الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالضيق ولا أرتاح إلا إذا بكيت، فما تشخيصكم

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 38 سنة، أعاني من تزايد الأفكار السلبية التي أفقدتني التركيز، وأصابتني بالقلق، والخوف، ودخلت بسببها في دوامة الخوف من الأمراض، وسرعة الغضب، يصاحبه تعرق.

الآن خفت الأعراض، لكني أحس بالضيق الشديد، وتقلب المزاج بين لحظة وأخرى بمجرد توارد فكرة سلبية، أو خوف من مرض معين.

حاليا أحس بالضيق، وأصبح شديدا، ولا أرتاح إلا إذا بكيت، لا أعلم هل هو ضيق أو اكتئاب؟ لم أعد كالسابق، لم أعد أفرح كالسابق، أخاف أن أذهب إلى دكتور نفساني.

الأعراض تقل وتكاد تكون معدومة بعد صلاة العشاء، وتبدأ بالعودة من صباح اليوم التالي.

أرجو منك النصح والمشورة، والمعذرة لسوء الوصف والتعبير، وأتمنى يكون واضحاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فواز 99 حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وليس هنالك ما يدعو للاعتذار.

وصفك طيب، وتعبيرك جميل، وقد عبرت عما بداخل نفسك، ونحن في هذا المكان –من خلال هذه الاستشارات– نود أن نعرف مشاعر الناس الحقيقية؛ لأنها هي الوسيلة الأنجع والأفضل للوصول لبعض التشخيصات، ومن ثم يكون هنالك الاسترشاد والتناصح فيما بيننا.

أخِي الكريم: أنت ذكرت أعراضا كلها تُشير أنك تعاني من درجة بسيطة من القلق الاكتئابي، والقلق دائمًا يكون مصحوبًا بالخوف وعدم الشعور بالطمأنينة، وسرعة الغضب والانفعال هي جزئية من جزئيات القلق، والتعرق لا شك أنه عرض من الأعراض الجسدية المصاحبة كذلك للقلق، لأن القلق يؤثر كثيرًا على فيزياء الجسم والمكونات الكيميائية.

أيها الفاضل الكريم: لديك عرض مهم جدًّا، وهو أن عسر المزاج يأتيك أكثر في فترة الصباح، وهذا دليل على وجود شيء من الكدر والاكتئاب كما ذكرت لك.

أخِي: أبشرك أن هذه الحالات يمكن أن تعالج علاجًا ناجعًا، فلا تتخذ موقفًا سلبيًا من الأطباء النفسيين، فإذا تمكنت أن تذهب لأحدهم فهذا هو الأفضل والأجود، وأنا أؤكد لك أن حالتك بسيطة، أما إذا لم تتمكن من الذهاب فأقول لك: قم بإجراء فحوصات عامة حتى عند الطبيب الباطني أو طبيب الأسرة، أو طبيب المركز الصحي؛ لأنه من الضروري في مثل عمرك أن تكون هنالك فحوصات لمعرفة مستوى الدم، والسكر، والدهنيات، ووظائف الكلى، والكبد، والترسيب ووظائف الغدة الدرقية، هذه قاعدة طبية لا بد أن ننطلق منها، وقطعًا الطبيب سوف يقوم أيضًا بفحص ضغط الدم، وكل ما هو متعلق بصحتك العامة.

بعد أن تتأكد من هذا الأمر أقول لك: يمكنك أن تتناول أحد الأدوية المضادة للاكتئاب والمحسنة للمزاج، والمزيلة للقلق، وكذلك المزيلة للمخاوف، والأطباء على إدراك تام، ومعرفة بهذه الأدوية.

عقار (لسترال) والذي يعرف علميًا باسم (سيرترالين) موجود في المملكة العربية السعودية، وهو من الأدوية الفاعلة والممتازة جدًّا، الجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدأ بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – يتم تناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة – أي خمسين مليجرامًا- استمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها حبتين – اي مائة مليجرام – ليلاً، وهذه جرعة علاجية وسطية ممتازة بالنسبة لك، استمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى حبة واحدة ليلاً لمدة شهرين، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أنا أؤكد لك أن هذا الدواء سليم وفاعل جدًّا، وليس له آثار جانبية، فقط ربما يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن في بعض الأحيان؛ لأنه يزيد الشهية للطعام، وهذه حاول أن تتحكم فيها من خلال ممارسة الرياضة، وعدم النوم بعد الأكل، والتحكم الغذائي.

الدواء أيضًا قد يؤدي إلى تأخر بسيط في القذف المنوي عند المعاشرة الزوجية، وهذا أثر بيولوجي طبيعي وربما يكون إيجابيًا، وهذا الأثر لا يتدخل أبدًا في مستوى هرمون الذكورة أو الإنجاب.

إذن: اطمئن تمامًا من ناحية الدواء، وقطعًا إذا ذهبت للطبيب ربما يصف لك هذا الدواء أو دواء آخر، وكلها -إن شاء الله تعالى– فيها خير كثير.

بقي بعد ذلك أن نقول لك: كن دائمًا متفائلاً في تفكيرك، وحاول ألا تعير للسلبيات اهتمامًا، كافئ ذاتك من خلال العمل والفعل والإنجازات، وهذا يأتي من خلال التفاني في الوظيفة، وتطوير الذات، والتواصل الاجتماعي، والحرص على صلاة الجماعة، وأنصحك بالقرآن، القرآن يجب أن يكون معنا دائمًا، فإذا قرأت آية وأنت في حالة حزن، وإذا قرأت آية من القرآن بتمعن وتدبر وتفكر أعتقد أنها سوف تساعدك كثيرًا،..وهكذا.

حياتك -إن شاء الله تعالى– حياة طيبة متوازنة، فاتبع ما ذكرته لك من إرشاد، وأرجو أن تعطي الرياضة أهمية خاصة في حياتك؛ لأن فائدتها النفسية عظيمة جدًّا؛ فهي تقوي النفوس كما تقوي الأجساد.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً