الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي انطوائية وتفكر في الجن كثيراً وترفض الاعتراف أن حالتها نفسية!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أتوجه إليكم بعد الله لطلب المشورة بخصوص حالة أختي البالغة من العمر 25 سنة: أختي انطوائية بشكل ملحوظ، تمضي معظم وقتها في غرفتها، لا تخرج إلا لتناول الطعام، ولا تشارك في أي نشاطات اجتماعية أو مهنية منذ تخرجها، كما أنها لم تحصل على وظيفة حتى الآن.

مؤخرًا بدأت تقرأ بكثرة عن مواضيع مثل المس والعين والجن، ومنذ ذلك الوقت تغير حالها تمامًا، أصبحت تعاني من خوف شديد، ولم تعد قادرة على النوم بمفردها، تدّعي أنها مصابة بالمس، وتبكي كثيرًا بسبب هذا الاعتقاد، رغم أننا لا نلاحظ عليها أي أعراض واضحة أو هلوسات، لكنها ترفض الاعتراف بأن ما تمر به قد يكون حالة نفسية، وتقول إن الأعراض ستظهر لاحقًا وأن الجن سيسيطرون عليها تدريجيًا.

باتت كثيرة التفكير، قليلة الابتسام، تسيطر عليها الهواجس والقلق من المستقبل، خاصة من فكرة الزواج، وتعتقد أنها ستُرفض بسب حالتها، أحيانًا تهدأ، ثم تعاود البكاء والانهيار، عندما ننصحها بالابتعاد عن هذه المواضيع، تغضب وتقول إنها تحاول فقط فهم حالتها.

نحن في حيرة شديدة ونشعر بالعجز أمام ما تمر به، ونطلب منكم تشخيص حالتها وتوجيهنا إلى الخطوة الصحيحة لعلاجها.
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/... حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله لأختك العافية، ونشكرك على اهتمامك بأمرها.

فإذا نظرنا في المراحل النفسية التي مرت بها هذه الأخت -حفظها الله-، فقد ذكرت أنها انطوائية في شخصيتها، وزادت هذه الانطوائية بالطبع بانعزالها في غرفتها، والجلوس، وتصفح الإنترنت لفترات طويلة، وبعد ذلك ركزت قراءتها حول الجن والمس، وأصبحت تنتابها هذه المعتقدات القوية بأنها قد أُصيبت بمس أو سحر أو عين.

أيتها الفاضلة الكريمة: من وجهة نظري أن هذه الأخت في حالة نفسية غير متوازنة، وأعتقد أيضًا أنه ربما تكون لديها بداية اضطراب ذهاني؛ حيث إن الاعتقاد في الجن والمس والعين بهذه الصورة المطلقة والمطبقة نراه انتقل إلى مرحلة مرضية، وليس التأثير الإيحائي المجتمعي؛ حيث إن في مجتمعاتنا يدور الكثير من الحديث عن الجن والمس والعين والسحر، والبعض يبدأ في الاعتقاد الشديد في إصابته بالعين والمس، ولكن حين تناقشه ربما يتراجع عن أفكاره، وربما تقنعهم، ولكن إذا كانت الفكرة مطبقة بهذه الدرجة التي ذُكرت؛ فأعتقد أن أختك قد دخلت أو على الأقل هي على أعتاب الدخول في حالة ظنانية مرضية، تُعرف بالفصام الباروني.

هذا الذي أقوله بالطبع يتطلب الكثير من التمحيص والتفحص، وهذا لن يتم إلا إذا عرضت هذه الأخت على طبيبة أو طبيب نفسي، و-الحمد لله تعالى- هم كثر جدًّا في المملكة العربية السعودية، ويمكن إقناعها بالقول لها: (إننا نراك حزينة وغير مرتاحة، لماذا لا نذهب إلى الطبيب النفسي، ربما تجدين لديه -إن شاء الله- منفعة وخيرًا، كإعطائك بعض الأدوية، أو على الأقل إجراء بعض الفحوصات) أعتقد هذا هو الأفضل، وهذا هو الأحسن بالنسبة لهذه الأخت.

ومن جانبكم لا أنصح بمناقشتها كثيرًا في موضوع الجن والعين، وحتى المناقشات التي تدور يجب أن تبنى على أن الجن والعين حق، وكلها موجودة، ولكن الإنسان في حرز وحفظ الله، والله خير حافظًا، وأن تنصح بالالتزام بصلواتها والدعاء؛ أعتقد أن هذا سوف يفيدها.

وفي نفس الوقت حاولي بالتدريج إخراجها من هذه الحياة الهامشية، وانقلوها لتعيش في داخل الأسرة وفي لب الأسرة، وهذا يكون دائمًا بإعطائها مهاماً بسيطة، كأن تطلبوا منها مثلًا أن تطبخ لكم وجبة، أو اطلبوا منها مثلًا أن تُشرف على ميزانية الأسرة لمدة أسبوع، حاولي أن تشاوريها في شؤونك الخاصة، وهكذا.

الإنسان إذا همّش داخل أسرته، هذا أسوأ أنواع التغرب الذي يؤدي إلى خلل نفسي واجتماعي كبير، ويفقد الإنسان مهاراته وربما يُدخله في حالة من العزلة والاكتئاب.

الأدوية التي تساعد هذه الحالات كثيرة جدًّا، فهنالك دواء يعرف تجاريًا باسم (رزبريدال Risporidal)، أو ما يسمى علميًا باسم (رزبريادون Risperidone)، بجرعة اثنين مليجرام ليلًا، أرى أنها سوف تكون مفيدة جدًّا، ومدة العلاج لا تقل عن ستة أشهر، وبجانب الرزبريادون هناك حاجة لدواء أيضًا مثل: (بروزاك Prozac)، والذي يعرف علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أيضًا.

هذه مجرد مقترحات، ولكن بالطبع أفضل أن يُذهب بهذه الأخت الفاضلة إلى الطبيب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله لها الشفاء والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً