الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني كثيراً من الخوف من المستقبل، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني كثيراً من الخوف من المستقبل أو الخوف على زوجي وأطفالي، وأحس أنني لا أثق في أي شخص، فمثلاً لو تعرفت على شخص جديد سريعاً ما تتحول العلاقة الطيبة إلى شكوك تدور حوله، وإذا قررنا السفر أو الذهاب إلى مكان محدد أخاف أن يصيب أحداً منا أي مكروه، وكثيراً ما أتخيل تخيلات سيئة، حتى وإن كانوا بجانبي.

إن سمعت عن مرض معين أحس أنني مصابة به وأحس بنفس أعراضه، وأراجع الطبيب فيخبرني أنني بخير، والاهم من هذا كله أنني أخاف كثيرا من الموت، ولا أريد أحدا أن يذكر الموت أمامي و دائما ما أحس بضيق في صدري و أحس بنوع من الحرقة الخفيفة في جلد صدري، تصحبها أحيانا حكة ومرة تكون مثل الضغط أو الهواء، لا افهم لها تفسيرا!! ثم تأتيني وساوس أنني سأموت إلى درجة أنني أحس ببعض الإغماء من شدة الخوف!

الإحساس بالموت كان يصاحبني منذ صغري، فكنت دائماً أستيقظ من النوم فزعة، وأدعو ربي أن يطيل عمري.

أما الحرقة أو الحكة، فأصبحت تأتيني بعدما قرأت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن أحد الصحابة، الذي أتاه وقال له إنه يحس بدبيب في صدره كدبيب النمل فقال له: (إن أجله قد دنا)، فمن حين قرأت الحديث أصبحت تأتيني هذه المخيلات، وأصبحت أراقب صدري .

ربما يكون الأمر مضحكاً، ولكنني بالفعل تعبت من هذه الوساوس، وخاصة وساوس الموت، فحينما تأتيني أحس بالضيق في صدري والحزن والكئابة.

بالنسبة للإيمانيات، أنا ملتزمة -والحمد لله- بالحجاب الشرعي، وأحافظ على صلاتي في وقتها، وأصوم الاثنين والخميس بإذن الله، وأقوم الليل بإذن الله، وأحاول أن لا يمر وقت بدون أن لا أذكر الله فيه، سواء كان بلساني أو بقلبي.

هل تكون هذه الوساوس من عمل القرين أو ما شابهه، أو أنه مرض نفسي لا أعلمه أو ماذا؟

وبارك الله لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

إنك تعانين من قلق المخاوف الوسواسية، وهذا قد يتجزأ إلى جزئيات كثيرة جدًّا: الشعور بالقلق، الوسوسة، التشاؤم، سوء التأويل، الخوف من الموت، الخوف من الأمراض، الخوف من الذهاب إلى المستشفيات، وهكذا.

هي بؤرة واحدة وحزمة من الأعراض، تتشكل وتتلون وتؤدي إلى الكثير من الانزعاج لصاحبها، لكنها في نهاية الأمر هي علة واحدة، وليست عللاً أو متلازمات مرضية مختلفة، فأرجو أن تطمئني في هذا السياق.

أنا أعتقد أن حالتك تتطلب العلاج الدوائي، وأؤكد لك أن الأمر هذا لا علاقة له بالقرين، أو شيء من هذا القبيل.

أنت الحمد لله تعالى محافظة على دينك، وهذا يجعلك - إن شاء الله – في معية الله وحفظه وتوفيقه دائمًا.

توكلي على الله واعرفي أن الله تعالى هو النافع وهو الضار، ولا تفكري كثيرا في أمور الجن والعين والسحر والمس؛ حتى لا تصلي إلى درجة الهوس بهذه الأمور والتي أصيب بها الكثير من الناس.

شريعتنا واضحة، وديننا عظيم، وثقتنا في الله مطلقة، هذا هو الذي يجب أن نسير عليه، وحالتك هي حالة نفسية يسيرة وليست أكثر من ذلك.

إن تمكنت أن تذهبي إلى الطبيب النفسي فهذا فيه خير كثير لك - إن شاء الله – وإن لم تتمكني فسوف أصف لك دواء - إن شاء الله – يزيل عنك كل الذي بك.

الدواء يعرف باسم (لسترال) واسمه الآخر هو (زولفت) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين) ويسمى في مصر باسم (مودابكس)، ابدئي في تناول هذا الدواء بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – يتم تناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى خمسين مليجرامًا ليلاً – أي حبة كاملة – تستمري عليها لمدة شهر، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبتين في اليوم – أي مائة مليجرام – يمكن أن تتناوليها كجرعة واحدة في المساء أو بمعدل حبة في الصباح وحبة في المساء.

المهم أن يكون هنالك التزام قاطع بتناول الجرعة، واستمري على هذه الجرعة العلاجية لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك خفضيها إلى حبة واحدة يومياً لمدة ستة أشهر، وهنا أيضًا يكون الالتزام بتناول الدواء ضروريا؛ حيث أن الجرعة الوقائية مهمة جدًا، وبعد انقضاء مدة الستة أشهر لا مانع من تخفيض الدواء إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله.

الدواء غير إدماني غير تعودي، لا يؤثر أبدًا على الهرمونات النسائية، في بعض الأحيان قد يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن في بعض الناس، ولكن هذه يمكن التخلص منها من خلال التحكم في الطعام.

هذا من ناحية، أي أن خط العلاج الرئيسي في حالتك هو تغيير مفاهيمك حول نفسك وحول حالتك، وقد قمنا بشرح مقتضب في هذا السياق، وتناول الدواء الذي وصفناه، ومطلوب منك أيضًا أن تتجاهلي هذه الأعراض تمامًا، أن تلفتي انتباهك إلى أمور أفضل وأفيد في الحياة.

أنت زوجة وعليك واجبات كثيرة، كوني مثابرة في واجباتك المنزلية، كوني بارة بوالديك وأرحامك، تواصلي مع الصالحات من النساء، ولو تمكنت من الانضمام لحلقة من حلق القرآن هذا سوف يكون أمرًا إيجابيًا ويفيدك كثيرًا.

الخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان ولا ينقصه مطلقًا، اقرئي عن الجنائز، هذا يفيدك كثيرًا، زوري المرضى في المستشفيات، هذا أيضًا يفيد، وهذا نسميه التعرض ومنع الاستجابة السلبية حتى وإن سبب لك قلقا أو خوفا في بداية الأمر، فسوف تجدي بعد ذلك أنه قد حدث لك نوع من التطبع والتواؤم النفسي، الذي يزيل عنك هذه المخاوف - إن شاء الله تعالىـ، وراجعي هذه الروابط حول الخوف من الموت وعلاجه سلوكيا: (259342 - 265858 - 230225 ).

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
--------
إضافة من القسم الشرعي:
أما الحديث الذي ذكرته في سؤالك، فهو حديث ضعيف لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أنه من علماء الحديث من حكم عليه بالوضع، فلا تشغلي نفسك بذلك، ولا تجعليه سببا للهلاوس والوساوس، وفقك الله تعالى وحفظك من كل شر.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً