الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل وجود بعض السلبيات في الخاطب تكفي لطلب الطلاق؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.

أتساءل؛ لأي حد يتنازل الشخص عن مشاعره عند التفكير في الزواج مع تقدمه في العمر, إذا كانت المرأة تتقدم في السن هل الأفضل لها دائما القبول بالزوج, وإن كانت تتضايق منه, ونفسها لا تقبله لا شكلا ولا موضوعا؟

أليست النظرة الشرعية لها أهميتها في تحديد القبول بالشخص للزواج, ثم إذا تم تجاوزها لعل أخلاق الشخص وتصرفاته تغني عن المظهر, وبعد عقد القرآن كانت الخيبة والضيقة مع كل لقاء؛ لأن أخلاقه وحديثه لا تتسم بالرجولة, فحديثه حديث النساء في ذكر تفاصيل كل شيء, والحديث عن الآخرين, وبعض أفكاره مثل قوله إنه كان يريد أخذ دورة في المكياج, ومثل أنه قام بتصوير أبيه بالفيديو عند دفنه, وهي تحس بأنها أشياء غريبة فتخشى من أفكاره, ومدى رجولته في المستقبل.

أعلم أن العنوسة قاسية, ولكن هل الزواج دائما هو أفضل من العنوسة؟ إذا كانت المرأة لا ترى في الرجل ما تحبه فهل هذا عذر واهٍ؟ وهل القبول دائما أفضل؟ هل سيكون الندم هو الغالب في المستقبل عند طلب الطلاق الآن قبل موعد الزفاف؛ خشية أن تستمر عدم الرغبة في هذا الرجل بعد الزواج؟

هناك حالات يستمر فيها عدم حب الزوجة لزوجها حتى بعد الزواج, فلا أريد أن أظلمه وأظلم نفسي, فهل أخوض تجربة الزواج على أمل أن تتبدل المشاعر لاحقا؟

يقولون إن هناك نوعا من التوتر والضيق يحصل قبيل الزفاف, لكن القبول لم يكن أصلا موجودا, ولم تكن مدة الخطوبة كفيلة بتغييره.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ khadeja حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يلهمنا وإياك السداد والرشاد، ونكرر ترحيبنا بك، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض لهذا السؤال، فإن هذا يدل على كمال عقلٍ ونضجٍ في طرح هذه المسألة.

ونحن نريد أن نقول بداية: لا يصلح في أمر الزواج مسألة المجاملات، والأمور ينبغي أن تُبنى على خطوط واضحة جدًّا، والارتياح الذي ينقدح في نفس الخاطب والمخطوبة بعد النظرة الشرعية له أثر كبير، لأن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف, وما تناكر منها اختلف، فإذا حصل وفاق وقبول وميل ثم تبدل هذا الميل, وتبدل هذا الحب إلى كره, وحصل النفور بعد ذلك؛ فإننا ننظر هل لهذا النفور أسباب؟ فإن كان للنفور أسباب فإننا ننظر في الأسباب، ونعالج هذه الأسباب، ونعرف هل هي عيوب مستديمة، عيوب يمكن أن تتقبل، عيوب يمكن أن تنغمر في بحور الحسنات، لأنه لا يوجد إنسان ليس فيه عيوب، وإذا كان هذا النفور وعدم القبول ليس له أسباب ظاهرة فعند ذلك نحتاج إلى الرقية الشرعية, والتعوذ بالله من الشيطان, وحسن التوجه إلى الله تبارك وتعالى، والمواظبة على ذكره وتلاوة كتابه سبحانه وتعالى.

وقبل هذا وبعد هذا دائمًا نحن ننصح بأن تكون النظرة نظرة شاملة لعواقب الأمور وللبدائل المتاحة، وإيجابيات هذا الشخص، ووجهة نظر الأسرة، ومستقبل الفتاة, ومستقبل الشاب، وأثر هذا الرفض عليه، وأثر القبول عليها، دائمًا الإنسان لما ينظر هذه النظرة الشاملة يجعل القرار صحيحًا ودقيقًا، لأنا فعلنا الأسباب بعد أن توجهنا إلى رب الأرض والسموات سبحانه وتعالى.

فمن هنا يتضح – ونحن نسأل سؤالا – هل هذا النفور له أسباب، وأنت تقولين لم يكن القبول من البداية، هل صليت الاستخارة؟ ما رأي الأسرة؟ هل الشاب ممن يصلي ويصوم ويسجد لله تبارك وتعالى؟ هل هذا النفور من أجل شكله؟ من أجل كلامه؟ من أجل تصرفاته؟ .. إذا ذكرت لنا السلبيات فما هي الإيجابيات التي وجدتها في هذا الرجل؟ لأن من الإنصاف أن توضع الإيجابيات في كِفة, والسلبيات ننظر إليها بالعين الأخرى، وطوبى لمن غمرت سيئاته في بحور حسناته، فمن الذي ما ساء قط، ومن له الحسنى فقط، وإذا بلغ الماء قلتين فلا يحمل الخبث.

ولا تستطيع الفتاة أن تطلب شابا بلا عيوب؛ لأننا بشر، وكذلك ما ينبغي للشاب أن يطلب فتاة ليس فيها عيوب، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلقًا رضي منها آخر) فإذن نحن ندعوك الآن بعد قراءة هذه الاستشارة أن تأخذي ورقة وتكتبي فيها إيجابيات هذا الشاب، وسلبيات هذا الشاب، أسباب هذا الضيق، إن عرفت الأسباب ما هي البدائل المتاحة بالنسبة لك، رأي الأسرة في هذا الرجل، فالرجال أعرف بالرجال.

أما هذه المسائل التي تذكرينها من أنه لا يتكلم، ومن أنه يقول مثل هذا الكلام، هذا ليس معيارًا وليس مقياسًا، صحيح الكلام مهم ويدل على عقل الإنسان، لكن بعض الشباب لما يجلس أمام مخطوبته يتكلم بمثل هذا الكلام، وبعضهم يتوسع فإذا انتهى من الصدق دخل في هذه التخريفات مثل هذه الأمور، بعضهم يتأثر بأصدقائه الذين يتكلمون في هذه الأمور، وإذا كانت المرأة عاقلة فإنها تستطيع أن تغير في خطيبها وفي زوجها الكثير، وأنت - إن شاء الله تعالى – عاقلة وناضجة، لكن حتى يكون القرار واضحًا ينبغي أن تصلنا إفادات عن إيجابياته وعن سلبياته، وعن رأي الأسرة، عن أسباب النفور هل هي موجودة، مثلا شكله وطباعه كذا وتصرفاته كذا، لأنه كذا، لأنه يتكلم بكذا، أم أنه نفور غير مبرر وليس له أسباب.

أيضًا ما هو رأي أسرته؟ هل سألتم عنه؟ هل عرفتم أصدقاءه؟ لأن هذه من المسائل المهمة، هل عنده قدرة على تحمل المسؤولية؟ حتى يكون القرار صائبًا نتمنى أن تصلنا توضيحات لمثل هذه المسائل.

أما ما ذكرت من وجود النفور قبل الزواج فهذا أمر طبيعي، لكن هذا النفور عبارة عن ضيق وتوتر لأن الإنسان يُقدم على مسؤوليات، وإذا حصل الوفاق في البداية, وحصل التفاهم قد يحصل توتر في الأيام الأخيرة قبل الزواج، وهذا طبيعي، لأن الإنسان مشغول ومهموم، يتخيل مجيء الناس، وماذا سيحدث؟ هذا كله يتلاشى في أول ليلة في الزواج.

ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان، وسوف نكون سعداء إذا وصلتنا إشارات وتوضيحات حتى نساعدك في اتخاذ القرار الصحيح، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً