الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوف دائم من مواجهة الناس، ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندي خوف دائم من مواجهة الناس، وذلك ليس في الحياة العادية - ولكن ذلك عندما أقوم بعرض مواهبي عليهم- مثلا عندما أكون إماما في الصلاة وبالخصوص في صلاة الجهر، مثل العشاء والمغرب والفجر، مع العلم أن صوتي جيد، ولكن عندما أدخل في الصلاة من كثرة الخوف الذي بداخلي أجد أن يدي ترتعش، وقدمي ترتعش أيضا، لدرجة ممكن أن يلحظها الجميع.

علما أن الخوف في الركعة الثانية يقل عن الأولى، ولكن موجود والرعشة في قدمي، ورجلي موجودة، وذلك ينطبق على أمور كثيرة في حياتي مثلا عندما أتقدم لشعل جديد، ويقومون بعمل اختبار لي - مع العلم أنني كنت خجولا وأنا صغير جدا.

مع العلم أيضا أنني في يدي رعشة خفيفة، وقد تكون وراثية، فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

الخوف هو طاقة وغريزة إنسانية متواجدة لجميع البشر، والذي لا يخاف لا يحمي نفسه، لكن الخوف في بعض الأحيان يكون خوفاً مرضياً، فهنالك الخوف من المواجهة أو ما نسميه بالخوف الاجتماعي بعض الناس يعتريهم الخوف الاجتماعي في جميع المواقف، وبعض الناس يأتيهم بعض الخوف في مواقف معينة، مواقف تتطلب المزيد من الانتباه أو يعتقد الإنسان أنه تحت رقابة الآخرين، وهذا هو نوع الخوف الذي يحدث لك، وأنا أؤكد لك تماماً أن حالتك يمكن علاجها لأن من الحالات البسيطة، وأنت فقط محتاج أن تصحح مفاهيمك.

أولاً: أنت لم تكن أهلاً للصلاة بالناس، فلن يقدمك الناس لذلك، وهذا يجب أن يعطيك الثقة في النفس.

ثانياً: الناس لا تراقب أداءك أو شخصيتك، الناس تراقب صلاتك، وصلاتك ما دمت مؤهلا لها فسوف تصلي صلاة صحيحة.

ثالثاً: الخوف يؤدي إلى تغير فسيولوجي في الجسم وهذا التغير ينتج إفراز مادة الأدرللين، وهذا التغير تغير شخصي وداخلي، ولا يطلع عليه من يشاهدون، فالشعور الذي يأتيك بالتلعثم أو الرجفة أو أنك سوف تسقط، هذا شعور خاص بك وداخلي، ولا يراقبه ولا يلاحظه الآخرون أبداً.

رابعاً: شعورك بأنك سوف تفقد السيطرة على الموقف وهذه أكثر المشاعر التي تقلق الذين يعانون من الخوف الاجتماعي، وأؤكد أنك سوف تكلم ولن يحدث لك أي مكروه، وفي المواقف الأخرى أيضاً سوف يكون أداؤك اجتماعياً صحيحاً، فأرجو أن تصحح مفاهيمك.

خامساً: من الضروري جداً أن تبني شعورا داخليا عندك، وهذا نسميه بالتغير المعرفي، وهو أنك لست أقل من الآخرين ولست أضعف منهم، والناس كلهم بشر مهما كبرت أو صغرت قاماتهم، الإنسان مآله واحد إن طال الزمن أو قصر، هذا لا يعني أننا نقلل من شأن الآخرين أو نستحقرهم، ولكن من الضروري أن ننزلهم إلى مقاماتهم الإنسانية العادية لأن ذلك يساعد على ضياع الخوف.

سادساً: أريدك أن تعرض نفسك لما يسمى بالتعرض التدريجي في الخيال، هذا يتطلب منك أن تجلس في كرسي وفي مكان هادئ ثم تتصور إنك تخطب في جمع كبير من الناس، أو أنه طلب منك أن تصلي صلاة الجمعة بعد أن تغيب الإمام لظرف ما، أو كانت لديك مناسبة كبيرة في المنزل ولابد من أن تقابل الناس هذه كلها أمور أن تحدث في الحياة، عيش هذا الخيال بكل دقة.

يجب أن تسترسل في الخيال بكل تفاصيله، وتستحضره وتستدعيه إلى ذاكرتك بكل تفاصليه، ويجب أن يتم هذا التفكير في ظرف لا يقل عن عشر إلى خمس عشرة دقيقة، ويجب أن تغير موضوعات التأمل أي الموضوعات التي تستدعيها للتأمل والتفكر فيها.

سابعاً: لا بد أن تواصل في التفاعلات الاجتماعية بأن تكون رجلا من أهل المساجد وعليك بحلقات التلاوة، عليك أخي أيضاً أن تحضر دروس العلم، وكن دائماً مرفوع الرأس، تبسم في وجه إخوتك، أبدأ بالسلام وهذه مهارات مفيدة جداً، وفي مثل سنك أيضاً ممارسة الرياضة الجماعية مثل كرة القدم وكرة السلة أو أي رياضة أخرى، سوف يزيد كثيراً -إن شاء الله تعالى- من دافعيك وإزالة هذه المخاوف.

الجزء الأخير في هذا الاسترشاد هو أن ننصحك بتناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف، وهو دواء مفيد جداً وسوف يسهل لك الانخراط في العمليات السلوكية التي ذكرناه لك، ومن أفضل هذه الأدوية عقار يعرف باسم زيروكسات واسمعه العلمي هو باروكستين، وأنت محتاج له بجرعة صغيرة أبدأ بنصف حبة أي 10 مليجرام تناولها بعد الأكل وبعد عشرة أيام أرفعها إلى حبة كاملة، واستمر عليها لمدة ستة ثم خفضها إلى 10 مليجرام يومياً لمدة شهر ثم توقف عن الدواء، هذا الدواء من الأدوية الفعالة والطيبة والممتازة جداً.

أشكرك أخي على ثقتك في إسلام ويب، وأؤكد لك أن الحالة بسيطة جداً، إضافة بسيطة وهي إذا كانت الرعشة شديدة في بعض الأحيان لا مانع من أن تتناول عقارا يعرف باسم أندرال والجرعة هي 10 مليجرام صباح ومساء لمدة شهر ثم 10 مليجرام صباحاً لمدة شهر ثم يمكنك أن تتناوله عند اللزوم، ولا تشغل نفسك بموضوع الوراثة في الرعشة، فاعتقد أن المخاوف هي السبب الأساسي، وعموماً الأندرال يعالج كلاهما، إذا كانت ناتجة من المخاوف أو هي رعشة وراثية.

ولمزيد الفائدة يراجع علاج الرهاب من التقدم للإمامة سلوكيا (260852).

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً