الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد أن أسعد وأوقن أن الله راض عني، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرسلت استشارتين من قبل، ولكنني لستُ مستعجلة، وإنما ظننت أنكم نسيتم، أردت أن أضيف سؤالاً واحداً، وساوس كثيرة تأتيني (أن الله غير راضٍ عني) فكيف أعرف أن الله راضٍ عني؟ أشعر أن الله لا يحبني وغاضب علي؟ بدأت أتعب كثيراً.

هل حين يكون الإنسان سعيداً يعني رضا الله؟ وإن كان حزيناً يعني غضبه؟ أنا حقاً متعبة وأرغب في معرفة ما إن كان الله يحبني وراضٍ عني، أريد أن أكون من عباده الصالحين، ولكن قلبي دائماً يقول لي: إني لستُ كذلك، فقد تعبت!

مشكلتي الأخرى تكمن في ضعف شخصيتي، أكره البكاء أمام الناس، ولكن أحياناً يقول الناس كلاماً ولا أتوقف عن التفكير به، كما أنني أشعر أن لساني قد تجمد، فإن تكلمت فسأبكي! كيف أثبت للآخرين غير ذلك؟ وكيف أكون قوية الإيمان والشخصية؟ لا أدري ماذا أفعل.

في تلك المرة، سمعت طالبات يتكلمن عني، وأنا هذه الأيام أتوتر بسرعة، وتدمع عيني على الرغم من أني لا أبكي، فهم ظنوا أنني كنت أبكي ولا أدري ماذا كانوا يتكلمون، ولكنهم كانوا ينظرون إلى وجهي ويضحكون وهم طالبات الصف معظمهن منحرفات، هداهن الله.

سمعت إحداهن تقول إنها تخشى أن يكون أطفالها هكذا! لم أفهم قصدها، ولكن هل يستحق الموضوع الاهتمام؟ وهل أنا حقاً لن يفخر الشخص إن كان أطفاله مثلي؟ وأنا كتومة ويظنوني هادئة، وأنا لا أريد أن أكون هادئة، ولكنني أخاف من ردة فعل الناس، فقد قلت مسبقاً إني أشعر أن الجميع يكرهونني، وأنا من النوع الذي نادراً ما يبوح بمشاكله.

أشعر أني أتغير في المدرسة، أشعر أني لا أعرف نفسي، أحياناً يمر رجال في المدرسة في قسم البنات فيرون شعري، وأنا لا أتعمد إظهاره، فأسارع في تغطيته.

هل يحاسبني الله؟ أشعر أني إنسانة ضعيفة وتهتم بما يقوله الناس، فهل ما يحدث لي دليل على عدم رضا الله عني؟

وشكراً جزيلاً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آمنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

أنت دخلت في حوار نسميه بالحوار الوسواسي، وهذا مزعج جداً، لأن الوساوس إذا حاورها الإنسان وحاول أن يشخصها ويحللها ويجيب عن كل صغيرة وكبيرة فيها هذا يؤدي إلى تشعب وسواسي، وهذا يتعب النفس جداً.

أريدك أن تحتمي الفكرة العلاجية، لأن الوسواس تعالج من خلال التحقير والرفض لها، وتجاهلها بالرغم من استحواذها وإصرارها، وسواسك كيف أعرف أن الله غاضب عني وهكذا تتعاملين معه على أنه وسواس.

الفكرة نفسها قولي لها: أنت فكرة حقيرة، وأنت فكرة وسواسية، والعبد مطالب أن يفعل ما أمره الله تعالى به ويتجنب نواهيه ويسأله الرحمة، وليس هنالك أبداً مقياس بخلاف ذلك على الرضى.

أختي الكريمة، هذا وسواس يجب أن تغلقي التفكير فيه، ويجب ألا تناقشيه، ويجب أن لا تفصلي فيه، والصحابة رضوان الله عليهم اشتكوا من الوسواس، وهنالك من قال يا رسول الله يأتينا إلى نفوسنا ما لا نستطيع أن نقوله، وهنالك من قال للرسول صلى الله عليه وسلم لزوال السموات والأرض أحب إلي من أن أتكلم به، وكان هذا الصحابي يقصد الوسواس فأجابهم الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه، إجابة تربوية ومطمئنة (أوجدتموه؟ ذاك صريح الإيمان) أو كما قال .. فهذا الذي يدور في خلدك -إن شاء الله تعالى- هو من صريح الإيمان.

الإنسان حين يجد شيئاً من هذه الوسوسة، فكما أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم ليقل آمنت بالله ثم لينته، أغلقي الطريق أمامها من خلال هذه الآليات العلاجية، هذا مهم وهذا ضروري، ولا تكوني حساسة، وكل ما ورد في رسالتك فيما يتعلق بمشاكل العلاقات البسيطة التي تحدثت عنها من خلال الأحداث التي وقعت مع الزميلات، وخلافها أعتقد أنها ناتجة من الحساسية لديك، ويعرف أن الذين يعانون من السمات والوسواسية دائماً تأتيهم حساسيات، وشيء من سوء التأويل، وهذا يصرف الانتباه عنه -إن شاء الله- من خلال التحقير كما ذكرنا.

أيتها الفاضلة الكريمة، أعتقد أنها سوف تكون سانحة طيبة جداً أن تذهبي وتقابلي طبيباً نفسياً، وهذا إن شاء الله تعالى سوف يفيدك ويعطيك المزيد من الثقة في نفسك.

التوجيهات سوف تكون في نفس الاتجاه الذي ذكرته لك، لكن المقابلة الشخصية لها فائدة كبيرة، كما أن العلاج الدوائي مطلوب، ومطلوب جداً في حالتك، وهو مفيد بإذن الله تعالى.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على التواصل مع إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فاعل خير

    أختي العزيزه
    و أنا أقرأ رسالتك وكأني أقرأعن نفسي و أنا في المرحلة الدراسية كنت أعاني تماما من نفس مشاكلك عندما كنت طالب في المدرسه كان تحدث معي مواقف مثل التي تقولينها و كنت خجولا جدا جدا جدا و بالأضافه كنت "متدينا" بشكل مبالغ فأذا مال نظري لفتاة أحاسب نفسي أشد الحساب لدرجة أنه صار عندي عقده من التعامل مع النساء و قد لاحظت هذا الأمر بشده عند دخولي الجامعة .المهم هذه أول مرة أكتب فيها تعليق في هذا الموقف والسبب شدةإهتمام بأخبارك بترجبتي الخاصة في هذا المجال .....و ما حصل مع كان كالتالي أستمرت هذه الوساوس و المبالغةالمفرطة في "التدين " أدت إلى دخولي في توترات نفسية حادة أثرت وبلغت قمتها في مرحلة الثانوية العامة.... بعده كرهت الدين و أحكامه و شيوخه و علمت أنني كنت أحمق بسماع لأغلب شيوخ العرب الذين يعيشون في العصور الحجرية و الفكر المتطرف ... ومرت فترة لم أعد أطبق أي شيء من الأسلام ((مع إحتفاظي بأخلاقي)) و بعدها كان لابد من عودة صحية للدين فكان الدكتور عدنان إبراهيم هو المنقذ الوحيد لي شخص فهم الدين ثار على كلاسيكية شيوخنا وأبدع في قهم النصوص أنصحك بمشاهدة خطبة و بالأضافة له هناك الشيخ أحمد ديدات رجل رائع .... و عندها بدأت أعيد بناء ما تحطم بنيت فكر متحرر سليم واثقا بنفسي عالما لهدفي في الحياه الله لم يخلقني لأضيع وقتي وليلي ونهار أفكر بكم قرئت وكم كررت و هل كان كافيا ""الله خلقنا لنعيش سعيدين مرتاحين ناجحين أجعلي تفكيرك بنجاحك الدراسي ولا تخشي أحدا كون واثقه بنفسك فأنا كنت مثلك ولكن لا تدعي تعليقات التافهين تؤثر فيك بل أشفقي عليهم لتفاهتم و أرتقي بنفسك لأنك أفضل منهم لديك ما يميزك عنهم فقط أطلقي طاقاتك فكري بذالك تلك هي العبادة الحق لا أن تضيعي نهارك كله لأن رجلا رأى شعرك بالغلط اللهما فرض الحجاب لنتعامل معه هكذه)) و أنا الأن أعيش حياتي بقاعدتين((أولاأحكم عقل في الأمور من حولي و في أختيار الصائب منها حتى لو كان أختاري مخالفا لأغلب شيوخ العرب فهذا لا يعني أنه خاطئ ))((ثانيا الهدف من الدين الراحة النفسية والنجاح في الحياة على الصعيد الشخصي و العائلي و المجتمعي ليس الهدف من الدين أن تكرر دعائا 100 أو 300 مره ولا أن تدخل نفسك في متاهات الخطايا و تشغل نفسك في عدها ومحاسبت نفسك عليها فقط أحترم الأخرين لا تؤذيهم و كون ناجحة))

  • ليبيا ساميه

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد انا اسضا اعاني من هده الوساوس والله المستعان

  • السعودية علي

    اختي كما ذكرتي موقفك مع صحباتك عندك ضعف في الشخصيه وانتي تهتمي باراء الناس قبل ان تفكري بنفسك يجب عليك ان تكوني قويه و تتواجهي مع هذه الامور وتقوي من شخصيتك وتكوني صريحه جدا .

  • ليبيا طاهر ليبيا

    أنا أري والله أعلم أن الله يحبك لأنكي حسب كلامك أنتي علي الطريق المستقيم
    اذا إنتي تحبينا الله
    ومن أحب الله هانت عليه كل الدنيا

  • سما الجزائر

    قد يعاني الانسان من بعض الوساوس لكن عليه ان لا يلتفت اليها و ان يهملها لأنها تضر بنفسيته و استعيني بالله فهو المخرج من كل هم.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً