الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإعجاب بالفتيات... وكيفية الخلاص من ذلك

السؤال

السلام عليكم
نشكر لموقعكم الكريم ولشخصكم حل جميع أنواع المشاكل، وأسأل الله سبحانه أن يجعل ذلك في موازين حسناتكم.

أنا شاب ملتزم -والحمد لله- وأدرس في الهندسة، كتوم كثيرا، وهادئ...

مشكلتي تتمثل في:
1) عندي مشكلة عاطفية؛ حيث إني كلما أرى فتاة ملتزمة أفتن بها، وينتابني شعور غريب فيه طابع من البهجة أو شيء من هذا القبيل، لكن سرعان ما أستغفر الله، وأغض بصري، لكن المشكلة صعوبة غض البصر بسبب الاختلاط الذي نشكو منه في بلادنا في كل مكان، طريق المواصلات، الكليات (خاصة في القطار، فأنا أمضي فيه 3 ساعات كل يوم للتنقل للكلية، وكثيرا من الأحيان يطابق وقتي خروج الأخوات اللاتي يدرسن في كلية العلوم الشرعية، وأحاول تغيير المقطورة دائما، لكن لا أستطيع، إما بسبب الاكتظاظ أو خوف من سوء فهم الشخص الذي يجلس بجانبي أو أمامي، أحاول شغل وقتي بقراءة كتاب ديني، والآن أسعى لشراء حاسوب لوحي لأشغل به).

المشكلة أني لا أشعر بهذا الشيء إلا عندما تكون بنتا ملتزمة ومتدينة بشكل تام من حيث حيائها، تصرفاتها، لباسها، أما البنات الأخريات فلا أنظر إليهن إطلاقا.

ممكن من تحليلي لشخصيتي وجدت أنه يمكن أن أكون لتفكيري في الزواج والزوجة الصالحة، وأيضا لشوقي للحنان الذي فقدته في العائلة (سأطرح الموضوع في سؤال 2 ) أو شيء من هذا القبيل، مع العلم أني لا أستطيع الزواج إلا بعد 4 - 5 سنوات من الآن إلى أن أكمل دراستي، وأبحث عن عمل.

وفي نفس السياق تدرس معي بنت منذ السنة السابقة وستظل تدرس معي سنتين أخريين، وبصراحة أنا معجب جدا بحيائها وأخلاقها ودرجة التزامها.

حاولت تغيير الفصل لكن لم أستطع لعدم توفر فصل آخر في نفس الاختصاص، والشيء الذي زاد سوءًا في الكلية أنهم يعطونا مشروعا يشتغل عليه شخصان، ويكون الاختيار للأشخاص بصفة آلية، فمن حظي كنت أنا وهذه الأخت في نفس المشروع، حاولت الحديث مع الأستاذة لكنها رفضت، وبصراحة أن خائف جدا وحائر ماذا أفعل؟ حتى أني لا أتحدث مع الفتيات إلا إلقاء السلام، وتحدثت مع هذه الأخت مرتين فقط مرة لأعطيها بطاقتها التي نستها السنة السابقة، ومرة أخذت مني كتابا للدكتور عائض. انصحوني ماذا أفعل.

2) تربيت في عائلة شبه ملتزمة؛ حيث كان ممنوعا علي الخروج، مراقبة مستمرة منذ الصغر، أنا أعذر والدي وأمي في هذا الشيء؛ لأنهما كانا يخافان علي بسبب أننا نسكن في منطقة تقريبا ليس فيها شاب واحد ملتزم في عمري، لكن كانوا كثيري الكبت -كما يقال- مما سبب لي الكثير من المشاكل النفسية من قبيل الخجل، الرهبة الاجتماعية، عدم القدرة على التأقلم مع الناس، مع أني كنت أدرك ما الصحيح من الخطأ لكن ماذا نفعل.

3) أنا أشكو الآن من الوحدة، وحاولت الخروج، والبحث عن دروس تعليم التجويد، لكن دائما ما تكون الصداقات سطحية فقط، ما أدى بي لإدمان الحاسوب والعادة السرية.

أنا الآن أعمل على التغيير، وقد اخترت من اليوم الذي يقابل عيد ميلادي لذلك لتكون ثورة وعملت "بلوك نوت"، وأحاول ترتيب وقتي بين المحافظة على الصلاة في المسجد، والرياضة، وعزمت على دراسة السيرة النبوية في رمضان، ومواصلة حفظ كتاب الله، لكن أجد صعوبة في الانضباط بالبرنامج، والخروج من العزلة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ احمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نشكر لك - ابننا الفاضل – هذا التواصل مع الموقع، ونشكر لك الثناء على مجهودات إخوانك، ونحب أن نقول: هذا واجب علينا، وشرف لنا أن نكون في خدمة أبنائنا الذين هم أمل الأمة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بك البلاد والعباد.

وقد أسعدني في هذا السؤال هذا الحرص على الخير، وهذه الرغبة التي تدل على الورع، وإنما شفاء العي السؤال.

أسعدني أيضًا أن يكون الإعجاب بالفتيات المتدينات، فإن هذا هو الكمال، أن يعجب الشاب بالفتاة المتدينة، وتعجب الفتاة المتدينة بالشاب المتدين، لأن هذا هو الأصل، والفتاة المتدينة والشاب المتدين عندما يعجب كلٌ منهما الآخر في الدين، هذا هو المعيار الذي ينبغي أن نسعى إليه، بل هو وصية النبي - عليه الصلاة والسلام – للرجال أن يفوزوا بصاحبة الدين، ووصية لأولياء المرأة بقوله: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه).

هذه مشاعر نبيلة، وأنت الآن ولله الحمد تخاف أن تتمادي هذه المشاعر، ومن التطورات التي يمكن أن تحصل بعدها، ولكن أسعدني أيضًا هذا الشعور.

والأمر الثاني: محاولة اتخاذ وسيلة مهمة جدًّا، وهي الانشغال بقراءة كتاب أو نحو ذلك، والإنسان حتى لو نظر فتعتبر النظرة الأولى له، لكن الثانية عليه، كما سأل عليٌ - رضي الله عنه – النبي - صلى الله عليه وسلم – عن نظر الفجأة؟ قال: (اصرف بصرك) ونعتقد أن الطريقة التي تحاول بها صرف النظر هي طريقة نافعة ومفيدة جدًّا، فاستمر على هذا الخير، وابتعد جهدك عن مواطن النساء، لكن إذا كنت مضطرًا فعليك أن تغض البصر، وعليك أن تشتغل بالذي هو خير، بالتلاوة، أو بقراءة كتاب أو بالنظر في أعمال وضعتها في حاسوب خاص بك، وهذا يعينك على الاستفادة من الوقت، ويعينك أيضًا على غض البصر وشغل النفس بالمفيد؛ لأن تتابع النظرات تجلب الحسرات.

فإنك متى أرسلت طرفك رائدًا **** أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت عليه قادر**** ولا عن بعضه أنتَ صابرُ.

وأيضًا أسعدني وأفرحني ما كان يحصل من الوالدين من حرص على تربيتك تربية صحيحة، وبعدك عن هذا الواقع السيئ، ورغم أنهم مخالفون معك إلا أنك فهمتَ أن مرادهم أن المصلحة لك والخوف عليك، وتلتمس لهم العذر.

وأنت الحمد الله الآن تجني الثمار الطيبة، وعليك أن تتفادى الآثار السالبة لذلك الحصار الذي كان يحصل، وأنت الحمد لله تجاوزت هذه المرحلة، والدليل هذا الفهم وهذه الطريقة التي كتبت بها هذه الاستشارة، التي نحن سعداء جدًّا بها.

لا يخفى عليك أيضًا أن الإنسان ينبغي ألا يذهب لفراشه إلا عند النوم، ولا يكون في الفراش بعد أن ينتبه من نومه، لأن هناك وساوس قد تدفعه لممارسة العادة السيئة.

كذلك أيضًا ينبغي للإنسان أن يشغل نفسه بالمفيد، بالتلاوة، بالدراسة، بالرياضة، لأن النبي - عليه الصلاة والسلام – قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) فإذن من المعالجات الجرعة الإيمانية، بالصيام، بالصلاة، من المعالجات تأجيل الفكر أصلاً، لا يفكر في هذا الأمر إلا عندما يتهيأ له.

من الوسائل لعلاج هذه الشهوة والمشاعر لدى الإنسان: الاستبدال، بأن يستبدلها بأعمال بدنية شاقة، بأعمال نافعة، يشغل نفسه بالمفيد.

واجتهد في أن تكون إلى جوار الرجال، فإذا وجدت نفسك في الجامعة أو في غيرها مع فتاة أو اضطررت أن تسأل سؤالاً أو تأخذ دفترًا فعليك أن تتقيد بالأحكام الشرعية التي ينبغي أن يراعيها من يتعامل مع المرأة، بأن يغض بصره، بأن يكون هذا التعامل محدودا وفق الضرورة، بأن يكون التعامل في المعروف، بألا يكون فيها ثمة خضوع في القول، إلى غير ذلك من الأشياء التي لا تخفى على أمثالك مما ينبغي أن يراعيه الإنسان وهو يحتكم لهذه الشريعة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها.

وإذا كان وضع الأسرة جيدا فلا مانع من أن تعرض عليهم الرغبة في الزواج إذا كانوا سيساعدونك، وإذا كان غير ذلك فنتمنى أن تتشاغل بما هو أفيد، وتتشاغل بالنجاحات التي تعينك على تهيئة النفس بقدر ما تستطيع من أجل أن تتزود بالزاد وتتزوج.

نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً