الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تَحِل قريبتي عقد زواجها لسبب فقر زوجها المدقع والشديد؟

السؤال

أعرف واحدة وهي من معارفنا زواجها متزعزع بين حل العقد قبل الدخول بها أو الاستمرار؛ والسبب الفقر المدقع والشديد الذي يعاني منه زوجها أو من ستزف إليه بعد عام، هل تستمر في زواجها أم تعدل؟ وما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نشكر لك ابنتنا الفاضلة تواصلك مع موقعك، ونسأل الله أن ينفع بك البلاد والعباد، وأن يعينك على نصح هذه الأخت، وعلى مساعدتها والوقوف إلى جوارها، وننصح هذه الفتاة إذا كان الخاطب صاحب دين وصاحب أخلاق وصاحب منزلة رفيعة، وجاء ليبحث لكنه لا يجد ومجتهد لكن رزقه ضيق أو المال الذي بين يديه قليل أن تُكمل معه المشوار، لأن الله قال: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإيمائكم} هذه دعوة للمجتمع، ثم قال: {إن يكونوا فقراء} فأنَّى قائل يقول: من أين يا رب؟ أين الدرهم والدينار؟ فقال: {إن يكونوا فقراء يُغنهم الله من فضله والله واسع عليم} وكان السلف يقولوا: (التمسوا الغنى في النكاح) فالنكاح سبب للغنى من وجوه:

• أنه يجتمع فيه رزق الزوج مع رزق الزوجة، وطعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وإذا جاء أولاد ينضم رزقهم إلى رزق الوالد.

• أن الله وعد المتزوج بأن يغنيه من فضله، قال - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاث حق على الله عونهم) وذكر منهم (الناكح يريد العفاف).

• وأن الإنسان بعد الزواج يعرف قيمة الدرهم والدينار فيوفر ما عنده ويحسن استخدام الأموال التي بين يديه، وقد يبحث عن عمل إضافي، ويجتهد في البحث عن عمل، لأنه يشعر بمسؤوليات كبيرة في عاتقه، وأنه مسؤول عنهم، قال - صلى الله عليه وسلم - : (كفى بالمرء إثمًا أن يضيّع من يعول).

من هنا فنحن ندعو هذه الفتاة، ونكرر إذا كان الخاطب صاحب دين وصاحب أخلاق ومجتهد وجاد – أيضًا – لأن بعض الناس ليس عنده عمل – ليس عنده فلوس – لكنه أيضًا ينام ويتكاسل لا يبحث ولا يجد، فهذا أيضًا لا يُقبل، أما من كان يجتهد ويعمل ويكدح لكن مع ذلك الفائدة كبيرة، فإن هذا ينبغي أن يُعان، ينبغي أن يُشجَّع، ينبغي أن نساعده بكل ما نستطيع، لأن هذا أدى ما عليه، اجتهد والتوفيق من الله تبارك وتعالى.

لذلك نحن ننظر في حال هذا الرجل وفي دينه وفي أخلاقه، ثم ننظر في حال هذه الفتاة ما هي الفرص المتاحة لها؟ ماذا لو لم تُكمل مع هذا الرجل؟ ما هي ردود الفعل المتوقعة؟ هل بإمكان أهلها أن يساعدوه؟ هل في أهلها من يستطيع أن يساعدهما؟ ألا توقن هذه المرأة أن الله هو الرزاق سبحانه وتعالى، وأن الرجل يأتي برزقه والمرأة تأتي برزقها الذي كتبه الله وكل طفل - يأتي - يأتي برزقه، (وهل تُرزقون وتُنصرون إلا بضعفائكم) بذكرهم ودعائهم وإخلاصهم لله.

وندعو الجميع أيضًا إلى أن يُحسن العبادة والإنابة، وأن نكثر من التوجه إلى الله تبارك وتعالى، وأن نستقيم على شرع الله، فإن الله قال: {وأنْ لوِ استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقًا}، فالاستقامة والصدق مع الله مفتاح للأرزاق.

ولو صدقوا وما في الأرض نهرٌ *** لأجرينا السماء لهم عيونًا
ولأخضعنا لمُلكهم الثُّريا *** وصيرنا النجوم لهم حصونا

هذه دعوة إلى الإقبال على الله، إلى تقوى الله الذي يقول: {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرًا} ويقول: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

ندعوهم جميعًا إلى كثرة الاستغفار، فإنه باب من أبواب الرزق، قال تعالى: {فقلت استغفروا ربكم} ما هي الثمرة ما هي النتيجة؟

• ىيرسل السماء عليكم مدرارًا.
• ويمددكم بأموال وبنين.
• ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا.

نوصيهم كذلك – ونوصيكم – بكثرة الصلاة على النبي - عليه صلوات الله وسلامه – ونوصي قبل ذلك وبعده ببذل الأسباب، ثم التوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى، ونوصي الجميع أيضًا بأن يحرصوا على كثرة اللجوء إلى الله، ثم بالصبر، فإن العاقبة للصابرين، وسيكون من المفيد أيضًا أن تنظر المرأة في رأي أهلها وفي أحوالهم وفي الذي عندهم، ولكننا نكرر: إذا كان صاحب دين وصاحب أخلاق ومجتهد لكن المال الذي بين يديه قليل فهذا ينبغي أن تُكمل معه، وينبغي أن يُعان من قِبل الناس جميعًا، ونسأل الله أن يسهل على شبابنا أمر الزواج، وأن يلهمنا ويلهمهم السداد والرشاد.

وأرجو أن تعلم – بنتنا – أن الحب ليس بالأموال، ولا يعرف الغنى ولا يعرف هذه الفوارق، لأن الحب هو تلاقي أرواح، والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، وإذا وجد الحب فإن الإنسان يضحي، تلك اليتيمة التي قال النبي - صلى الله عليه وسلم – وقد خطبها رجلان، موسر وفقير، قال أهلها: نحن نريد لها الغني، وهي تهوى الفقير، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (زوجوها بمن تُحب، فإنه لم يُرَ للمتحابين مثل النكاح).

فنسأل الله أن يتم لهم هذا الأمر، وأن يوسع عليهم أبواب الرزق، وأرجو أن يجدوا منك – ابنتي – المساعدة، وممن حولهم، ونحن على ثقة أن الإنسان إذا أقبل على دخول الحياة الزوجية إلا وجاءه التوفيق من هنا وهناك وأعانه الله تعالى على ذلك بوعد منه سبحانه، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً