الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من ضعف الثقة بالنفس وضعف التركيز، ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ..

أشكر القائمين على هذا الصرح العظيم، ونسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.

بدأت معاناتي بعد وفاة جدتي التي افتقدتها كثيرا، من شدة تعلقي بها، في يوم من الأيام بعد الوفاة بنحو ستة أشهر، كنت أتحدث في الهاتف وسمعت خبرا بمثابة صدمة.

أحسست أن قلبي سينفجر من سرعة النبض وشدته، ورعشة في جسمي، وبرودة في الأطراف، وميل للقيء وسخونة في رأسي، وكأن الموت قادم لا محالة.

بدأت المعاناة، وفي الصباح ذهبت إلى الطبيب، وما زال قلبي ينتفض وفقدت السيطرة، وكأني في حلم! قال الطبيب: إني سليم، وما بي شيء، وأعطاني دواء يسمى الموتيفال، فأخذت منه قرصين ولم أكمله، لأني علمت أنه دواء نفسي، وأنا غير مقتنع بأني مريض نفسيا.

بدأت حالتي تتفاقم للأسوأ، فزادت الأعراض من فقدان في الشهية، وضعف في الرغبة الجنسية، وضعف في الجسم، وإحساس بالتعب من أقل مجهود، وعروق يدي اختفت، وحصل تغير في مذاق فمي، وجف حلقي، وأحسست بشد في الرأس من الخلف، وضغط شديد في رأسي، وكأنه سينفجر، وصداع من حين لآخر في ناصيتي اليسرى، وضعف في التركيز والذاكرة، وأفكار سلبية طول الوقت مسيطرة علي، وألم في جسمي وظهري، وضيق في الصدر والتنفس، وإحساس بالنبض في جميع أنحاء جسدي، وتبلد الإحساس والمشاعر، وإسهال وتعرق، وهزة غير إرادية في جسمي، وعسر مزاج، وقلق دائم يمنعني من النوم نهائيا، وتفكير مستمر بلا انقطاع، وإحساس دائم بأني سأفقد عقلي!

صرت أربط حالتي بأي شيء مماثل لي، وإذا رأيت أحدا في الشارع مصابا بمرض عقلي أتوتر جدا، فقلت ثقتي في نفسي بعد أن كنت أحسد عليها، وكنت اجتماعيا فأصبحت أخاف أن يظهر علي شيء يدل على أن بي شيئا.

رجعت إلى الموتيفال وأخذت جرعة لمدة ثلاثة أشهر، فشعرت بتحسن طفيف، وما زلت أحس أني غير طبيعي، فقررت عدم الاستسلام لأي شيء، لأن دواء النفس مسؤوليتي، فواجهت وتصديت لنفسي، وبدأت أشعر بالتحسن تدريجيا، وبدأت أحس من حين لآخر بالراحة البسيطة، وأوقات أحس أني شفيت تماما.

صرت أيضا كلما تذكرت شيئا من الذي حصل لي أحزن، وصدري ينقبض، فقررت السفر خارج البلاد، وسافرت إلى المملكة السعودية، وبالتحديد المدينة المنورة، لكن القلق ازداد بأني لا أستطيع العمل، وسأفشل أو سينتابني مكروه يضطرني إلى النزول بمصر.

ماذا أفعل؟ أفيدوني، فأنا الآن مضى لي ما يقارب العام من هذا المرض الذي لا أعرف ما هو بالتحديد؟! وكأن أحدا يتحكم في عقلي وإحساسي بالذات، فصرت أراقب نفسي وكأني أضع نفسي تحت الميكروسكوب.

في سن المراهقة حدث لي ما يسمى نوبات هلع، ومررت بهذه الأعراض لكن ليس بهذه الحدة، ومرت هذه الحالة من غير علاج، وذهبت عني.

ماذا أفعل؟ وما هي حالتي؟ وهل ستزول من غير علاج دوائي؟ وهل يوجد أدوية فعالة لحالتي دون أن تؤثر على عملي، ولا يوجد لها آثار جانبية؟ هل سيأتي يوم وأشعر فيه بنفسي، وأحس بالسعادة المفتقدة؟ أفيدوني.

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mahmoud حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيها الفاضل الكريم، الذي حدث لك حين كنت تتحدث بالهاتف هو نوع من الصدمة النفسية الحادة كما ذكرت وتفضلت، وأخذت طابعا نسميه بنوبة الهرع أو نوبة الهلع، بعد ذلك توالت الأعراض وأصبحت تعيش نوعا من القلق التوقعي، وبدأت تظهر لديك هذه الأعراض النفسية الجسدية، والأمر كله يتمركز حول القلق.

أيها الفاضل الكريم، يعرف تماما أن نوبة الهرع نسبة لشدتها تؤدي إلى خواطر سلبية، وإلى ارتدادات سلبية في مشاعر الإنسان، وتجعله يتوجس ويكون أكثر غرابة في نفسه، فيما يخص حتى التغيرات الفسيولوجية البسيطة، وهذا في حد ذاته يؤدي إلى ما نسميه بالقلق التوقعي -أي الإنسان يكون دائماً متحفزا ويرسم خارطة ذهنية مستقبلية، تقوم على التوجس والقلق والوسوسة.

هذا هو الذي تعاني منه وليس أكثر من ذلك، وحالتك سوف تزول إن شاء الله تعالى، قلل من هذه الأعراض من خلال تجاهلها، انخرط في عملك، تواصل مع أصدقائك، عليك بإدارة الوقت بصورة ممتازة، بأن تمارس الرياضة، الصلاة في وقتها في المسجد، وأن تجعل لحياتك معنى وهدفا، هذا مهم جداً، لأن عدم وجود هدف حقيقي في الحياة يؤدي إلى فراغ زمني، وإلى فراغ ذهني وكلاهما سيء.

أما الإنسان الذي لديه أهداف آنية ثم أهداف مستقبلية ويضع الخطط التي توصله إلى ذلك بجدية بعد أن يقدم مشيئة الله تعالى دائماً لا شك أنه سوف يصرف انتباهه عن الأعراض والتوترات ونوبات الهرع، أيضاً يمكنك أن تطبق بعض تمارين الاسترخاء، ويمكنك أن تستفيد من استشارة إسلام ويب التي تحت رقم، (2136015) فيها كثير من التفصيلات الجيدة والمهمة جداً.

العلاج الدوائي يا أخي أراه مكملا للعلاجات السلوكية الجسدية التي تتحدث عنها، والعلاج الدوائي لا أقول إنه الوحيد المؤثر، لكن أراه مهما، والحمد لله تعالى الآن بين أيدينا أدوية ممتازة وسليمة جداً.

تحتاج لدواء واحد فقط مثل عقار لسترال Lustral، أو ما يعرف بزولفت (Zoloft ) ويسمى علمياً سيرترالين Sertraline، جرعة بسيطة حبة واحدة في اليوم، تبدأ بنصف حبة أولاً هي 25 مليجرام تتناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك أرفعها إلى حبة كاملة استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول العلاج.

وإن أردت أن تقابل الطبيب النفسي فهذا أمر جيد، ونحن نؤيده جداً لأنه سوف يؤدي إلى المزيد من الطمأنينة بالنسبة لك.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً