الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف الشديد من الموت مع الشعور بأعراض مخيفة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، شكراً جزيلاً على المجهودات التي تقومون بها، وأتمنى أن تكون في ميزان حسناتكم.

أبلغ من العمر 17 سنة، ووزني 74 وطولي نحو 193، بعد فرض الحجر الصحي بيومين كنت بصحة رائعة للغاية، أمارس حياتي بحيوية ونشاط، وآكل أكلاً صحياً كالشوفان، ولم أكن أعاني من أي مرض من قبل، والحمد لله، و لكن في تلك الليلة غفوت قليلاً في المساء فاستيقظت في وقت متأخر من الليل وعندما أردت النوم انتابني شعور مهول ورهيب وسيء لدرجة جنونية، بدأت أطرافي بالبرود والتنميل وبدوت فاقداً لوعيي، وغير قادر على الشعور بجسدي، فمباشرة ذهب تفكيري إلى الموت، فقمت مرتعباً وخائفاً بصورة هيستيرية، كنت أرتجف كثيراً فقررت تشغيل القرآن والنوم ولكن بلا جدوى.

بدأ قلبي بالخفقان وجسمي أصبح ضعيفاً للغاية، فلم أجد سوى أن أستدعي أبويّ ليناما معي، مع العلم أنهم صدموا ولم يفهموا شيئاً، فأنا كنت دائماً الشجاع القوي الذي لا يهاب شيئاً، وفجأة أصبحت في حال يرثى لها!

نمت وفي الصباح الموالي لما اختفت الأعراض، وتصور معي يا دكتور أنني ظللت أعاني نحو شهر ونصف منذ بداية الحجر إلى يومنا هذا، وحالي أسوأ بكثير من ذي قبل.

ما أشعر به حقيقي وليس وهمياً، بحيث لدي حرقة في الصدر وانقباض وكتمة وشبه الشعور بالإغماء والتعب السريع، عند القيام بأي شيء كالذهاب للمطبخ أصاب بخفقان بسرعة شديدة.

المهم عملت تخطيطاً للقلب لدى طبيبة عامة فكان سليماً -الحمد لله- فطمأنتني أنه لا داعي لزيارة مختص، وأنني بخير، فقط علي القيام بتحاليل الدم والغدة، وأنني قد أكون أعاني من قلق وتوتر بسبب وفاة جدي قبل ثلاثة أشهر.

المهم أريد منكم تحليلاً لحالتي وإخباري ما الذي يجب أن أقوم به، أرجوكم أنا أعاني كثيراً، رغم أنني أصلي وأدعو الله إلا أنني لا أستطيع، وأظل أبكي على حالي وعلى عائلتي.

كما أنني أخاف من النوم، أريد أن أنام ولا أستطيع، تأتيني كوابيس مخيفة، كما أنني أشعر بألم في قلبي والجهة اليسرى عامة، صراحة هذا أمر مرعب جدا ًلا أستطيع تحمله.

أرجو أن تجيبوني في أقرب وقت، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عماد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما حدث معك في تلك الليلة هي نوبة هلع واضحة، نوبة هلع بكل مكوناتها وأعراضها، من خوف شديد، وأعراض قلق وتوتر، ومشكلة في النوم، وصارت تأتيك في شكل كوابيس وأحلام مزعجة، وما تشكو منه الآن من آلام بدنية هي فعلاً آلام حقيقية تحسّها أنت، ولكنها ليست ذات منشأ عضوي، هي ناتجة من القلق.

نوبة الهلع هي عرض من أعراض القلق والتوتر، وهذا ما يحصل معك – أخي الكريم – كل الأعراض البدنية التي تشعر بها الآن هي أعراض قلق وتوتر، ولذلك الفحوصات تكون سليمة، سواء كان تخطيط القلب أو فحوصات الدم؛ كلها تكون سليمة لأن هذه أعراض بدنية للقلق وللتوتر - أخي الكريم - والحمد لله أنت مواظب على الصلاة، وقراءة القرآن.

السبب - يا أخي الكريم – ليس معروفًا، ولكن قد تكون وفاة الجد لها عامل، وقد يكون ما يحدث الآن من الحجر الصحي وما ينتاب العالَم كلّه من خوف من داء الكرونا أيضًا له صلة بهذا، والصحة العالمية الآن أصدرت تعليمات عن انتشار أعراض القلق والتوتر مع جائحة الكرونا هذه الأيام.

هناك أشياء يمكنك فعلها – أخي الكريم – للتخفيف من هذا القلق والتوتر: أولاً يجب عليك تجنب الاستماع أو مشاهدة ما يُقال عن الكرونا من أخبار وما يتم في العالَم بقدر المستطاع.

ثانيًا: عليك ممارسة الرياضة يوميًا، إذا كنت تستطيع ممارسة المشي فحسن ونعمة، وإلَّا فيمكنك ممارسة تمارين رياضية في المنزل يوميًا لمدة نصف ساعة.

ثالثًا: عليك أن يكون لك روتين يومي الآن من أعمال منزلية وأشياء تفعلها يوميًا في شكل روتين (قراءة ورد قرآني يومي، ترتيب غرفتك، كي بعض الملابس، قراءة شيء في بعض الكتب الدينية أو بعض الكتب العلمية، مشاهدة شيء مفيد في التلفاز أو في غيره، مشاركة في أعمال المنزل، ولو عندك معرفة في الطبخ وتقدر تساهم وتشارك في تحضيره ... وأشياء من هذا القبيل).

رابعًا: عليك أن تتواصل مع بعض أصدقائك عن طريق الواتساب أو الفيسبوك، أو غير ذلك من وسائل الاتصال، وهذا محفز كبير.

كل هذه الأشياء إذا عملتها وأعراض القلق صارت تختفي، وأنت تعيش حياة طبيعية فبها ونعمت، وإلَّا فهناك أدوية يمكن أن تساعدك، ولعلَّ أفضل دواء فعّال لمثل حالتك هو دواء (سبرالكس).

السبرالكس عشرة مليجرام، ابدأ بنصف حبة – أي خمسة مليجرام – لمدة عشرة أيام، يتم تناوله بعد الإفطار، ثم بعد ذلك تُرفع إلى حبة كاملة (عشرة مليجرام)، وتحتاج إلى فترة شهر إلى شهر ونصف حتى تزول كل هذه الأعراض، وبعدها يمكن الاستمرار في تناول الدواء لفترة تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر، ثم يتم التوقف عنها بالتدريج.

إذا كانت الأشياء التي ذكرتها لك في الأول كفيلة لأن تذهب عنك هذه الأعراض فلا داعي لتناول الأدوية، أخي الكريم.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً