الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تداويت من السحر وبقيت بعض الآثار، فكيف أزيلها؟

السؤال

السلام عليكم

قبل 8 سنوات ظهرت عندي آلام شديدة في المعدة ومغص حاد، ظننت أنني سأفارق الحياة بسببه، ذهبت إلى الطبيب، لكنه لم يجد أي مشكلة واضحة، بعد ذلك بدأتُ أشعر بالخوف والتعرّق عند حدوث المغص، وبدأت الآلام تمتد إلى قلبي، حيث كنتُ أشعر بألم رهيب فيه، وعندما كنت أذهب إلى الطبيب، كان يقول لي: "قلبك سليم، وبنيتك قوية، ما شاء الله."

استمرت هذه الأوجاع، رغم أنها حقيقية وليست وهمية، وكنتُ أشعر بالخوف بعدها، وراجعت عدة أطباء ولم أجد عندي أي مشكلة عضوية.

كما أني ذهبتُ إلى شيخ، فقرأ عليّ، وأخبرني أنني مسحور، وأعطاني أعشابًا، وقرأ عليّ، بل وقام بضربي أثناء الرقية، والضرب يسمونه علاجاً.

بعدها شعرت بالراحة وتحسّنت حالتي، لكن سرعان ما عادت الأعراض للأسوأ، فذهبتُ إلى عدة شيوخ آخرين، واختفى ألم القلب -الحمد لله-، لكن لا يزال لدي مغص في أسفل البطن وصداع مستمر، رغم أنني أقرأ الرقية الشرعية، إلا إن حالتي لم تتحسن بشكل كامل، وأشعر أنني لا زلتُ مسحورًا.

قال لي أحد الشيوخ: "السحر واللبس الذي كان فيك يترك أثرًا في جسمك، مثل الجرح الذي يحتاج إلى وقت حتى يلتئم."، كيف أستطيع تشخيص حالتي والتأكد مما إذا كنتُ لا أزال مسحورًا أم لا؟

لقد خطبت فتاة، ورأيتها أنا وأهلي، وكان وجهها جميلًا جدًا وصافيًا وأبيض، وأي شخص يراها كان يقول: إنها بيضاء البشرة، وبعد الزواج اكتشفت أن جسدها شديد السمرة، ما جعلني أنفر منها، وبصراحة، كنتُ أتمنى أن أتزوج فتاة شديدة البياض، والآن أشعر بخيبة أمل كبيرة بسبب ذلك.

أعاني من خمول دائم، وإرهاق شديد، وعدم التوفيق في عملي، وعندما أقرأ صفحة واحدة من القرآن، أشعر وكأنني قرأت ألف صفحة، بسبب ضعف التركيز والتشتت، ولدي نسيان شديد، وأشعر أن رأسي ليس طبيعيًا، ولا أعلم ما الذي أصابني، فكيف يمكنني حل مشكلتي؟ أرجوكم، أفيدوني واشيروا عليّ.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الحبيب- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يشفيك، وأن يكشف عنك السوء عاجلاً غير آجل.

نحن ننصحك -أيها الحبيب- بالإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى وملازمة الأذكار، لاسيما الأذكار الموظفة خلال اليوم والليلة، كأذكار الصباح والمساء، وأذكار دخول الحمام والخروج منه، وأذكار النوم والاستيقاظ، والإكثار من الصلاة، فإن ذكر الله سبحانه وتعالى سبب لطرد الشياطين عن الإنسان.

كما ننصحك أيضًا بالإكثار من الرقية الشرعية والمداومة عليها، وهذا أنفع إذا صدقت التوكل على الله سبحانه وتعالى، فإن الله عز وجل هو وحده الضار النافع، فلا يستطيع أن يكشف عنك الضر إلا الله، والله عز وجل يستجيب دعاء المضطر إذا دعاه، فتوجه إلى الله عز وجل بصدق واضطرار أن يكشف عنك ما تعانيه وتجده، وهو سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، وأحسن بالله الظن، فإن الله يقول في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي).

داوم على قراءة سورة البقرة واقرأها في ماء واشرب من هذا الماء واغتسل به، ومن الأدوية المجربة لعلاج السحر ما أرشد إليه بعض السلف، من أنك تأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر ثم تدقها بحجرين مثلاً، وتخلطها بالماء، وتقرأ على هذا الماء فتشرب منه وتغتسل منه، فهذا نافع -بإذن الله تعالى- في علاج السحر.

داوم على قراءة سورة الإخلاص {قل هو الله أحد} و {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس} في كفيك، وانفث في كفيك وامسح بهما جسدك، وكن على ثقة بأن لكل أجل كتاب، فمتى أراد الله عز وجل أن يدفع عنك هذا الألم فإنه سيذهب بإذن الله تعالى، فلا تيأس، وكما أخبرك الشيخ بأن السحر ربما يظل الإنسان متأثرًا ببعض آثاره بعد ذلك، هذا إذا كان السحر حقيقة، أما إذا كانت مجرد شكوك وأوهام فيجب أن تدفعها عن نفسك.

لعل خمولك وتعبك وقلة الرغبة في الإقدام على قراءة القرآن، ونحو ذلك أثر من آثار هذه المعاناة، التي أنت فيها، فحاول أن تجعل لنفسك وردًا يوميًا ولو يسيرًا، واستعن بالمعروفين برقية الناس ممن يوثق بدينهم، وتُعرف استقامتهم على السنة، واحذر أن تذهب إلى الدجالين والمشعوذين والكذابين، فإنهم لن يزيدوك إلا مرضاً إلى مرضك وسقمًا إلى سقمك، فاحرص أن تلتزم بما صحّ من الأدوية الشرعية.

يجب أن تتجنب الذهاب إلى العرافين والمشعوذين وغيرهم، واحتسب ما تعانيه من آلام، فإن المصاب إذا نزل بك والمكروه إذا حلّ فيك، فإن الله عز وجل إنما يقدره عليك لخير يريده لك من وراء هذا المكروه، فاحتسب مصيبتك واصبر فإن الله عز وجل لا يقدر المكروه على الإنسان ليُهلكه، ولكن يقدر عليه المكروه ليبتليه، فإذا صبر واحتسب فاز عاجلاً وآجلاً، وخرج من المكروه ومن المصيبة رابحًا في دينه ودنياه.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسر لك الخير، وأن يكتب لك العافية، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً