الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أضعف كثيراً أمام نفسي.. فوجهوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

أشعر كثيراً من الأحيان أني ضعيف الشخصية مع نفسي فقط، وعندما أكون متفرغاً مع نفسي أتوجه أحياناً إلى أشياء لا أريد أن أفعلها، ولكني أفعلها، مثل مشاهدة مشاهد إباحية، ولكن في نفس اللحظة لا أريد أن أفعل هذا، ولكن أشعر بالكبت وأفعل!

أريد منكم توجيهي إلى الصواب، لأني أواجه دائماً مشاكل في البيت من والدي، وهم سبب في ذلك الكبت.

ولكم الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohammad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

مرحبًا بك أيها الولد الحبيب في استشارات إسلام ويب، بين آبائك وإخوانك.

نسأل الله تعالى أن يأخذ بيديك إلى كل خير، وأن يصرف عنك كل شر ومكروه، ونشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك أيضًا إنصافك في تقييمك لنفسك وعدم الاغترار بنفسك، ومعرفة حقيقة نفسك، فإن معرفة حقيقة النفس وقدرها أمر مهم جدًّا في إصلاحها ومحاسبتها، ومن ثم فنحن نرى بأن هذه الخصلة التي أنت عليها من معرفتك لعيوب نفسك، وإقرارك بضعفها، وإقرارك بأنك قد تقع في هفوات تدعو إليها هذه النفس الأمّارة بالسوء في وقت الخلوة، كل ذلك من علامات الخير فيك إن شاء الله، وهي بإذن الله تعالى ستكون سببًا في سعيك لإصلاحها وتزكيتها.

لا شك أيها الحبيب أن الإنسان في لحظات كثيرة من حياته قد يقع تحت إملاءات النفس وشهواتها، فهي بطبيعتها أمّارة بالسوء كما أخبرنا الله تعالى في كتابه بقوله: {إن النفس لأمّارة بالسوء إلا ما رحم ربي} ولكنها تحتاج إلى نوع من التقوية على الخير والتهذيب، والإصلاح والتطهير من المعاصي والذنوب.

كلما بذل الإنسان جهدًا في هذا الطريق فإن الله عز وجل يبارك هذا الجهد، ويعينه في إصلاح نفسه، كما قال تعالى في كتابه الكريم: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين).

هذه النفس أيها الحبيب كما هي أمّارة بالسوء هي كذلك تصير مطمئنة إلى الطاعة فرحة بها، تعاتب صاحبها إذا فعل المعصية فتلومه كما سمّاها عز وجل (لوامة) ولكنها لا تصل إلى هذه المراتب إلا بعد خطوات عديدة في طريق مجاهدتها لإصلاحها، وقد أقسم الله تعالى في كتابه الكريم قسمًا طويلاً في سورة الشمس فقال تعالى: {والشمس وضحاها * والقمر إذا تلاها * والنهار إذا جلاها * والليل إذا يغشاها * والسماء وما بناها * والأرض وما طحاها * ونفس وما سواهها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها}.

أنت أيها الحبيب تعاني مما يعاني منه الكثير من الناس، الضعف أمام النفس البشرية، لكن هناك وسائل للتغلب على هذه النفس وتزكيتها وتطهيرها، من أهم هذه الوسائل أيها الحبيب:

أن تحاول جاهدًا أن تتعلم ما أمرك الله عز وجل به ونهاك عنه، ومن العلم المطلوب أيضًا في تزكية النفس: العلم بالله سبحانه وتعالى وبصفاته، والعلم بأحوال الآخرة، فأنت بحاجة إلى أن تسمع وتقرأ الكثير عن أحوال الآخرة التي تبتدئ من الموت، وما بعد الموت، فأنت بحاجة إلى سماع المواعظ التي تذكرك بالقبر وأهواله، والقيامة وشدائدها التي تذكرك بلقاء الله تعالى والعرض عليه، والحساب بين يديه، التي تذكرك بالجنة وما أعد الله عز وجل فيها لأوليائه وأحبابه، وتذكرك بالنار وما أعد الله عز وجل فيها لمن غضب عليهم.

كلما أكثرت من سماع هذه المواعظ، وقراءة الآثار التي تحذر من المعصية والوقوع فيها عظم في قلبك الخوف من الله تعالى والاستحياء من لقائه، والخوف من الله تعالى أعظم رادع يردع الإنسان عن إتيان الذنوب، ولو كان خاليًا منفردًا.

أنت في حاجة أيها الحبيب أيضًا بأن تُكثر من القراءة والسماع في صفات الله تعالى التي تُشعرك بقرب الله تعالى منك وإطلاعه عليك ومشاهدته لك، وأنه لا تخفى عليه خافية، كلما زاد هذا المعنى رسوحًا في قلبك وازددت له تذكرًا كلما كان ذلك أعون لك على الابتعاد عن المعصية والذنب، وبسلوك هذا الطريق أيها الحبيب ستجد نفسك بإذن الله تعالى تتغير يومًا بعد يوم وتزداد عزيمتك، وتقوى همتك في طاعة الله واجتناب معصيته.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يأخذ بيدك إلى كل خير، ويوفقك له ويسهله لك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً