الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس الخوف من الأمراض وكيفية التخلص منها

السؤال

السلام عليكم

أود أن أشكركم على العمل الذي تقومون به وأدعو الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.

عندي بعض الأعراض تتمثل في آلام خفيفة في عظام القفص الصدري، وأحس بدغدغة، أو بعبارة أخرى كأن حشرات تمشي فوق القفص الصدري، وتظهر أحياناً عند الاستحمام.

عند السفر لمسافة طويلة بالسيارة أحس عند النزول منها بضيق، وكأن صدري مملوء بالهواء، وآلام في الركبتين.

لدي مشكلة وهي الوسواس المرضي، وهي الخوف من الأمراض وخاصة الأمراض الخبيثة؛ لذا أكره زيارة الطبيب وأخاف أن أكون مصاباً بمرض، وتنتابني نوبة من الكآبة والحزن عندما أسمع بوفاة أحد أو إصابته بمرض خطير، وأعاني من القلق والخوف من المستقبل مما أثر على حياتي خاصة بعد تخرجي من الجامعة منذ سنتين، فأصبحت أخشى مقابلة الناس والأصدقاء خوفاً من سؤال: ماذا تعمل؟! فهذا السؤال عندما يطرح علي يحزنني ويدخلني في دوامة من الحزن، والحزن على الماضي وخاصة عندما أرى بعض الأصدقاء من هم الآن هم بعمل وسيارات وعائلة وأنا ما زلت أبحث عن عمل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد المحمدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قد قمت بتفحص هذه الأعراض التي أوردتها في رسالتك فوجدتها جميعاً تدور حول أمر واحد، وهو أنك تعاني من قلق المخاوف، والحمد لله أن حالتك لم تصل إلى مرحلة اكتئاب نفسي حقيقي، وأعرف أن قلق المخاوف يسبب إزعاجاً للإنسان، ولكنه ليس خطيراً، وهو أقل في حدته وشدته وآثاره السلبية من مرض الاكتئاب النفسي الحقيقي.

أهم علاج هو أن تضع صورة إيجابية عن نفسك، المخاوف والقلق حينما يأتي الإنسان يجعله يتصور الأمور بظلامية شديدة للدرجة التي يقلل الإنسان من شأن نفسه وتكون نظرته نحو الماضي والحاضر والمستقبل سلبية جدّاً.

يجب أن تبني صورة إيجابية عن نفسك، أبحث في إنجازاتك وما استطعت أن تقدمه لنفسك وللآخرين في هذه الحياة حتى وإن كان بسيطاً يجب أن يعطيك الشعور بالرضى. وتقييم الذات على أسس صحيحة ومنصفة وبموضوعية ومصداقية مهم جدّاً؛ لأن ذلك يتيح للإنسان فرصة لأن يقبل ذاته، وبعد أن يقبل الإنسان ذاته بالطبع يجب أن يسعى لتطويرها وتصحيح المسارات والأخطاء واستبدال كل ما هو سلبي بما هو إيجابي.

الخوف يجب أن يحقر ويجب أن يتم تجاهله، وهذا ليس بالصعب أخي الكريم، فقط يتطلب نوع من التأمل الفكري والمعرفي الداخلي.

الإنسان يسأل نفسه: (لماذا أخاف، ومم أخاف؟ أنا في كنف الله وفي حرزه وفي حفظه). مثل هذا النوع من التفكير والتأمل يساعد كثيراً في زوال الخوف.

المخاوف من الأمراض – خاصة الخبيثة منها – هو أمر في نظرنا ناشئ من البيئة؛ لأن هذه الأمراض قد كثرت، نسأل الله تعالى أن يحفظ الجميع، ومهما تقدم الطب إلا أن المحدودية لازالت تشوب الإمكانيات الطبية في مواجهة هذه الأمراض.

من أفضل ما سمعت ومن أفضل ما وجدت لرد هذا الخوف هو ما ورد في السنة المطهرة من دعاء وهو: (اللهم إني أعوذ بك من الجذام والبرص والجنون وسيئ الأسقام)، وسيئ الأسقام لا شك أن الأمراض الخبيثة منها، فعليك بهذا الدعاء والأدعية الأخرى المأثورة.

بالنسبة للخوف من المستقبل والقلق، هذا ربما يكون أمراً طبيعياً، لأننا في زمان حدثت فيه متغيرات حياتية واجتماعية كبيرة جدّاً، والإنسان أصبح يقلق حيال معيشته وحيال أبنائه ومشاكل العمل ومشاكل التربية، ولكن الإنسان الفطن حينما يقيم الأمور يجب أن يتذكر دائماً أن المستقبل بيد الله تعالى، وعلى الإنسان أن يسعى وعليه أن يكون متفائلاً وأن يعيش الحياة بأمل ورجاء.

أرجع وأتحدث قليلاً عن أعراضك التي ذكرتها خاصة فيما يخص آلام العظام في القفص الصدري، والشعور بالدغدغة والضيق. هذا نوع من الأعراض الجسدية التي تكون مصاحبة للقلق النفسي، ومثل هذه الحالات قد يسميها البعض حالات نفسوجسدية.

بالنسبة للضيق أيضاً حينما تسافر بالسيارة لمسافات طويلة وعند النزول منها، هذا أيضاً نوعاً من القلق، وربما يكون أيضاً مرتبطاً بالطبع بقلق الأماكن الضيقة، فالسيارة الآن تعتبر مكان ضيق، وهذا أيضاً يسبب بعض الضيق والمخاوف.

أود أن أصف لك علاجاً دوائياً مهماً ومفيداً، وذلك بجانب ما سردته لك من إرشادات، أرى أنها جيدة وطيبة إن شاء الله، أسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

الدواء يعرف تجارياً باسم (سبرالكس CIPRALEX) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام ESCITALOPRAM)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرام ليلاً، يفضل تناولها بعد الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة شهرين، ثم ارفع الجرعة إلى عشرين مليجراماً يومياً لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى عشرة مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم إلى خمسة مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.

هذا الدواء دواء متميز في علاج المخاوف والقلق والتوتر وكذلك الرهاب، وسوف تجد فيه إن شاء الله نفع كبير، أسأل الله تعالى أن يجعل لك فيه خيراً كثيراً.

لا بد أن تطور من مهاراتك الاجتماعية، أكثر من التواصل مع الأصدقاء، مع الأهل والأرحام، مع الطيبين والخيرين من الناس، حاول أن تمارس الرياضة، إدارة الوقت بصورة جيدة هي أيضاً من الفنون المطلوبة ليحس الإنسان بالنجاح ويحس بالرضى.

هذا هو الذي أود أن أذكره لك، وأنا متفاءل إن شاء الله أنك بتناولك للعلاج الذي وصفناه لك وكذلك اتباع الإرشادات السابقة سوف تجد أنك قد تحسنت كثيراً، نسأل الله لك العافية والشفاء.

يمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية حول علاج الخوف من الأمراض سلوكياً : (263760-265121-263420-268738)، وعلاج الخوف من المجهول سلوكياً : (261797-263284).

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً