صفحة جزء
( 2410 ) مسألة : قال : ( وكذلك شجره ونباته ، إلا الإذخر ، وما زرعه الإنسان ) أجمع أهل العلم على تحريم قطع شجر الحرم ، وإباحة أخذ الإذخر ، وما أنبته الآدمي من البقول والزروع والرياحين . حكى ذلك ابن المنذر ، والأصل فيه ما روينا من حديث ابن عباس . وروى أبو شريح ، وأبو هريرة [ ص: 169 ] نحوا من حديث ابن عباس ، وكلها متفق عليها .

وفي حديث أبي هريرة : { ألا وإنها ساعتي هذه حرام ، لا يختلى شوكها ، ولا يعضد شجرها } . وفي حديث أبي شريح ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ، قال : { إن مكة حرمها الله ، ولم يحرمها الناس ، فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ، ولا يعضد بها شجرة } . وروى الأثرم حديث أبي هريرة ، في ( سننه ) ، وفيه : { لا يعضد شجرها ، ولا يحتش حشيشها ، ولا يصاد صيدها } . فأما ما أنبته الآدمي من الشجر ، فقال أبو الخطاب ، وابن عقيل : له قلعه من غير ضمان ، كالزرع .

وقال القاضي : ما نبت في الحل ، ثم غرس في الحرم ، فلا جزاء فيه ، وما نبت أصله في الحرم . ففيه الجزاء بكل حال . وقال الشافعي : في شجر الحرم الجزاء بكل حال ، أنبته الآدميون ، أو نبت بنفسه ; لعموم قوله عليه السلام : { لا يعضد شجرها } . ولأنها شجرة نابتة في الحرم ، أشبه ما لم ينبته الآدميون .

وقال أبو حنيفة : لا جزاء فيما ينبت الآدميون جنسه ، كالجوز واللوز والنخل ونحوه ، ولا يجب فيما ينبته الآدمي من غيره ، كالدوح والسلم والعضاه ; لأن الحرم يختص تحريمه ما كان وحشيا من الصيد ، كذلك الشجر . وقول الخرقي : ( وما زرعه الإنسان ) يحتمل اختصاصه بالزرع دون الشجر ، فيكون كقول الشافعي .

ويحتمل أن يعم جميع ما يزرع ، فيدخل فيه الشجر ، ويحتمل أن يريد ما ينبت الآدميون جنسه . والأولى الأخذ بعموم الحديث في تحريم الشجر كله ، بقوله عليه السلام : { لا يعضد شجرها . } إلا ما أنبته الآدمي من جنس شجرهم ، بالقياس على ما أنبتوه من الزرع ، والأهلي من الحيوان ، فإننا إنما أخرجنا من الصيد ما كان أصله إنسيا ، دون ما تأنس من الوحشي ، كذا هاهنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية