الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من الموت، فما علاجه، وما هي أعراض الأدوية النفسية على الشخص؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا صاحب الاستشارة رقم: 2121138 قررت أن أترك دكتوري النفسي، وأعتمد على الله ثم عليك يا دكتور محمد.

لقد نوهت في استشارتي السابقة بنوعين من الدواء سبرالكس، وزولفت أيهما أفضل.

ولي سؤال آخر، أنا أوسوس بأنه عندما آخذ هذه الأدوية النفسية سوف تتغير شخصيتي، وسوف أصبح لا أستطيع التحكم بنفسي، وأن هذه الأدوية ستؤدي بي إلى الانتحار، فهل هذا صحيح؟ وما هي الأعراض الجانبية لهذه الأدوية؟ وما هي المدة التي سوف أشعر فيها بالتحسن بإذن الله؟

أشعر في بعض الأحيان أني منعزل عن الواقع، مع معرفتي بالأشياء, والناس, والأسماء، ومازال خوفي من الموت يراودني في كل مكان وزمان، وبدأت أربط كل شيء في حياتي بالموت.

أنا في أمس الحاجة إلي المساعدة،علما بأني مقدم على مرحلة جامعية، وأخشى أنا أظل على هذه الحالة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنشكرك كثيرًا على ثقتك في إسلام ويب وعلى ثقتك في شخصي الضعيف، وأسأل الله تعالى أن ينفعنا جميعًا بما هو خير ومفيد لنا ولكم.

شعورك بالوساوس حول الأدوية النفسية هو شعور مبرر جدًّا، ويعرف أن الذين يعانون من المخاوف والقلق والتوترات والوساوس يأتيهم هذا الشعور وبكثافة، تجدهم يوسوسون حول الأدوية وحول سلامتها، وأنها سوف تسبب الإدمان وشيء من هذا القبيل، فالإنسان صاحب العلة الوسواسية المصحوبة بالقلق يوسوس حول حالته، يوسوس حول طرق العلاج، وحتى بعد أن تأتيه الصحة والشفاء يأتيه أيضًا بعض الوسواس إلى متى سوف تستمر هذه الصحة، وهذا التعافي، وقد يأتيه سؤال نفسي ووسواسي متى سوف تأتي الانتكاسة؟ وأنه سوف يحدث له كذا وكذا.

هذا المسلسل من التفكير القلقي المبني على الوساوس موجود، وأنا أجد لك العذر تماما، لكن أعتقد أنك تثق فيما ذكرناه لك وتثق فيما قاله لك الطبيب الذي قابلته، وأنا أؤكد لك أن هذه الأدوية أدوية سليمة وممتازة وفاعلة، وهي نعمة من نعم الله تعالى علينا يجب أن نقدّرها، وديننا الحنيف يحثنا ويدعونا دائمًا على أن نأخذ العلاج، فما من داء إلا له دواء علمه من علمه وجهله من جهله، والعلاج الذي يقدمه المختص إن شاء الله تعالى فيه نفع كبير، فتداووا عباد الله، وإن شاء الله تعالى أنت تجد فائدة كبيرة في هذه الأدوية.

بالنسبة لقضية الآثار الجانبية للأدوية: كل الأدوية لها آثار جانبية، وإذا قرأت عن حبوب البنادول التي يتعاطاها الناس بكثافة يوميًا سوف تجد أنها ذات آثار جانبية كبيرة جدًّا، فقد تضر بالكبد، قد تعمل كذا وكذا، ومن يقرأ عنها في أي مرجع علمي صحيح قد لا يستعملها أبدًا، لكن هذه الأمور نسبية، وهذه العوامل الجانبية لا تأتي أبدًا إلا عند سوء الاستخدام أو التفريط أو الإفراط أو أن يستعمل الإنسان الدواء بصورة ليست علمية وليست منضبطة، فاطمئن تمامًا من هذه الناحية، ونحن حريصون جدًّا على سلامة الناس قبل فعالية الدواء.

أنا حقيقة لا أريدك أن تبني انطباعاً سلبياً عن طبيبك، فما نقدمه نحن هو مجرد مساهمة، وأعتقد مقابلة الطبيب أيضًا سوف تكون أنفع، لأن من رأى ليس كمن سمع، والطبيب في وضع يحاور ويسأل ويستقصي ويتدقق، وهذا فيه خير كثير جدًّا، ومقابلة الطبيب ومجرد الحوار معه أيضًا يساعد المريض لأن في ذلك نوع مما نسميه بالتنفيس أو التفريغ النفسي.

عمومًا هذه وجهة نظر، وفي ذات الوقت نحن من جانبنا إن شاء الله لن نبخل عليك أبدًا بما نعرف، نقول لك هذا الكلام بكل تواضع ومصداقية.

الدواء الأمثل لحالتك هو السبرالكس، السبرالكس دواء فعال جدًّا لنوبات الهرع والخوف والقلق، والجرعة المطلوبة هي أن تبدأ بعشرة مليجرام يوميًا، تناولها ليلاً بعد الأكل، تستمر عليها لمدة شهرين، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى عشرين مليجرامًا يوميًا، وتستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم تخفض إلى خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

السبرالكس هو الدواء الأفضل كما ذكرت لك، لكن يعاب عليه أنه ربما يكون باهظ التكلفة نسبيًا. عمومًا حاول أن تتأكد من سعره، وإذا كان في متناول اليد فهذا جيد، وإن لم يكن كذلك فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها وإلا ما آتاها، وفي هذه الحالة يمكنك أن تعتبر الزولفت كبديل، لأن الزولفت أقل تكلفة، وهو في نفس الوقت أيضًا جيدًا.

إذا أردت أن تتناول الزولفت فالجرعة هي خمسين مليجرامًا، تتناولها كحبة واحدة ليلاً بعد الأكل، استمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها حبتين في اليوم، ويمكنك تناولها كجرعة واحدة (مائة مليجرام) مساءً، أو تتناول خمسين مليجرامًا صباحًا وأخرى مساءً، وفترة العلاج على هذه الجرعة العلاجية هي ثلاثة أشهر، بعدها تخفض الجرعة إلى حبة واحدة في اليوم، تتناولها ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، هذه هي الخيارات العلاجية التي أسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

فيما يخص أنك تنعزل في بعض الأحيان ولا تتفاعل اجتماعيًا وتأتيك هذه المخاوف حول الموت .. هذا جزء من عملية القلق التي تعاني منها والمخاوف، وهذه أخي الكريم يجب أن تتخلص منها سلوكيًا، وذلك بالإصرار على التواصل الاجتماعي، أن تكون مفيدًا لنفسك ولغيرك، أن تمارس الرياضة، أن تحضر المحاضرات وحلقات العلم، وحلقات التلاوة، أن تصلي في المسجد في الصف الأول، أن تكون مفلحًا في دراستك ومجيدًا، أن تصل أرحامك، أن تساعد أسرتك في المهام المنزلية، أن تكون حقيقة مساهمًا في كل شؤون أسرتك.. هذا إن شاء الله تعالى يؤهلك اجتماعيًا ونفسيًا وسلوكيًا ويعود بفائدة كبيرة جدًّا على صحتك النفسية.

عافاك الله، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً