الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العجز عن الوفاء بمتطلبات الأهل من الناحية المادية وعلاج ذلك

السؤال

وضعي المادي لا يسمح بتربية إخوتي والصرف عليهم كما يجب، وبالتالي كثرت همومي، ولم أستطع التفكير جيداً، وأصبحت تائهاً!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الصديق -حفظه الله-.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يوفقك للخير، وأن يهيئ لك من أمرك رشداً، وأن يرزقنا وإياك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

لقد جاء في الحديث الشريف: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)، فالسعيد أخي الحبيب من رضي بما قسم الله له، وعلى الإنسان أن يسعى ويجتهد، وليس عليه إدراك النجاح، فالإنسان لا يعرف أين يكون الخير، والله تبارك وتعالى يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب، ولكن الدين والصلاح والسعادة لا ينالها إلا من أحبه الله .

ثم اعلم أن من أسباب تحصيل الرزق غير الأسباب المادية المعروفة تقوى الله تعالى، ولهذا قال تعالى: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ))[الطلاق:2-3]، وقال تعالى: ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا))[نوح:10-12].

أخي الكريم، أوصيك بمجموعة من الوصايا فيما يخص مشكلتك:

أولاً: استعن بالله تعالى ولا تعجز، وأكثر من دعاء الله تعالى أن يرزقك الرزق الحلال، وأن يجعله معيناً لك على طاعته جل وعلا.

ثانياً: لا تكلف نفسك ما لا تطيق، ففي النهاية أنت بشر، ولا تستطيع فعل ما لا تقدر عليه، وإذا كان إخوانك يكلفونك فوق طاقتك فاشرح لهم بطريق غير مباشر أنك لا تستطيع تلبية كل رغباتهم .. ورغبهم في القناعة وعدم النظر إلى من هو أعلى منا في الدنيا.

ثالثاً: حاول إزالة الهموم من قلبك عن طريق الاسترخاء، والخروج إلى الحدائق وممارسة الرياضة، وأكثر أولاً وأخيراً من الصلاة والدعاء وتلاوة القرآن ففيها راحة الروح والجسم .

رابعاً: اعلم أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فالأرزاق مقسمة، وعند الله مفاتيح خزائن السماوات والأرض.

خامساً: كثرة الهموم تجعل الذهن مشتتاً، والتفكير شبه مشلول، لهذا استرخ على كرسي مريح، وأحضر ورقة وقلماً، وحدد متطلبات الحياة الأساسية التي تطلبها أنت ويطلبها إخوانك، رتب المتطلبات حسب الأولويات، وقدم الأهم على المهم، وإذا دعاك تقديم الأهم على المهم إلى الاعتذار لأحد إخوانك عن تلبية متطلبه لفترة محدودة فافعل ذلك، وعليك بالرفق في ذلك.

سادساً: استعن بالأصدقاء والأقارب إن وجدوا لإيجاد حلول أخرى إن استطعت ذلك.

سابعاً: احرص على عدم النظر لمن هو أعلى منك في الدنيا، فإن مناصب الدنيا زائلة، وإنما هي أيام ثم نمضي للآخرة، وقد جاء في الحديث: (انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم)، وأحسن الشاعر حين قال:

هي القناعة لا تبغي بها بدلاً فيها العفاف وفيها راحة البدن
انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن


نسأل الله أن يوسع عليكم، وأن يفتح لك أبواب الرزق، وأن يرزقنا وإياكم الهدى والتقى والعفاف والغنى.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً