ص ( وإنما تصح من أهل التوكيل والتوكل )
ش : يعني أنه
يشترط في صحة عاقدي الشركة أن يكونا من أهل التوكيل والتوكل هكذا قال
ابن شاس nindex.php?page=showalam&ids=12671وابن الحاجب قال
ابن عرفة : وقبله
ابن عبد السلام وغيره وكلهم تبعوا الوجيز ويرد بوجوب زيادة وأهلية البيع ; لأن كلا منهما بائع لصاحبه نصف ماله ولا يستلزمها أهلية الوكالة لجواز توكيل الأعمى اتفاقا وتوكله وتقدم الخلاف في صحة كونه بائعا انتهى وذكره
ابن غازي كالمنكت به على
المصنف ( قلت ) : ولا يحتاج
المصنف إلى زيادة أهلية البيع ; لأن بيع الأعمى جائز على المشهور
والمصنف إنما يفرع عليه نعم لو اقتصروا على أحد اللفظين فقالوا : من أهل التوكيل والتوكل ، أو قالوا : من أهل الوكالة لكان أنسب بالاختصار فقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب في باب الوكالة : من جاز أن يتصرف لنفسه جاز أن يوكل وأن يتوكل إلا لمانع وقبله
ابن عرفة ، وقال : وقول
ابن شاس من جاز تصرفه لنفسه جاز كونه وكيلا إلا لمانع ، ومسائل المذهب واضحة به انتهى .
( فإن قلت ) : قد يجوز للشخص أن يوكل ولا يجوز له أن يتوكل كالذمي يجوز توكيله ولا يجوز أن يتوكل على مسلم وكالعدو فإنه لا يصح توكيله على عدوه كما أشار إلى ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب وابن شاس بقولهما : إلا لمانع على ما قال
ابن عبد السلام فلعل
المصنف أراد إخراج ذلك من الشركة أيضا
( قلت ) : أما أولا فعلى تسليمه فكان يمكنهم أن يقتصروا على قولهم من أهل التوكل ; لأنه يستلزم أن يكون من أهل التوكيل على ما قررتم وأما ثانيا فلا نسلم أن الذمي والعدو ليسا من أهل التوكل ; لأن توكيلهما إنما يمتنع بالنسبة إلى بعض الأشخاص فقط ، وأيضا فلا يحتاج إلى ذلك في هذا الباب ; لأن الظاهر في مشاركة العدو أنها جائزة وأما مشاركة الذمي فالظاهر من كلامه في المدونة أنها صحيحة ، وإن كانت لا تصح ابتداء قال فيها في كتاب الشركة : ولا يصح لمسلم أن يشارك ذميا إلا أن لا يغيب الذمي على بيع ، ولا شراء ، ولا قضاء ، ولا اقتضاء إلا بحضرة المسلم انتهى .
قال
ابن عرفة بعد ذكره كلام المدونة
اللخمي : فإن وقع استحب صدقته بربحه إن شك في عمله بالربا وبجميع ماله إن شك في عمله به في خمر وإلا لم يكن عليه شيء انتهى .
قوله : وإلا لم يكن عليه شيء أي وإن علم سلامته من عمل الربا ، وتجر الخمر فلا شيء عليه كذا قال
اللخمي ، ونقله
القرافي ، والظاهر أن حكم مشاركة المسلم الذي لا يحافظ على دينه في التصديق بالربح كذلك ، وانظر إذا تحقق عمله بالربا ، أو في الخمر ما الحكم هل يجب التصدق أو يستحب أيضا ؟ والظاهر الوجوب لما سيأتي في الوكالة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري فمقتضى هذا أن الشركة صحيحة بل وجائزة إذا لم يغب الذمي على البيع والشراء ، وصرح بذلك في الشامل فقال : وكرهت مشاركة ذمي ومتهم في دينه إن تولى البيع والشراء وإلا جاز ، وعلى ما ذكر في السؤال تكون مشاركة الذمي غير
[ ص: 119 ] صحيحة ، وكذلك مشاركة العدو وهو خلاف المفهوم مما تقدم فتأمله ، والله أعلم .
( تنبيهات الأول ) قال في التوضيح : فإن قيل : قد قالوا إن الذمي لا يوكل على مسلم فهل يأتي هنا أي في باب الشركة أنه لا يشاركه ؟ قيل : لا يبعد فقد قال
ابن حبيب لا ينبغي للحافظ لدينه أن يشارك إلا أهل الدين ، والأمانة ، والتوقي للخيانة ، والربا ، والتخليط في التجارة ، ولا يشارك يهوديا ولا نصرانيا ولا مسلما فاجرا إلا أن يكون هو الذي يتولى البيع والشراء ، وإنما للآخر فيه البطش والعمل انتهى .
ونحوه
لابن عبد السلام ( قلت ) : وكأنهما لم يقفا على كلام المدونة المتقدم قال
ابن عرفة بعد نقله كلام المدونة المتقدم : ويستشكل بأن الشركة ملزومة للبيع فيلزم عليه أن يشترط في بيع المسلم للذمي شيئا أن لا يبيعه الذمي إلا بحضرة المسلم قال : ويجاب بأن ما ذكر في الشركة من عدم غيبته على البيع معتبر وقوعه لا أنه شرط ، وإن سلم اشتراطه فإنما هو لكونه وكيلا لا لكونه مبتاعا انتهى .
بالمعنى ( الثاني ) قال بعضهم كيف أجاز
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك شركة المسلم للذمي بشرط أن لا يغيب الذمي على بيع ولا شراء ومنع الشركة إذا شرط أحد الشريكين أن يمسك رأس المال ؟ فأجاب بعضهم بأن الشرط في مسألة الذمي بعد العقد ، وهذا ليس بظاهر ، وقال بعضهم : الفرق بينهما ظاهر ; لأنه في مسألة الذمي لم يخرج المال من يده بالكلية بخلاف المسألة الأخرى ( الثالث ) قال في التوضيح في قول
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب المتقدم : إلا لمانع أي من الموانع المتقدمة في الحجر انتهى .
وليس هذا مراده ; لأن موانع الحجر قد دخلت في مفهوم قوله : من جاز تصرفه لنفسه جاز أن يوكل ، أو يتوكل ، وإنما مراده المانع المختص بهذا الباب ، وهو ما ذكره إثره من كون الوكيل ذميا ، ومن كونه عدوا للموكل عليه كما قدمناه ، وأما ما حمله عليه
المؤلف فربما يوهم أن المانع من الحجر مستثنى من المانع في الوكالة فتأمله ، ولهذا قال
ابن عبد السلام في شرح قول
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب إثر الكلام المتقدم : وفيها لا يوكل الذمي إلى آخره لما استثنى
المؤلف في المسألة السابقة فقال إلا : لمانع احتاج أن يبين المانع ما هو ؟ إلخ كلامه ويوضح ذلك كلام الذخيرة فإنه قال : الركن الأول الموكل قال في الجواهر : من جاز تصرفه لنفسه جاز له الاستنابة ثم تكلم عليه نحو الخمسة أسطر ثم قال : الركن الثاني الوكيل قال في الجواهر : من جاز له أن يتصرف لنفسه جاز له أن ينوب فيه عن غيره إذا كان قابلا للاستنابة إلا أن يمنع مانع فقد منع في الكتاب توكيل الذمي إلى آخره .