه السير أحمق
أي أضعفه السير . والمنين : القوي . والمنين : الضعيف ; عن ، من الأضداد ، وأنشد : ابن الأعرابييا ريها ، إن سلمت يميني وسلم الساقي الذي يليني
ولم تخني عقد المنين
ومنه السير يمنه منا : أضعفه وأعياه . ومنه يمنه منا : نقصه . أبو عمرو : الممنون الضعيف ، والممنون القوي . وقال ثعلب : المنين الحبل القوي ، وأنشد لأبي محمد الأسدي :إذا قرنت أربعا بأربع إلى اثنتين في منين شرجع
من رأيت المنون عزين أم من ذا عليه من أن يضام خفير
أمن المنون وريبه تتوجع والدهر ليس بمعتب من يجزع
أمن المنون وريبه تتوجع
وأنشد الجوهري للأعشى :أأن رأت رجلا أعشى أضر به ريب المنون ، ودهر متبل خبل
من رأيت المنون عزين
أراد المنايا فلذلك جمع الفعل . والمنون : المنية لأنها تقطع المدد وتنقص العدد . قال الفراء : والمنون مؤنثة ، وتكون واحدة وجمعا . قال : المنون الدهر ، وهو اسم مفرد ، وعليه قوله تعالى : ابن بري نتربص به ريب المنون ، أي حوادث الدهر ، ومنه قول أبي ذؤيب :أمن المنون وريبه تتوجع
قال : أي من الدهر وريبه ، ويدل على صحة ذلك قوله :[ ص: 135 ]
والدهر ليس بمعتب من يجزع
فأما من قال : وريبها فإنه أنث على معنى الدهور ، ورده على عموم الجنس كقوله تعالى : أو الطفل الذين لم يظهروا ، وكقول أبي ذؤيب :فالعين بعدهم كأن حداقها
وكقوله - عز وجل - : ثم استوى إلى السماء فسواهن ، وكقول الهذلي :تراها الضبع أعظمهن رأسا
قال : ويدلك على أن المنون يراد بها الدهور قول الجعدي :وعشت تعيشين إن المنو ن كان المعايش فيها خساسا
فحينا أصادف غراتها وحينا أصادف فيها شماسا
غلام وغى تقحمها فأبلى فخان بلاءه الدهر الخئون
فإن على الفتى الإقدام فيها وليس عليه ما جنت المنون
فخان بلاءه الدهر الخئون
قال : ومن هذا قول : كعب بن مالك الأنصاريأنسيتم عهد النبي إليكم ولقد ألظ وأكد الأيمانا
أن لا تزالوا ما تغرد طائر أخرى المنون مواليا إخوانا
وكل فتى ، وإن أمشى وأثرى ستخلجه عن الدنيا المنون
أي شيء دهاك أو غال مرعا ك وهل أقدمت عليك المنون ؟
تمخضت المنون له بيوم أنى ولكل حاملة تمام
لقوا أم اللهيم فجهزتهم غشوم الورد نكنيها المنونا
سلط الموت والمنون عليهم فهم في صدى المقابر هام
أعطاك يا زيد الذي يعطي النعم
من غير ما تمنن ولا عدم
بوائكا لم تنتجع مع الغنم
وفي المثل : كمن الغيث على العرفجة ، وذلك أنها سريعة الانتفاع بالغيث ، فإذا أصابها يابسة اخضرت ، يقول : أتمن علي كمن الغيث على العرفجة ؟ وقالوا : من خيره يمنه منا فعدوه ، قال :كأني ; إذ مننت عليك خيري مننت على مقطعة النياط
غبسا كواسب لا يمن طعامها
قال : وهذا الشعر في نسخة ابن بري من الصحاح : ابن القطاعحتى إذا يئس الرماة ، وأرسلوا غبسا كواسب لا يمن طعامها
حتى إذا يئس الرماة ، وأرسلوا غضفا دواجن قافلا أعصامها
لمعفر قهد تنازع شلوه غبس كواسب لا يمن طعامها
إن الذين يسوغ في أحلاقهم زاد يمن عليهم للئام
وما دهري بمنينى ، ولكن جزتكم ، يا بني جشم ، الجوازي
قد ينشط الفتيان بعد المن
التهذيب عن قال : من تكون اسما ، وتكون جحدا ، وتكون استفهاما ، وتكون شرطا ، وتكون معرفة ، وتكون نكرة ، وتكون للواحد والاثنين والجمع ، وتكون خصوصا ، وتكون للإنس والملائكة والجن ، وتكون للبهائم إذا خلطتها بغيرها ، وأنشد الكسائي الفراء فيمن جعلها اسما هذا البيت :فضلوا الأنام ، ومن برا عبدانهم وبنوا بمكة زمزما وحطيما
تعال فإن عاهدتني لا تخونني نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
لسنا كمن حلت إياد دارها تكريت تنظر حبها أن يحصدا فأنث فعل من لأنه حمله على المعنى لا على اللفظ ، قال : والبيت رديء لأنه أبدل من قبل أن يتم الاسم ، قال : ولها أربعة مواضع : الاستفهام نحو من عندك ؟ والخبر نحو : رأيت من عندك ، والجزاء نحو : من يكرمني أكرمه ، وتكون نكرة نحو : مررت بمن محسن أي بإنسان محسن ، قال بشير بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري :
وكفى بنا فضلا ، على من غيرنا حب النبي محمد إيانا
أتوا ناري فقلت : منون أنتم ؟ فقالوا : الجن ! قلت : عموا ظلاما !
فرحلوها رحلة فيها رعن حتى أنخناها إلى من ومن
يا فاصل الخطة أعيت من ومن
قال ابن الأثير : هذا كما يقال أعيا هذا الأمر وفلانا وفلانا عند المبالغة والتعظيم أي أعيت كل من جل قدره فحذف ، يعني أن ذلك مما تقصر العبارة عنه لعظمه كما حذفوها من قولهم : بعد اللتيا والتي ، استعظاما لشأن المخلوق . وقوله في الحديث : " " ; أي ليس على سيرتنا ومذهبنا والتمسك بسنتنا ، كما يقول الرجل : أنا منك وإليك ، يريد المتابعة والموافقة ، ومنه الحديث : " من غشنا فليس منا " ، وقد تكرر أمثاله في الحديث بهذا المعنى ، وذهب بعضهم إلى أنه أراد به النفي عن دين الإسلام ، ولا يصح . قال ليس منا من حلق وخرق وصلق : من اسم بمعنى الذي ، وتكون للشرط وهم اسم مغن عن الكلام الكثير المتناهي في البعاد والطول ، وذلك أنك إذا قلت من يقم أقم معه كفاك ذلك من جميع الناس ، ولولا هو لاحتجت أن تقول إن يقم زيد أو عمرو أو جعفر أو قاسم ونحو ذلك ، ثم تقف حسيرا مبهورا ولما تجد إلى غرضك سبيلا ، فإذا قلت من عندك أغناك ذلك عن ذكر الناس ، وتكون للاستفهام المحض ، وتثنى وتجمع في الحكاية كقولك : منان ومنون ومنتان ومنات ، فإذا وصلت فهو في جميع ذلك مفرد مذكر ، وأما قول ابن سيده شمر بن الحارث الضبي :أتوا ناري فقلت : منون ؟ قالوا : سراة الجن ! قلت : عموا ظلاما !
وأسماء ، ما أسماء ليلة أدلجت إلي ، وأصحابي بأي وأينما
أرواح مودع أم بكور أنت ، فانظر لأي حال تصير
جادت بكفي كان من أرمى البشر
فقد روي من أرمى البشر ، بفتح ميم من ، أي بكفي من هو أرمى البشر ، وكان على هذا زائدة ، ولو لم تكن فيه هذه الرواية لما جاز القياس عليه لفروده وشذوذه عما عليه عقد هذا الموضع ، ألا تراك لا تقول مررت بوجهه حسن ولا نظرت إلى غلامه سعيد ؟ قال : هذا قول ابن جني ، وروايتنا كان من أرمى البشر أي بكفي رجل كان . الفراء : تكون ( من ) ابتداء غاية ، وتكون بعضا ، وتكون صلة ، قال الله - عز وجل - : وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة ، أي ما يعزب عن علمه وزن ذرة ; ولداية فيه : الأحنفوالله لولا حنف برجله ما كان في فتيانكم من مثله
من عن يمين الحبيا نظرة قبل قال أبو عبيد : والعرب تضع من موضع مذ ، يقال : ما رأيته من سنة أي مذ سنة ، قال زهير :
لمن الديار ، بقنة الحجر أقوين من حجج ومن دهر ؟
أمن آل ليلى عرفت الديارا
أراد ألآل ليلى عرفت الديارا . ومن ، بالكسر : حرف خافض لابتداء الغاية في الأماكن ، وذلك قولك من مكان كذا وكذا إلى مكان كذا وكذا ، وخرجت من بغداد إلى الكوفة ، وتقول إذا كتبت : من فلان إلى فلان ; فهذه الأسماء التي هي سوى الأماكن بمنزلتها ، وتكون أيضا للتبعيض ; تقول : هذا من الثوب ، وهذا الدرهم من الدراهم ، وهذا منهم كأنك قلت بعضه أو بعضهم ، وتكون للجنس كقوله تعالى : فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا . فإن قيل : كيف يجوز أن يقبل الرجل المهر كله وإنما قال منه ؟ فالجواب في ذلك أن من هنا للجنس كما قال تعالى : فاجتنبوا الرجس من الأوثان ، ولم نؤمر [ ص: 138 ] باجتناب بعض الأوثان ، ولكن المعنى : فاجتنبوا الرجس الذي هو وثن ، وكلوا الشيء الذي هو مهر ، وكذلك قوله - عز وجل - : وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما . قال : وقد تدخل في موضع لو لم تدخل فيه كان الكلام مستقيما ولكنها توكيد بمنزلة ما إلا أنها تجر لأنها حرف إضافة ، وذلك قولك : ما أتاني من رجل ، وما رأيت من أحد ، لو أخرجت من كان الكلام مستقيما ، ولكنه أكد بمن لأن هذا موضع تبعيض ، فأراد أنه لم يأته بعض الرجال ، وكذلك ويحه من رجل ! إنما أراد أن يجعل التعجب من بعض ، وكذلك : لي ملؤه من عسل ، وهو أفضل من زيد ، إنما أراد أن يفضله على بعض ولا يعم ، وكذلك إذا قلت أخزى الله الكاذب مني ومنك إلا أن هذا وقولك أفضل منك لا يستغنى عن من فيهما ، لأنها توصل الأمر إلى ما بعدها . قال الجوهري : وقد تدخل من توكيدا لغوا ، قال : قال الأخفش ومنه قوله تعالى : وترى الملائكة حافين من حول العرش ، وقال : ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ، إنما أدخل من توكيدا كما تقول رأيت زيدا نفسه . وقال في استشهاده بقوله تعالى : ابن بري فاجتنبوا الرجس من الأوثان ، قال من للبيان والتفسير وليست زائدة للتوكيد لأنه لا يجوز إسقاطها بخلاف ويحه من رجل . قال الجوهري : وقد تكون من للبيان والتفسير كقولك لله درك من رجل ، فتكون من مفسرة للاسم المكني في قولك درك وترجمة عنه . وقوله تعالى : وينزل من السماء من جبال فيها من برد ; فالأولى لابتداء الغاية ، والثانية للتبعيض ، والثالثة للبيان . ابن سيده : قال : وأما قولك رأيته من ذلك الموضع فإنك جعلته غاية رؤيتك كما جعلته غاية ; حيث أردت الابتداء والمنتهى . قال سيبويه اللحياني : فإذا لقيت النون ألف الوصل فمنهم من يخفض النون فيقول من القوم ومن ابنك . وحكي عن طيء وكلب : اطلبوا من الرحمن ، وبعضهم يفتح النون عند اللام وألف الوصل فيقول من القوم ومن ابنك ، قال : وأراهم إنما ذهبوا في فتحها إلى الأصل لأن أصلها إنما هو منا ، فلما جعلت أداة حذفت الألف وبقيت النون مفتوحة ، قال : وهي في قضاعة ، وأنشد عن بعض الكسائي قضاعة :بذلنا مارن الخطي فيهم وكل مهند ذكر حسام
منا أن ذر قرن الشمس حتى أغاث شريدهم فنن الظلام
حتى تلاقي الذي يمني لك الماني
أي يقدر لك المقدر ، فكأنه تقدير ذلك الوقت وموازنته أي من أول النهار لا يزيد ولا ينقص . قال : قالوا من الله ومن الرسول ومن المؤمنين ففتحوا ، وشبهوها بأين وكيف ، يعني أنه قد كان حكمها أن تكسر لالتقاء الساكنين ، لكن فتحوا لما ذكر ، قال : وزعموا أن ناسا يقولون من الله فيكسرونه ويجرونه على القياس ، يعني أن الأصل في كل ذلك أن تكسر لالتقاء الساكنين ، قال : وقد اختلفت العرب في من إذا كان بعدها ألف وصل غير الألف واللام ، فكسره قوم على القياس ، وهي أكثر في كلامهم وهي الجيدة ، ولم يكسروا في ألف اللام لأنها مع ألف اللام أكثر ; إذ الألف واللام كثيرة في الكلام تدخل في كل اسم نكرة ، ففتحوا استخفافا فصار من الله بمنزلة الشاذ ، وكذلك قولك من ابنك ومن امرئ ، قال : وقد فتح قوم فصحاء فقالوا : من ابنك ، فأجروها مجرى قولك من المسلمين ، قال سيبويه أبو إسحاق : ويجوز حذف النون من من وعن عند الألف واللام لالتقاء الساكنين ، وحذفها من من أكثر من حذفها من عن لأن دخول من في الكلام أكثر من دخول عن ، وأنشد :أبلغ أبا دختنوس مألكة غير الذي قد يقال م الكذب
ألا أبلغ بني عوف رسولا فما م الآن في الطير اعتذار