الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أدري هل أنا شخص طبيعي أم لدي مرض نفسي؟

السؤال

السلام عليكم.

كنت أعاني قبل سنتين تقريبا من بعض الضيق، وكنت إذا سألت أبي يقول لي بأنها أعراض البلوغ، وتقلب الهرمونات، كنت أقرأ كثيرا عن الأمراض النفسية وأعراضها، ورأيت أن هناك تشابها في بعض الأعراض التي أشعر بها، ومن الأمراض التي كنت أشك بها: الاكتئاب، واختلال الأنية، وأيضا الفصام والتبلد.

فكنت كلما شعرت بالضيق أشك أن بي علة أو مرضا، ومع مرور الزمن على هذه الحال، كنت أحيانا أرمي اللوم على الأفلام الإباحية، أو العادة السرية، وأقول هي السبب في هذا الضيق.

ومع مرور الزمن حتى قبل شهرين أصبحت أشعر بالتوتر، والضيق، والتشتت، وعدم الراحة، والشعور بعدم وجود موضوع للتحدث مع الناس، وكنت أسأل أهلي إن لاحظوا أي تغيير بي، ولكنهم يقولون لا يوجد، ولكني خائف من أن أكون مصابا بمرض ما.


قبل شهرين تقريبا شعرت بالراحة وزوال الضيق والفرح، وزيادة في الثقة، ولكن دامت ل ٣ أيام تقريبا فقط، ثم رجعت حالتي أسوأ من قبل.

بالأمس قرأت عن ثنائي القطب، وشككت أو أيقنت أني مصاب به، فخفت، فلهذا أريد أن أعرف هل أنا طبيعي أم لدي مرض نفسي؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

الله تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم من جميع النواحي، من ناحية ظاهره، ومن ناحية أخلاقه، ومن ناحية سلوكه، والإنسان يمرُّ بمراحل ارتقائية معروفة، (مراحل الطفولة المبكرة، مراحل الطفولة المتأخرة، مرحلة اليفاعة، مرحلة البلوغ، الدخول على مرحلة الشباب وهكذا...) وكلُّ مرحلةٍ من هذه المراحل لها متطلباتها ومتغيراتها النفسية والفسيولوجية والاجتماعية، وحتى العقدية.

الفترة التي تمرُّ بها أنت – كما ذكر والدك – هي فترة فيها بعض التغيرات النفسية، والإنسان قد يتساءل عن ذاته، عن هويته، يتحسُّ بمتغيرات قد لا يستطيع يُحددها، وهذا أمرٌ طبيعي جدًّا حقيقة، لكن الإشكالية تأتي أن في هذه المراحل التطورية الحرجة البعض يسيء إلى نفسه، أو يرتكب أخطاء في حق نفسه من خلال بعض الممارسات، مثلاً أنت ذكرت مشاهدة الأفلام الخلاعية والإباحية، ممارسة العادة السرية، لا شك أن هذا فيه نوع من الزجر للنفس، وحقيقة إدخال طاقاتٍ وممارسات تنحرف بالذات وتنحرف بالنفس وقد تضعها في مسارات سيئة جدًّا، حيث يتولد القلق، تشتت الفكر، والوسوسة، وهكذا، مثل الذي يقع مثلاً في تعاطي المخدرات ويدخل في مواضيع التدخين وخلافه.

فإذًا ما يوقعه الإنسان على نفسه من سلوكياتٍ وأفعالٍ خاطئة في هذه المراحل التطورية الحرجة والحساسة هو الذي يجعل الإنسان يحس بفقدان ذاته، بفقدان كيانه، التوتر، التشتت، عدم تحديد الهوية، عدم التأكد من الذات، وأعتقد أنه حدث لك شيء من هذا.

لكنك الآن الحمد لله مُدرك، وتعرف ما هو الخطأ وما هو الصواب، وأنت كامل البصيرة وكامل العقل، وأنا لا أراك أبدًا تُعاني من مرض نفسي، أنت مررت مراحل التطورية الطبيعية لأي إنسان، لكنّك أدخلت على نفسك إدخالات خاطئة (العادة السرية والمشاهدة للأفلام والمواقع الإباحية والخلاعية)، هذه خطيرة جدًّا.

فأنا أقول لك عش حياة نضرة، حياة مستقيمة، حياة راقية، ركّز على دراستك، كن مع الصالحين من الشباب، كن بارًّا بوالديك، احرص على الصلاة في وقتها، مارس رياضة، يجب أن تكون لك تطلعات مستقبلية إيجابية، مَن أنت بعد عشر سنوات من الآن؟ يجب أن تكون حاملاً لدرجة الماجستير، وأن تكون متزوجًا، وأن يكون لك وجود حقيقي في محيط العمل، وتكون رجلاً هميم، تقوم بالواجبات الاجتماعية.

فيا أخي الكريم: أنت لست مريضًا، لكنك كنت على شفا أن تنحرف بك الأمور وتؤدي إلى عدم توازن وجداني، وإلى اضطرابات وجدانية كثيرة، تتعلَّقُ بالمزاج والكيان والذات والهوية.

إرشادي لك الحمد لله واضح جدًّا، وأرجو أن تأخذ به، ولا تقرأ كثيرًا عن هذه الأمراض النفسية، لأن الإنسان قد يحدث له نوع من التماهي، كل ما يقرأ عنه يعتقد أنه ينطبق عليه، وهذا يؤدي إلى الكثير من الوسوسة.

أنت بحمد لله كامل الوعي والعقل والإدراك، وهذا في حد ذاته أمر جوهري وهو المطلوب، وأرجو أن تكون إيجابيًا في حياتك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً