السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي أنني أخشى أن أموت وأنا غير مؤمن بالله تعالى، فهل من حل لهذه المشكلة؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي أنني أخشى أن أموت وأنا غير مؤمن بالله تعالى، فهل من حل لهذه المشكلة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ باديس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع، ونحن نشاركك -أيها الحبيب- الخوف من سوء الخاتمة، ولا ينبغي للإنسان أن يأمن على نفسه، ولكن لا بد من الانتباه للأمور.
أولًا: الخوف المطلوب الذي أمرنا الله تعالى به وحثَّنا عليه، هو الخوف الذي يبعث الإنسان ويدفعه نحو العمل الصالح، والاستعداد للقاء الله تعالى، والأخذ بأسباب النجاة من عقاب الله، فهذا الخوف عبادة جليلة يُثيبك الله تعالى عليها ويَأجرك بسببها، وقد دلَّت آيات كثيرة من كتاب الله تعالى على طلب هذا النوع من الخوف، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:175]، وقال: {وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ} [البقرة:197].
وأمَّا الخوف الذي يُحبط الإنسان ويُيئسه من رحمة الله تعالى، ويصرفه عن الاشتغال بالعمل الصالح، فهذا مصدره الشيطان؛ لأن الشيطان حريص على أن يُوقع الإنسان في الحزن واليأس، وبهذا نعرف المقدار الذي ينبغي أن نخافه، وأن نحافظ عليه ليكون دافعًا لنا نحو العمل لما ينفعنا عند الله تعالى.
ثانيًا: نحن وإن كنا نشاركك الخوف من سوء الخاتمة، إلَّا أننا لا نشاركك أبدًا أن تجعل منها مشكلة، بل ينبغي أن تكون ساعيًا بقدر جهدك واستطاعتك في تثبيت نفسك على هذا الدِّين حتى يأتيك الأجل وأنت على ذلك الطريق، وقد قال الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102]، ومعنى هذه الآية: لازموا الإسلام، وداوموا على أعماله، حتى إذا جاءكم الموت جاءكم وأنتم على تلك الحال.
فهناك أسباب -أيها الحبيب- لحسن الختام، نسأل الله تعالى أن يجعل حظنا في هذه الدنيا، وحظك، حسن الختام.
أول هذه الأسباب: الدوام على العمل الصالح، وخاصةً الفرائض، واجتناب المحرمات، فحاسب نفسك دائمًا على فعل فرائض الله تعالى، واجتناب محرماته.
وثاني هذه الأسباب: إخلاص العمل لله، وأن تعمل العمل ترجو ثواب الله، فهذا الإخلاص من أعظم الأسباب في تثبيتك وصرف السوء عنك، وأنت تقرأ هذه الحقيقة في آيات كثيرة من كتاب الله تعالى، كما قال الله عز وجل: {كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف:24].
والله تعالى أرحم الراحمين، لا يليق بكرمه -سبحانه وتعالى- ورحمته ولطفه أن يخذل عبده المخلص المحسن، أن يخذله في أحرج اللحظات، فيحرفه (فيصرفه) عن الدين الحق وقت الممات، فظنّ بالله -سبحانه وتعالى- ظنًّا جميلًا.
ومن أسباب حسن الختام: التوبة المستمرة، فعوِّد نفسك ملازمة التوبة والاستغفار في كل وقت وحين، وهذا واجب على كل واحد مِنَّا في كل الأوقات، قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:31]، وقال: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً} [التحريم:8].
الأمر الثالث -أيها الحبيب- الذي نريد أن ننبّه إليه: أنه لا بد من التوكل على الله تعالى، والإكثار من دعائه، التوكل على الله في حفظ دينك، وأن تعتمد على الله تعالى في تثبيتك، وأن يحفظ عليك هذا الدِّين، واللجوء إليه -سبحانه وتعالى- بصدقٍ واضطرار، واللهج بدعائه ليعطيك هذا المطلوب.
وقد ذكر الله تعالى لنا من دعوات العلماء في أول سورة آل عمران: {رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا} [آل عمران:8]، وكان من دعاء النبي ﷺ: «اللَّهُمَّ احْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ قَائِمًا، وَاحْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ قَاعِدًا، وَاحْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ رَاقِدًا» (رواه الحاكم)، وكان كثيرًا ما يدعو في صلاته وخارج صلاته: «يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» (رواه أحمد والترمذي). فأكثر من دعاء الله تعالى، وأحسن الظن به، فقد قال سبحانه: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» (رواه البخاري ومسلم).
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير.