الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بدأت متأخرًا... فهل أستطيع اللحاق بأحلامي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب لم أنجح في دراستي الثانوية؛ وذلك لأسباب تتعلق بمرحلة المراهقة، والانشغال بملذّات الشباب؛ فلم أكن ملتفتًا للدراسة، ورسبت عدة مرات.

كنت أعلم أن المشكلة ليست في الفهم أو القدرة، بل في أسلوب حياتي حينها، فقد كنت أحب السهر، ومرافقة الأصحاب، والانشغال باللعب، وغير ذلك.

تغيّرت حياتي تمامًا في سن 27، حيث هداني الله، وتزوجت قبل خمس سنوات، أي مع بداية التزامي، ولم أرزق بأطفال حتى الآن، وهذا الأمر زاد من همّي قليلًا، لكنني أحمد الله على كل حال.

الآن لدي طموح عالٍ، وأرغب في التفوق، وأشعر أنني قادر على تحقيق المستحيل، لكن يأتيني هاجس يُضعفني، يقول لي: "أنت الآن في هذا السن، فكيف ستبدأ؟ وإن بدأت، فربما تشيب وأنت ما زلت تدرس أو تبحث عن عمل!"

وفي الوقت نفسه، أريد أن أنجح وأتفوّق، لكن أشعر وكأنني مقيد، لا أستطيع التحرك.

أرجو منكم إفادتي، فأنا محتار وأخاف من الفشل. بارك الله فيكم، وأسألكم الدعاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن الجميل -أيها الحبيب- أن رزقك الله تعالى الطموح، وعلو الهمة، لتتطلع إلى اكتساب المعالي، فعلو الهمة من شرف النفس، وعالي الهمة لا يرضى لنفسه بالدون.

ونحن نشعر بأن الله تعالى يهيئ لك الفرص بما قدره لك من تأخر الإنجاب، لتحقق ما تصبوا إليه نفسك من تدارك لما فات من ماضيك، ونتمنى أن تدرك هذا، وتسارع إلى اغتنام الأوقات ومسابقة الزمن.

لا تحزن لما ذهب منك، فأنت لا تزال في زمن الاستدراك، الحزن على الماضي لن يعيد شيئًا مما ذهب، لكن الجد والمثابرة باتزان واعتدال في الأخذ بأسباب المكرمات سيوصلك -بإذن الله- إلى عالي القمم، أنت -أيها الحبيب- لا تزال في سن مبكرة، وبإمكانك أن تصنع الشيء الكثير، فكثير ممن هم أكبر منك سنًا جدوا في التعلم، فوصلوا إلى أعلى الدرجات العلمية، وهم مع هذا مثقلون بأعباء الحياة، إنك ستستطيع عمل الشيء الكثير إذا أخذت الأمور بجدٍ ولم تكن مجرد أماني، وابدأ أولى الخطوات، وستجد حلاوة الإنجاز تدعوك للمزيد، ولكننا نوصيك بما يلي:-

1- الصبر والمصابرة، فمعالي الأمور لا تنال إلا بالكدر والتعب، وقد قال الشاعر:
والصبر مثل اسمه مر مذاقته *** لكن عواقبه أحلى من العسل.

2- لا تتهيب تحقيق ما تتطلع إليه، فإنه شيء قريب، وبتوجهك إليه والصدق في طلبه سيوصلك الزمن إليه، وخذ بوصية النبي صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ).
واحذر أن تردك بعض الصعاب التي قد تلاقيها عن الوصول إلى الغاية التي تصبو إليها، وقد قال الشاعر:
ومن تكن العلياء همة نفسه **** فكل الذي يلقاه فيها محبب

3- عليك بالتوسط والاعتدال، واحرص أن تكون واقعيًا في أهدافك بما يتناسب مع قدراتك وظروفك، ولا بد من أن تراعي حقوق الآخرين عليك كالزوجة، وكن على ثقة بأنك إذا رسمت طريقك مراعيًا فيها كل هذه القضايا؛ فإنك ستستطيع تحقيق أمانيك -بإذن الله تعالى-.

4- أكثر من مجالسة أصحاب الهمم العالية، واستشارتهم وتجنب صحبة الكسالى والمحبطين، فالصاحب ساحب.

وفقك الله لك خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً