الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يوجد برنامج أتبعه للزواج؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا على أعتاب الثلاثين، وأختي في الخامسة والثلاثين، غير متزوجات، بالطبع -أشكر الله وأحمده- على كل نعمة أغفل عنها، أنا غارقة في النعم فلك الحمد يا رب.

هناك رغبة كبيرة في قلبي بالزواج من رجل صالح، وأن أكون عروس، ويصبح لدي عائلة، وخائفة أن تكون المعاصي التي قمت بها هي التي تمنع رزقي، وأطمع بمغفرة الله تعالى.

سؤالي: هل يوجد برنامج أتبعه أنا وأختي لكي يفتح الله -عز وجل- لنا نصيبنا من الزواج؟

أمي وأبي في عمر أن يكونا جدا وجدة، أنا أحمد الله تعالى على نعمه الكثيرة، ولكن بعد وصولي للبيت من العمل يأتيني ملل وروتين قاتل، وكل من كان معي من صديقات تزوجن وبقيت أنا، وليس لدي صديقات.

أشعر أن أمي تتألم علينا، خائفة جدا من الوحدة، اللهم احفظ لي عائلتي، الملل يقتلني، والتفكير المستمر يزعجني ويؤرقني، لدرجة أنني كل يوم عند النوم أتخيل نفسي زوجة، ولدي عائلة وأطفال.

أريد حلا، كيف أقضي على الملل والتفكير، هل يوجد برنامج أتبعه للزواج؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ DIALA حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل المستمر مع الموقع، ونكرر الترحيب بك وبأسرتك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُسهّل الأمور، وأن يغفر الزلَّات والذنوب، وأن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

لا شك أن مسألة الزواج هي من تقدير ربِّنا القدير -سبحانه وتعالى-، وعلى الفتاة وأهلها أن يبذلوا الأسباب، فليس عيبًا في الشريعة أن يعرض المحارم بناتهم وأخواتهم ومولياتهم كما فعل الفاروق عمر -رضي الله عنه وأرضاه-.

كذلك ليس عيبًا، بل المطلوب من الفتاة أن تُظهر بين جمهور النساء ما وهبها الله من جمال ودلال، ولا مانع أيضًا من أن تكلِّم الصديقات الوفيات، فإن كثيرا من البنات تزوجن عن طريق صديقاتهنَّ، أو عن طريق وجودهنَّ في المحافل النسائية، فالمحافل النسائية فيها الكثير من النساء تبحث عن فاضلة مثلك لأخيها، أو لابنها، أو لعمِّها، أو لخالها، ونسأل الله أن يُعينكم على الخير.

كذلك نوصيكم بكثرة الدعاء واللجوء إلى الله -تبارك وتعالى-، وقد أمر الله بالدعاء فقال: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}، وقال: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}.

ومن المهم جدًّا الدعاء بأدعية القرآن، مثلاً: {وارزقنا وأنت خير الرزاقين}، {رب هب لي من الصالحين}، {رب هب لي من لدنك ذريّة طيبة}، بنية الزوج والولد أيضًا، {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قُرَّة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا}، {رب إني لما أنزلت إليَّ من خيرٍ فقير}، فيجوز الدعاء بهذه الأدعية من آيات الذكر الحكيم، خاصة إذا كررها الإنسان، وانتظري الفرج عن قريب.

ونوصيكم بكثرة الاستغفار فإن الله تعالى يقول: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفّارًا يُرسل السماء عليكم مدرارًا ويُمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا} فمن أراد رزق الله -والزوج رزق- فليستغفر الله وليُكثر من الاستغفار.

وعليكم بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن في ذلك زوال الهموم بإذن الله -تبارك وتعالى-، وكشف الغموم، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذًا تُكفى همَّك ويُغفر لك ذنبك).

أيضًا من المهم جدًّا أن تحرصي على أن تُصلحي ما بينك وبين الله -تبارك وتعالى-، لأن الإنسان إذا أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، وإذا أقبلت الفتاة المؤمنة على ربِّها بقلبها فإن الله يُقبل بقلوب مَن حولها إليها.

وأرجو أن تتجنبي الانزعاج، فالإنسان عليه أن يفعل الأسباب ويتوكل على الله الكريم الوهاب، فإن من توكل على الله فهو حسبه، {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، والذي يتق الله ييسر الله أموره، {ومن يتق الله يجعل له من أمره يُسرًا}.

تجنّبي الانزعاج والضيق والملل والتفكير الزائد في الموضوع، فالمؤمنة عليها أن تبذل الأسباب ثم تتوكل على الكريم الوهاب -سبحانه وتعالى-، الذي بيده ملكوت كل شيءٍ.

ليس في الأمر عقاب، ولكن لكل أجلٍ كتاب، فتوجّهي إلى الله تعالى بالدعاء، وبعمل الصالحات، واعلمي أن الفتاة لها مَن يُعجبها، ولها الوقت الذي يُقدّره الله -تبارك وتعالى- لها فيه الارتباط بمن يُسعدها وتُسعده، ونسأل الله أن يُقدر لكم الخير.

من المهم أيضًا معرفة نعم الله عليكم وأداء شكرها، لأن الشكر يجلب المزيد، قال الله: {وإذ تأذّن ربكم لأن شكرتم لأزيدنكم}، وقد سعدنا أنك ذكرت ما أنتم فيه من النعم، فأكثروا من شكر الله تبارك وتعالى، فإنه الشكور، والذي يشكر ينفع نفسه، لأن مصلحة الشكر تعود على الشاكر لله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يُحقق لك ولأختك الأمنيات الغالية، وأن يُطيل عمر والديك في طاعته، وأن يُسعدهم بكم وبأحفادهم، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً