السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
نأمل منكم التكرم بعرض هذه الحالة على الدكتور طارق الحبيب ليجيب عليها بنفسه، والحالة تتلخص بالآتي:
عندي ولد متدين، عمره 22 عاماً، وقد كتبت عنه الروضة في صغره بأنه يميل إلى الانطواء، وقد سجل في كلية الجبيل الصناعية ونجح في السنة الأولى، وتعدّى مادة الإنجليزي، ولقد كان زملاؤه في الفصل يحثونه على الخروج معهم إلى خارج سكن الكلية من أجل تناول العشاء معهم ولكنه يرفض بحجة أنه يريد المذاكرة فيبقى وحده بالغرفة، وسرعان ما ينام مبكراً، ثم قد يستيقظ مبكراً في الليل، ويظل يفكر ولا يستطيع أن ينام نوماً عميقاً، الأمر الذي يترتب عليه أنه إذا بدأت الدراسة في الصباح فإنه يهجم عليه النعاس، وإضافة على ذلك فإنه يقول أنه لا يستطيع التركيز في فهم المحاضرة التي يتم إلقاؤها في الفصل.
وقد حاولت أن أزرع ثقته بنفسه -بعد التوكل على الله- فاشتريت له سيارة قبل أن يسجل في الكلية، وكنت أرسله ليشتري أغراض البيت، وأرسله لينوب عني في مراجعة الدوائر الحكومية، ولكن الولد لا يذاكر دروسه، وعندما أحثه على ذلك يقول إنه لا يستطيع التركيز بسبب التفكير والصداع؛ فذهبت به إلى طبيب أخصائي الباطنية ففحصه وطلب له أشعة مقطعية، وكانت النتيجة سليمة، ونصحه وبين له خطورة التفكير وضرره ونصحه بالتركيز في دراسته، ولكن الولد استمر على التفكير واستمر في شكواه من الصداع وأن أذنيه يخرج منها صوت أحياناً بصفة متكررة في فترات متباعدة.
ثم ذهبت به بعد ذلك إلى الأخصائي النفسي وفحصه وأثنى الولد على حسن تعامل الطبيب معه وأخلاقه، وأعطاه الطبيب حبة يومياً أظنها مسكنة ومهدئة، ولكن الولد ظل على تفكيره وشكواه من الصداع، ثم ذهبت به إلى أخصائي الأذن والحنجرة وتم إعطاؤه حبوب مضاد حيوي، ولم تتغير حالة الولد.
ثم ذهبت به إلى طبيب الأسنان لفحص سبب الصداع الذي يشتكي منه فلم يجد في أسنانه شيئاً، والولد ينام في المجلس بحجة أنه يساعده على النوم دون تفكير بسبب كبره وسعته، والولد يكره الذهاب للمعالجة عند الطبيب كأنه يستحي أو يتكاسل إلا إذا أصريت ولحيت عليه بالذهاب.
والآن الولد رسب بجميع المواد فأشرت عليه بترك الكلية قبل أن يطرد منها؛ لأنه يقول أنه لا يذاكر بسبب عدم استطاعته للتركيز، فلما جلس عندنا في البيت جعل يفكر ويتململ فيقول عن نفسه أنا فاشل، اجعلوني أسكن مع الهندي راعي الغنم في البر، فقلت له حاول أن تسجل في كلية الشريعة في الأحساء فذهب وسجل، وقلت له لا يمكن أن تنجح أيضاً في الشريعة إلا إذا ذاكرت دروسك وركزت مع المحاضر، فقال سأحاول وأظن أنني لا أستطيع التركيز بسبب التفكير، فحثيته على أن أزوجه لعله يرتاح نفسياً ولكنه يرفض الزواج بشدة كأنه يستصعب مقابلة الزوجة، فالولد يشعر بخجل، وإذا سمع كلاماً يظن أنه هو المعني به وأنه انتقاد له، وإذا سمعني أتكلم مع أمه أو أتكلم مع نفسي بصوت لا يسمعه فإنه يسألني ماذا أقول، كأنه يشك بنفسه كأنه غير واثق بنفسه.
وهو أحياناً كثيرة يمتنع عن الطعام ويقول أنه يريد يعمل رجيم؛ لأنني إذا صمت أو امتنعت عن الأكل كأن التفكير أو الصداع يقل، وهو لا يهتم بهندامه وأحياناً أضغط عليه بأن يلبس ثوباً ومنديلاً مكوياً وأن يعتني بذلك ولكنه لا يعير ذلك اهتماماً ألبتة، فهو يبخل على نفسه وليس له رغبة أو هدف، ويحاول أن يدرس أو أن يحصل على وظيفة دون رغبة ولكن مجاراة للناس، نأمل إفادتنا عن علاج حالته؟
وجزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.