الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من نوبات الهلع والخوف، فهل يمكن أن أشفى من دون دواء؟

السؤال

السلام عليكم.

قصتي بدأت قبل 5 سنوات، حيت كنت أشاهد فيلم رعب ليلا وبمفردي، وأحسست بضيق، وسرعان ما تحول الأمر إلى حالة هلع شديدة تصاحبها ضربات قلب سريعة وضيق في التنفس، وكان الأمر غريبا عني ومريبا جدا، لدرجة أنني لم أنم ليلتها، وتناسيت الأمر بعدها لمدة من الزمن، ولكن عاودتني نوبة الهلع مرة أخرى، وهنا بدأ خوفي من أن تتكرر مرة أخرى، وكلما آويت إلى فراشي أبدأ أتحسس حالتي النفسية خوفا من أن تعاودني مرة أخرى، وهذا ما زاد الأمر تعقيدا.

لقد ارتبط شعوري بالألم والهلع بمرحلة النوم، وتحول وقت النوم عندي إلى فترة تسيطر علي فيها الوساوس والانقباضات النفسية.

بعد ذلك أقنعت نفسي بطريقة ما أنني مريض نفسيا وأنني قد أنتحر يوما ما أو قد أجن، وبات مصطلح الجنون والانتحار عندي مثل رمية بالرصاص، كلما ذُكر أن أحدهم انتحر أو خرج عن وعيه أشعر بألم فظيع، وأدخل في حالة نفسية متأزمة تستمر معي أسبوعا أو أسبوعين.

بعد ذلك بدأت أقرأ عن المرض الذي أعاني منه، فوجدت أن أختي تعاني من نفس الاضطراب، وأن أمي أيضا عانت منه، ولكنها لم تتعاط أي دواء وتعالجت بنفسها.

وتحسن الوضع عندي كثيرا لدرجة أنني حينما أنسى الأمر أعيش بشكل طبيعي جدا، ولكن وبمجرد أن يذكر أحدهم كلمة هلع أو مرض نفسي أو انتحار أو جنون أو شيء من هذا القبيل أشعر بانقباض داخلي، وأدخل في حالة نفسية ثقيلة وقلق ومغص في الأمعاء.

في بادئ الأمر كان لابد ان أسترسل في الوساوس حتى يتمكن مني القلق والانقباض النفسي، ولكن بعد ذلك صرت أشعر بكل بذلك فقط بمجرد التفكير فيه.

أعلم أن حالتي ليست متقدمة جدا، وأنني ساعدت نفسي في التقليل من الاضطراب خلال هذه السنوات، ولكن أصبحت أشعر بالإرهاق كلما عاودتني هذه الحالة، فهل يمكنني أن أشفى تماما دون أخذ أي دواء؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ med islam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فعلاً أصابك اضطراب الهلع، وأصابك نوع من قلق ورهاب ومخاوف وسواسية بعد ذلك، ولكن الاضطراب الرئيسي هو اضطراب الهلع الذي حصل لك بعد مشاهدة الفلم، والوراثة فعلاً تلعب دورًا – كما ذكرتَ – وهذا حصل لوالدتك من قبل ولأختك، والحمد لله تحسَّنوا، وأنت تحسَّنت أيضًا بدون علاج، وهذا يدل على قدرتك على المقاومة، ويدل على قوة عزيمتك وصلابتك، لكنك ما زلت تعاني، طالما أنك تتعب عند ذكر الأسماء فمعناه أنك لا زالت تُعاني.

أخي الكريم: طالما عندك قوة عزيمة وقدرة على المقاومة فلو استطعت أن تُعضد ذلك بعلاج نفسي يكون أفضل، علاج نفسي من معالج اجتماعي متمرِّس وله دراية بهذا النوع من العلاجات، علاج نفسي سلوكي؛ إذ سوف يُملِّكك مهارات معينة تُساعدك على التخلص من بعض هذه الأشياء التي ما زالت عندك، فهذا يكون أفضل وأحسنُ لك، وإذا لم تستطع التواصل مع أحد المعالجين فهنالك أدوية الآن لا تُسبب الإدمان، وأعراضها الجانبية بسيطة وقليلة، فيمكنك تجربة بعضها، خاصة الأدوية التي تنتمي لفصيلة الـ (SSRIS)، ويمكنك أن تفعل ذلك بالتواصل مع طبيب نفسي، فذلك أفضل – أخي الكريم – من أخذ الدواء بنفسك من قِبل نفسك، لأن الطبيب النفسي هو الأقدر على تحديد نوع الدواء، وتحديد الجرعة، وتحديد المدة، ويعرف متى يزيد الجرعة أو يُخفِّضها بحسب استجابتك للدواء، وإن كان هناك ظهور لأعراض جانبية، ويعرف أيضًا متى يُوقف الدواء، ولكن كل هذا بعد محاولة تجربة العلاج النفسي السلوكي، أو الجمع بين العلاج السلوكي والعلاج الدوائي، إذ أن ذلك سيفيدك جدًّا في التخلص من هذه الأعراض التي تعاني منها.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً