الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما شعرت بالحزن أختبأ في مكان ضيق وأحدق في السقف، فما السبب؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة عمري 29 سنة، وليس لدي صديقات، فأنا انطوائية جدا، ولا أخرج من البيت، فقد تعودت على البقاء في البيت، ولا أشعر بالسعادة عندما أخرج.

توفيت أمي بعد أن انتهيت من الدراسة الجامعية، لقد كانت مريضة بسرطان الرئة، ثم وصل إلى المخ، وأصيبت بالشلل، وفقدت ذاكرتها وقدرتها على الحركة، وكنت أنا من تراعيها وتهتم بها وتكون بقربها وتخدمها طوال سنتين، وقد تأثرت بهذه المرحلة، وقد أصبت بنوع من التخدير والتنميل، ولم أستطع الحركة، مع تنفس شديد واختناق، وعيوني تحدق في السقف، وبعدها أستوعب، وأكون عصبية جدا، وأريد أن أفعل أي شيء لكنني لا أعرف ما هو، وفي مرة أكلت ورقا، ومرة اختبأت في مكان ضيق مع تشابك الأصابع، وأظل هكذا وأتكلم سريعا، وبمساندة أخوتي أهدأ قليلا قليلا، ولا أكون متحكمة في نفسي.

وصارت هذه الحالة تلازمني كلما شعرت بحزن، وأريد أن أعرف ما هذه الحالة؟ وما تشخيصها؟

جزاكم الله خيرا، وجعل ما تقومون به في موازين حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ meme حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

التعبير عن المشاعر الإنسانية قد يكون في صور عصبية مختلفة، أو في شكل تغيرات سلوكية، والناس يتفاوتون حقيقة في الكيفية التي يُعبِّرون بها عن مشاعرهم، لأن الناس تختلف في الأصل، فتكوين الشخصية وقوتها من ضعفها يُحدِّد أشياء كثيرة جدًّا في حياة الناس، والأحداث الكبيرة – خاصة الأحداث ذات القيمة النفسية الكبيرة والوجدانية العالية - مثل حدوث الوفيات مثلاً، هذا قطعًا ليس بالحدث السهل، وتحمُّل الناس له يختلف، وتفاعلهم حياله يختلف كثيرًا.

فالذي حدث لك - أيتها الفاضلة الكريمة – هو نوع من الشلل النفسي الذي نتج من حالة انفعالية شديدة جدًّا، حدث لك انفصال تام من الواقع الحسِّي حولك، لكن عقلك محتفظ بكل قُدراته وبكل طاقاته.

إذًا هذه الحالة هي من حالات العُصاب المعروفة، وتحدث لبعض الناس – كما ذكرنا – عند الانفعالات النفسية الشديدة، أو الأحزان الشديدة، أو حتى الأفراح الشديدة، وبعض الناس لا يستطيعون أي نوع من الاستثارة النفسية في حياتهم ممَّا يؤدِّي إلى هذا الذي حدث لك.

عمومًا الحالة ليست مرضية، هي ظاهرة بسيطة، تُواجيهينها -إن شاء الله تعالى- من خلال التناسي، وأن تُعبِّري عن نفسك، وأن تُمارسي التمارين الرياضية وكذلك التمارين الاسترخائية، ولا تتجنبي المواقف التي تجلب لك عدم الارتياح النفسي أو حتى الشعور بالكدر أو الأحزان، لا بد أن تكون هنالك مواجهة للواقع، والموت حق ولا شك في ذلك، والدعاء بالرحمة للموتى دائمًا فيه خير كثير للإنسان.

أنت شخصيتك تحمل بعض السمات الانطوائية – كما تفضلتِ – وهذا يتطلب منك أن تقومي بفعل الضدِّ، أي أن تُكثري من التواصل الاجتماعي: زيارة الأرحام، أن تكوني شخصًا فاعلاً في داخل أسرتك، صاحبة مبادرات، صاحبة إضافات جديدة تُساعد في تطوير الأسرة، هذا كله يُساعدك، وانضمامك أيضًا لأي منظمة أو جمعية خيرية أو اجتماعية يُتيح لك فرصة التواصل الاجتماعي الرشيد والرصين، والذي يُنمِّي من شخصيتك ويقوِّيها تمامًا.

فاحرصي على هذا، وكوني دائمًا معبِّرة عن نفسك، لأن التعبير عن النفس يعني التفريغ النفسي، يعني منع الاحتقان النفسي، لأن النفوس تحتقن مثل ما تحتقن الأنوف، فكوني حريصة على ذلك، وأنصحك بالصلاة في وقتها، وتلاوة القرآن، وصِلة الرحم، وأن تكون لك مشاريع للمستقبل، تضعي الآليات التي توصلك لذلك.

هذا هو الذي أنصحك به، وإن شاء الله تعالى أنت لست مريضة، ولست في حاجة لعلاج دوائي، وهذه الحالة يمكن احتوائها من خلال ما ذكرته لك.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً