السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب أبلغ من العمر 26 عاما، متزوج حديثا وسعيد ـ ولله الحمد ـ، لكن لدي مشكلة تؤرقني كثيرا ألا وهي ارتباكي أمام رؤسائي المهمين بالعمل، وخاصة إذا كنت مخطئا بالعمل وكلمني أحدهم بشدة، مع العلم أن مجال عملي مبني على الشدة وعدم اللين.

وأنا لا أخاف من أن يضرني بعملي، ولكن أرتبك، لماذا؟ لا أعلم! وخاصة إذا كان فيه أكثر من مسؤول بالمكتب، ولاحظت مؤخرا أني أرتبك أمام المسؤولين من إدارات أخرى، ولا أستطيع أن أطرح مشكلتي أمامه بالشكل الصحيح، مما يفقدني أمورا مهمة لدي، وفي حياتي الخارجية من أصدقاء أو أشخاص لا أعرفهم أحس بأني طبيعي إلى حد كبير (أحس بأن مشكلتي مع المسؤولين فقط).

أرجو أن تدلوني على العلاج السلوكي المناسب، ولكم مني جزيل الشكر والعرفان.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

أخي الكريم هذا الذي يحدث لك هو نوع من القلق الاجتماعي الظرفي البسيط، فأنت يظهر أنك تحس بشيء من الهالة حول هؤلاء المسئولين، وهذا يحدث لكثير من الناس ولا نعتبره مرضاً نفسياً حقيقاً، وإنما هي ظاهرة قلقية وليس أكثر من ذلك.

وهنالك بعض الحقائق التي أود أن أوضحها لك لعلها تساعدك:

أولاً: ما تشعر به من ارتباك؛ أؤكد لك أنه لا يظهر للآخرين، هذه مشاعر داخلية دفينة ولا تظهر للآخرين، أنا متأكد أنه لا تظهر عليك هذه الرعشة إنما هي مشاعر داخلية فسيولوجية، هذه هي الحقيقة الأولى.

والحقيقة الثانية هي وسيلة علاجية ممتازة جداً هي: أن تنظر لهؤلاء المسئولين على أنهم بشر، هذا مهم جداً، وأنزلهم لدرجة أنهم لا يتميزون عليك بأي شيء، هم بشر يأكلون وينامون ويذهبون إلى دورات المياه ويمرضون، وهكذا يا أخي الكريم.

ولا أدعوك إلى تحقير أحد، والإنسان يجب أن يحترم الناس ولكن لا أريدك أبداً أن تضع لهم هالة أو تجسم وضعهم في وجدانك وذهنك، هذا مهم جداً، وتذكر أيها الأخ الفاضل الكريم قصة الصحابي الجليل ربعي بن عامر حينما وقف أمام هرقل وهو في عزة المسلم وكانت ثيابه رثة حين قال له: نحن قوم قد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة.

تذكر هذا الموقف الكريم النبيل، وهنالك مواقف كثيرة جداً إذا حقر فكرة الخوف، ولا تعطها أهمية.

التمرين الثالث نسميه التعرض في الخيال، أريد أن تعرض نفسك في الخيال وتتصور أن أكبر المسئولين قد قام باستدعائك وطلب منك مهمة معينة لأنك أنت الموظف الجيد المثالي وقمت بتنفيذ هذه المهمة بعد ذلك إن شاء الله تعالى.

خيال آخر: تصور أن مسئولا كبيرا قام باستدعائك لأنك قد أهملت في أمر معين، وكأن هنالك شيئا من المحاسبة والأخذ والرد وهذا يحدث أخي الكريم في محيط العمل، وأنا أعرف أنك لست مقصرا في عملك، ولكن أريدك أن تعرض نفسك لمثل هذا الخيال، هذا أخي الكريم هو الأمر الذي أدعو إليه التعرض للخيال، أمر آخر وهو مهم جداً وهو حين تدخل على المسئول ابدأ عليه بالسلام عليكم ورحمة الله، وهنا لابد أن يرد عليك بهذه التحية وهي تحية الإسلام وحقيقة السلام بصيغته الإسلامية إذا أعطيناه معناه الحقيقي يكسر كل الجدر وكل الحواجز وكل الحجب النفسية التي ما بين البشر، وأن تقول لأي إنسان مهما كان موقعه ومهما كان منصبه ووضعه: السلام عليكم ورحمة الله .. هذه فاتحة عظيمة تبعث الطمأنينة في نفس الإنسان وفي قلبه، ولابد للطرف الآخر أن يرد عليك، وهنا أنت تشعر بشيء من المساواة.

وهذا أيضا تمرين سلوكي بسيط وضروري وفاعل جداً أنصحك أيها الفاضل الكريم بصفة عامة أن تجلس دائماً في الصفوف الأمامية أنت ذكرت أنك ليست لديك أي مشكلة مع الآخرين فقط مع المسئولين وتجلس دائماً خلف الصف الأول خلف الإمام، وهنا توجد مسئولية كبيرة جداً لأن الإمام قد يطلب منك أن تنوب عنه مثلاً إذا حدث له شيء، وهنا مسئولية ضخمة جداً، عليك دائماً أن تشارك في حلقات التلاوة وتكون فاعلاً فيها، ومارس الرياضة الجماعية مع أصدقائك وانخرط في أي عمل ثقافي أو اجتماعي أو تطوعي، هذه هي الأمور التي تعالج الرهاب الاجتماعي، ونحن نريد الناس أن تتعلم أمورا واقعية وحياتية ولا نريد أن نتكلم عن نظريات سلوكية نظرية ..لا، هذه أمور عملية في حياتنا وموجودة ومتى ما طبقت سترتاح إن شاء الله تعالى من هذه الصعوبات البسيطة.

أخي الفاضل أعتقد أن الصورة تكتمل إذا تناولت أحد الأدوية البسيطة، وهنالك دواء بسيط جداً يعرف باسم زولفت (Zoloft ) وأيضا اسمه لسترال Lustral، واسمه العلمي هو سيرترالين Sertraline إذا تناولته بجرعة حبة واحدة ليلاً بعد الأكل وقوة الحبة هي 50 مليجرام تناولها يومياً لمدة ثلاثة أشهر ثم اجعلها حبة يوما بعد يوم لمدة شهرين ثم توقف عن تناول الدواء هذا إن شاء الله سوف يعطيك دفعة قوية للتخلص من الخوف والقلق والرهاب وبعد ذلك حين تطبق إن شاء الله الإرشاد السلوكي السابق سوف يتدعم التعافي لديك.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.