الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس قهرية شديدة في ذات الله وفي العبادة وتأثيرها على صاحبها

السؤال

السلام عليكم.

منذ زمن أصبت بالوسواس في العبادات، وفي ذات الله، ثم انتقل إلى الطلاق، وأصبح الهم لا يفارقني، وكلما خرجت من وسوسة ويرتاح قلبي تأتي في نفس اليوم وسوسة أخرى، ويبدأ الهم ثانية، وتدور الكلمة برأسي، وأشعر بشيء يغالبني لأنطقها، وأمسك نفسي، وبالأمس أصبح الضغط على رأسي شديداً، حتى قلت اللعنة اللعنة، وأسمع الكلمة وكأني نطقتها، فهل هذه الكلمة لو قصدت تعتبر كناية؟ مع العلم أني مغترب، ولا خلاف بيني وبين زوجتي، والحمد لله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

لا شك أنك تعاني من وساوس قهرية، والوساوس القهرية كما تفضلت تتبدل وتتغير، وقد تكون في شكل صورة ذهنية، أو فكرة، أو أفعال، وهي تسبب للإنسان الكثير من الألم النفسي، ويؤمن الإنسان بصورةٍ قاطعة أنها سخيفة، لكنه يجد صعوبة في التخلص منها، وما يخص الكلمة التي قلتها اللعنة اللعنة، فهي جزء من الطقوس الوسواسية التي نشاهدها كثيراً، وليست أكثر من ذلك.

أخي الفاضل: تُعالج الوساوس من هذا النوع عن طريق الأدوية، والأدوية مهمة جداً، والوساوس التي تتشكل وتتبدل وتتغير، هذا يعني أن الاضطراب الكيميائي البيولوجي الخاص بمادة السيرتونين في الدماغ هو الأساس فيها، ولذا أنصح بتناول أحد الأدوية، مثل الدواء الذي يُعرف باسم بروزاك، واسمه العلمي فلوكستين؛ فهو يُعتبر من أفضل الأدوية، وهو دواء سليم وممتاز، ولا يحتاج إلى وصفةٍ طبية.

ابدأ بتناول الدواء بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهر، وهذا الدواء يفضل تناوله بعد الأكل، وبعد انقضاء الشهر ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، وهذه هي أقل جرعة علاجية، وأعتقد أنها سوف تفيدك كثيراً، علماً بأنه يوجد مجال لأن نرفع الجرعة إلى ثلاث أو أربع كبسولات في اليوم، ولكن جرعة كبسولتين ستكون كافية، بشرط أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر متواصلة، وبعدها خفض الدواء إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء..هذا بالنسبة للعلاج الدوائي .

بالنسبة للعلاج السلوكي، من المهم جداً أن تحقر الوسواس، وأن تتجاهله، وأن تستبدل كل فكرة وسواسية بفكرة مخالفة لها، وأن تخاطب الفكر الوسواسي مباشرة، وأن تقول قف قف، وهنا تكون أنت مخاطباً للفكرة بصورةٍ مباشرة.

هنالك أيضاً تمارين سلوكية جيدة، وهي أن تربط الفكرة أو الفعل الوسواسي بما نسميه بالمنفرات النفسية التي تؤدي إلى ما يعرف بفك الارتباط الشرطي، فمثلاً فكر في إحدى هذه الأفكار الوسواسية حول الذات الإلهية، وفي نفس الوقت قم بالضرب على يديك بقوة وشدة حتى تحس بالألم الشديد؛ فارتباط الألم بالوسواس سوف يضعف الوسواس؛ لأنه يوجد نوع من التنافر بين الاثنين، فالوسواس مفروض على النفس وقد ترتاح له ويصعب مقاومته، أما الألم فهو مكروه للنفس.
هذا التمرين يكرر عشر مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح والمساء، وتطبيقه بهذه الصورة مع التمارين الأخرى سوف يؤدي -إن شاء الله تعالى- إلى انقشاع كبير في هذه الوساوس، وقد تحس ذلك بعد أسبوعين أو ثلاثة من ممارسات العلاجية المنضبطة .

أما بالنسبة للدواء، فتبدأ فعاليته أيضاً بعد أسبوعين أو ثلاثة، وسوف تجني منه خيراً كثيراً إن شاء الله تعالى .

أخي الكريم: أنا سعيد أن أعرف أنك مستقر على النطاق الأسري، فهذا شيء جميل جداً، وأنصحك أخي كذلك بممارسة الرياضة، وإدارة الوقت بصورة جيدة، والاستفادة من الوقت كما ذكرنا، ولا تدع للفراغ أي مجال، وعليك أن تستعين بالله دائماً من الشيطان الرجيم، خاصةً فيما يخص هذه الوساوس .

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً