السؤال
السلام عليكم.
في الحقيقة اكتسبت ثقافة نفسية من خلالها يمكنني التعبير عن نفسي، فقد كانت البداية منذ مراحل الإعدادية، حيث اعترضتني بعض الوساوس القهرية، كصك الملابس بأسناني، وجلب الصور المقززة إلى خيالي، وأما في الثانوي فكان الوسواس في الصلاة والوضوء موجوداً، فقد كان لكل واحد منهما نصف ساعة من الزمن، وفي البكالوريا صرت أتوهم الإيدز وأمراض الأعصاب كباركنسون، وفي النهاية كانت الكلية التي دخلت فيها هي الهندسة المدنية بحلب، وباختصار: هناك الكثير من الوساوس التي اعترضتني خلال فترة الامتحان والمفاضلة.
عمري اليوم 20 سنة، ولدي خوف شديد من الفصام، فأنا أعاني من عذاب نفسي منذ خمسة أشهر تقريباً، وخلال هذه الفترة لا أذكر أن ساعة مرت دون ألم نفسي، واليوم صرت أصدق كل كلمة يلقيها شيطانيالإنترنتمثل: (الحياة وهم وكذب - ستتعذب - لن تعود كما كنت - ستمرض مرضاً مقززاً منفراً - ستتحول إلى كائن غير بشري ومقزز - أنت الآن كائن غير بشري ومقزز، والمرآة والكاميرا تريك خلاف الواقع، وأنت تسمع من الناس خلاف الواقع) أحس بأنها وساوس، لكني خاضع لها خضوعاً تاماً، ولا أملك لنفسي مبرراً يرفضها.
تهاجمني عدة تساؤلات تجعلني أقنط من المعالجة: من أين بدأ الكون؟ وما هي حدوده؟ وماذا بعد الحدود؟ ولماذا خلق الله الإنسان ثم يهتم به ويجعل الجنة والنار؟ وكثيراً ما يصادفني حدوث أشياء، فمثلاً أذكر فلاناً فأجده ماثلاً أمامي، وأرى الناس كلهم مهتمين بالأمر الذي أهتم به، ولو كان الموضوع خاصاً بي وليس عاماً, أقول كلاماً فأرى غيري من بعدي يقول نفس القول، مما زاد شكي بالواقع.
بالنسبة لمواد الجامعة، رسبت في واحدة وتفوقت بالثانية، أما الخمس الباقية فقد نجحت، لكني لا أشعر بمتعة الإنجاز بسبب: (الكمبيوتر الذي ترى فيه النتيجة يريك خلاف الواقع، إن قدراتك العقلية سوف تتدهور، ستعيش سبعين عاماً من الذل والعذاب، ستكون مجنوناً وسترد على الألسن كفكاهة).
أما السؤال الأخطر: (من أنا؟ ومن أكون؟ وعندما أتحرك من الذي حركني؟ وكيف أتحرك؟ وصارت الأحداث التي تمر في اليوم وكأنها حلم يجري في ثوان, صار الأرق يلازمني، وفي كل متعة يمكن أن يتمتع بها البشر أجد ما ينغصها علي من تقزز وكراهية.
كيف يمكنني أن أحيا بإنسانيتي كالبقية؟ وهل أنا مجنون أمام الله وأمامكم؟
لقد تناولت الفافرين بشكل عشوائي ثم تركته، ثم عدت إليه بانتظام، ثم تركته، أنا لا أريد عقاقير عصبية، فأنا مستعد بالقيام بأي عمل مهما صعب، لكني لست مستعداً لأن أتناول عقاراً عصبياً واحداً.
وجزاكم الله خيراً.