السؤال
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أشكركم على هذا الموقع الرائع، وأثابكم الله على ما تقومون به من حل لمشاكلنا نحن الشباب, جعله الله في ميزان حسناتكم.
أنا فتاة أعمل معيدة في إحدى جامعات بلدي, فقد تم اختياري أنا وبعض من زميلاتي للعمل كمعيدات في كليات مختلفة في الجامعة بعد أن حصلنا على المراكز الأولى في دفعاتنا والحمد لله، وقد بدأت بإكمال دراسة الماجستير في جامعتي قبل أن تمر سنة من تعييني, لأن أهلي لم يوافقوا على إكمال الدراسة في الخارج، أما بقية زميلاتي فلا زلن يبحثن عن قبول في الجامعات الأجنبية.
المشكلة هي أن دراسة الماجستير في الجامعة ليست قوية جداً على الرغم من أنني أدرس تخصصا علميا باللغة الإنجليزية, فكل الطالبات والطلبة الذين يدرسون معي هم إداريون بالأصل : يعني هدفهم هو الحصول على شهادة ليرتقوا في وظائفهم, ولكنني أنا الوحيدة الأكاديمية التي أكمل دراستي في الجامعة.
المشكلة تكمن أن المحاضرين في الجامعة يحبطون الطلاب، فنحن نعيش في بيئة محبطة مهلكة قاتلة للتفكير والإبداع، فدائماً يشعروننا بأن مستوانا متدنٍ جداً، ويقارنوننا بجامعاتهم وطلابهم في الدول الأجنبية.
أنا مقتنعة أن مستوى جامعاتنا متدنٍ جداً، لهذا السبب لا يوجد مقارنة بين طلابهم وطلابنا، فقد درسنا نحن الأساسيات ولم نتبحر كثيراً في الدراسة الجامعية، فهذا شيء طبيعي أن يكون مستوانا لا يقارن بمستوى طلابهم في الماجستير، فنحن ثمرة وحصيلة الجامعة، فهذه نتيجة وحصيلة ما تعلمناه منهم هؤلاء المحاضرين في الجامعة.
تخيلوا نحن نسمع عبارات الإحباط والمقارنة يومياً، ولكن الغريب في الأمر أن الطالبات والطلاب الذين يدرسون معي لا يكترثون بعبارات الإحباط، عندما تنتهي المحاضرة يذهبون إلى أعمالهم سواء أكانت في الجامعة أم خارجها وكأن شيئاً لم يحدث, أما أنا فأبقى طوال الوقت محبطة ومتضايقة منهم، أشعر أن كل عبارة محبطة تدخل كالسهم المسموم في داخلي، يمكن لأن وضعي يختلف عن باقي الطلبة.
فالمحاضرون هم أساتذتي وفي نفس الوقت هم زملائي في العمل، فمكتبي قرب مكاتبهم وأنا أحضر الاجتماعات معهم لأني أكاديمية، والمشكلة أنهم يتكلمون عنا نحن طلاب الماجستير أمام بقية المحاضرين وفي الاجتماعات، وينقلون ما يحدث في الصفوف الدراسية لبقية زملائهم مما يزيدني إحباطاً، وبعض المحاضرين يقولون لا نلمهم فهم ضحية لهذه الخطط الدراسية التي وضعتها الجامعة، ومنهم من يقول ما هذه الدراسة؟ فالماجستير لا يدرس بهذه الطريقة، وأنا أسمع وأسمع، فلو كنت صخرة لأصبحت فتاتاً.
فهذا أثر على نفسيتي كثيراً حتى أنني أصبحت أكره أن أصحو الصباح لأذهب إلى الجامعة، لأني ذاهبة إلى مكان يملؤه الإحباط والمقارنات، مما جعلني أشعر أنني أقل عن البقية، أشعر أنني صغيرة جداً أمام الأساتذة، وأقل عن باقي الموظفات، فعندما أقارن نفسي بالإداريات والسكرتيرات في الكلية أرى أنني أقل منهم على الرغم من أن وظيفتي وراتبي أعلى منهن.
دائماً تأتيني أفكار أن أهلي ظلموني عندنا منعوني من السفر، فأنا أريد أن أخرج من هذه البيئة المحبطة لأتعلم العلم الحقيقي، وأتعلم في بيئة يملؤها التفاؤل والتحفيز، وأتعلم الماجستير بمواده الصعبة وبحوثه، وليس ما ندرسه من لعب وتمضية وقت. فعلاً أنا أشعر بالغيرة عندما أجد زميلاتي يبحثن عن القبول في الجامعات الأجنبية، وأقول داخل نفسي كم هن محظوظات فسيحصلن على شهادات عالية ويتقن اللغة الإنجليزية، وسيكون لهن شأن كبير، فللأسف جامعتنا تحترم موظفيها وأساتذتها على حسب شهاداتهم ومن أين حصلوا عليها.
أنا لا أنكر أن جامعتي تبعد عن بيتنا فقط نصف ساعة أقطعها بالسيارة، وأحصل على راتب عال والحمد لله، وأعيش مع أهلي عيشة هنيئة، فأنا أعيش في نعمة والحمد لله، ولكن عندما أقارن هذه النعم بدراسة الماجستير في الخارج، وكيف سيكون لي شأن إذا حصلت عليها من الخارج، فسترجح الكفة الثانية.
الجامعة أعطتني فرصة ثانية، وهي بإمكاني أن أقطع دراسة الماجستير وأكملها في أي دولة أختارها بنفسي، ولكن أهلي لم يرضوا وأصروا على إكمالها في الجامعة، فهم يقولون ليس المهم الآن الماجستير؛ فهي فقط خطوة للوصول إلى الدكتوراه، أما الدكتوراه فستكملينها في أي دولة تريدينها عندما يكون لديك أسرة مستقلة.
ما هو توجيهكم لي؟ هل فعلاً أن إكمال الدراسة في الجامعة هو الخيار الأفضل لي؟ وكيف أستطيع أن لا أكترث وأن لا أتأثر بالبيئة المحبِطة القاتلة التي نعيشها في الجامعة؟ وهل أستطيع فعلاً إذا ثابرت لوحدي وبالتعلم الذاتي أن يصل مستواي مثل صديقاتي اللاتي سوف يدرسن في الخارج؟
أثابكم الله على توجيهاتكم، ووفقكم الله دائماً.