الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شفيت من مخاوف الظروف الجوية وأصبت بوسواس الموت!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

مشكلتي بدأت منذ ثلاث سنوات، أصبحتُ فجأةً أخاف من كل شيء وخاصةً الظروف الجوية، فعندما أسمع صوت الريح أو الرعود تأتيني حالة من الخوف والهلع ولكن -والحمد لله- انتهت هذه الحالة، لكن أصابني وسواس الموت، وأصبح كل تفكيري بأعراض الجلطة القلبية، فأنا أعاني من غازات شديدة، وعندما زرت الطبيب قال: إنه القولون العصبي، وتزداد الغازات مع حالات الخوف، كما يوجد لدي نغزات بالصدر من جهة القلب وألم باليد اليسرى من الرسغ إلى الأصابع، وأحياناً أحس بتنميل خفيف فيها، وفي الرجل اليسرى من الركبة، مع العلم أني أستخدم اليد اليسرى في كل أعمالي، ولا يوجد أحد في العائلة لديه أي مرض في القلب أو حتى ضغط أو سكري.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

كل هذه الأعراض التي ذكرتها دليلٌ على وجود حالةٍ من حالات القلق نُسميها بقلق المخاوف، وقلق المخاوف فعلاًً يُزعج صاحبه، ويُصبح استحواذياً جدًّاً للدرجة التي يُدخل الإنسان في وسوسة ومخاوف مرضية، وهذا قطعًا يكون له تبعات، منها: الخوف من الجلطات القلبية والأمراض الخطيرة والموت.

إذن: الحالة حالة قلق نفسي ليست أكثر من ذلك، ومثل هذه الحالة قد تدل على مكونات رئيسية لشخصيتك، ربما تكون شخصيتك حساسة، وربما لديك ميول للقلق، وهذه الحالات نعتبرها حالات عابرة، لكن بما أن أعراضك قد بدأت منذ ثلاث سنوات أعتقد أنها تستحق العلاج الدوائي.

الأدوية المضادة للقلق والتوترات والمخاوف كثيرة، ومعظمها فاعلة وسليمة جدًّا، فأرجو -أيتها الفاضلة الكريمة- أن تُقدمي نفسك وتقابلي الطبيب النفسي، وسوف تجدين منه -إن شاء الله تعالى– التوجيه والعلاج الصحيح، وإن صعب عليك أمر الذهاب إلى الطبيب النفسي هنالك دواء بسيط جدًّا يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس)، ويسمى علميًا باسم (إستالوبرام) فعال جدًّا لعلاج قلق المخاوف الوسواسي المصحوب بالأعراض الجسدية مثل التي تعانين منها، وجرعة الدواء المطلوبة في حالتك صغيرة، وهي أن تبدئي بخمسة ملجم-أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام-، تناوليها بعد الأكل يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبةً كاملة، واستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك تبدئين في التخفيف التدريجي للدواء، وذلك بأن تجعلي الجرعة خمسة ملجم –مرة أخرى– وتتناوليها يوميًا لمدة شهر، ثم خمسة ملجم يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء. هذا الدواء من الأدوية الممتازة والسليمة، والجرعة التي وُصفت لك هي جرعة صغيرة جدًّاً.

بجانب تناول هذا الدواء يجب أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس المتدرج، وكذلك شد وقبض العضلات وإطلاقها، هذه التمارين نافعة جدًّا، وموقعنا إسلام ويب به استشارة –وغيرها كثير– تحت رقم (2136015) توضح كيفية إجراء هذه التمارين.

وهنالك أيضًا مكوّن علاجي مهم جدًّاً، وهو التغيير المعرفي –أي التغيير الفكري– حول هذه المخاوف، بمعنى أن الإنسان يجب ألا يستسلم لها، لا يقبلها، بل على العكس تمامًا يرفضها، ويحاور نفسه: "ما الذي يجعلني أخاف؟ أنا الحمد لله بخير، الوسواس حول الموت أمره محسوم تمامًا والآجال حتمية، وهي بيد الله تعالى" وبذلك يرتقي الإنسان فكريًا ومعرفيًا، فإذن الرفض الفكري المعرفي للمخاوف مهم جدًّا، وذلك بتجاهلها.

الأذكار الراتبة أيضًا مهمة جدًّاً في حياتنا، مثلاً الخوف من صوت الريح والرعود التي كنت تتخوفين منه في فترة من الفترات، فقط لو استذكرت بتمعن وتدبر الدعاء المأثور (اللهم إنا نسألك خير هذه الريح وخير ما أُرسلت به، ونعوذ بك من شرها ومن شر ما أُرسلت به) هذا قطعًا يبعث طمأنينة عظيمة جدًّاً في نفس الإنسان، وإذا استذكر أيضًا النص القرآني: {ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خِيفته ويُرسل الصواعق فيُصيب بها من يشاء وهم يُجادلون في الله وهو شديد المِحال} بمعنى أن يتفكر الإنسان في عظيم خلق الله، وأنه ما خلق هذا باطلاً، ويسأل الله تعالى عند ذلك {ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار}، وبمعنى أن يتفاعل الإنسان مع أحداث الكون من ريح ومطر ورعد وكوارث وزلازل، يتفاعل بما ورد في السنة النبوية المطهرة. نحن كثيرًا ما نغفل عن علاجات قرآنية ونبوية في حياتنا، ذكرت هذا مجرد تذكرة، وأنا أعرف تمامًا أنك حريصة على أمور دينك.

أرجو أن تصرفي انتباهك تمامًا عن هذه الأعراض، أنت لك مسؤوليات أسرية، ولك أشياء طيبة كثيرة جدًّا في حياتك، فاجعلي حياتك مفعمة بالأمل وبالرجاء، واشغلي نفسك، وأديري وقتك بصورةٍ طيبة، هذا كله يصرف تمامًا قلق المخاوف الوسواسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله تبارك وتعالى لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً