الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أشعر بالسعادة وأكره الحياة وأرغب بالموت، فما العمل؟

السؤال

السلام عليكم.

كنت شعلة من النشاط في أمر الدين والدنيا، أعشق العلم والمذاكرة، والرياضة، والعمل، بعد أول سنة من كلية الطب كنت ناجحاً بتقدير جيد جداً، ولكن فجأة كرهت كل شيء، وأبكي بكاء شديداً فجأة، شخصني راق أنها عين، ثم استمر الأمر فقالوا سحر، سبع سنوات وأنا أتنقل بين يدي المشايخ والمحافظات، تتحسن أموري بعض الشيء ثم لا تلبث أن تعود.

أشعر بكره الحياة، وبالرغبة في الموت، أشعر أن الأشياء لا طعم لها، وبقلة القيمة، وأصبحت منعزلاً عن الناس دائماً، ولا أستطيع المذاكرة، وانعدام في التركيز، آلام جسدية كثيرة، ثقل في الحياة، مهما حاولت الترويح عن نفسي أو فعل ما يسعدني لا أشعر بالسعادة، أشعر بالذنب وتأنيب الضمير طوال الوقت.

لا أستطيع أن أعيش سني كما يقولون، حتى القراءة في اللغة والأدب كنت أعشقها فلم تعد تسعدني، يذكرني حالي بقول خليل مطران:

تغشى البرية كدرةٌ وكأنها ** صعدت إلى عيني من أحشائي

لا أعرف ما بي غير أنني أخشى على نفسي مني، رسبت في السنة الخامسة، ثم رسبت في السادسة، وأريد ترك الكلية، وترك كل شيء، والجلوس بألمي وحزني، لطالما كنت من يأخذ بأيدي الناس ويثبتهم، غير أنني اليوم أحتاج من يأخذ بيدي وقد خارت كل قواي وباءت كل محاولاتي بالفشل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أخي الفاضل- عبر الشبكة الإسلامية.. وأشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، نعم وأنا أقرأ رسالتك تصورت تلك الشعلة من النشاط الديني والدنيوي والتي خمدت بالفترة الأخيرة، فقد ذكرت ما وصلت إليه من كرهك للحياة ورغبة الموت بالإضافة إلى فقدان طعم الأشياء وضعف التقدير للقيمة الذاتية، مما أوصلك إلى الانعزال وضعف التركيز والآلام الجسدية، بالإضافة إلى فقدان المتعة وعدم الشعور بالسعادة وتأنيب الضمير.

كل هذا -أخي الفاضل- إنما هو أعراض كلاسيكية للاكتئاب النفسي، أقرأ سؤالك وكأني أقرأ في كتاب للطب النفسي، يصف حالة شاب مصاب بالاكتئاب النفسي، كل هذا أثر على حياتك وعلى دراستك فرسبت في السنة الخامسة والسادسة، ويمكن أن تكون قد تخرجت الآن لولا هذا الاكتئاب وما يسببه من ضعف الدافع والتركيز في الدراسة والمطالعة.

أخي الفاضل: كلنا يحتاج أحياناً في حياته من يأخذ بيده، والآن دورك، فلا حرج في هذا، فكما ذكرت كلنا يمكن أن يحتاج إلى مثل هذه الوقفة معنا ليأخذ بأيدينا، بني: إن ما تعاني منه إنما هي مرحلة عابرة من الاكتئاب النفسي، ولا أشك في هذا التشخيص فهو واضح وضوح العين، ولكن أدعوك ألا تتردد في مراجعة طبيب نفسي ليؤكد التشخيص ويستبعد أموراً أخرى، ومن ثم يضع لك الخطة العلاجية، وأنا متأكد أنك درست في كلية الطب مادة الطب النفسي، وكأنك تقرأ عن حالة الاكتئاب من خلال ما وصفت في سؤالك.

أنصحك في هذه المرحلة ألا تتخذ قراراً تندم عليه في المستقبل، وهذه نصيحتي دوماً لمن يعاني من مرض نفسي أو صعوبات نفسية كالاكتئاب وغيره، بألا يتخذ قراراً يندم عليه في المستقبل، عليك أولاً أخذ موعد مع طبيب نفسي ليؤكد التشخيص ويبدأ بالعلاج الدوائي، وأنا بشدة أنصحك بداية بالعلاج الدوائي لتخرج من هذا الاكتئاب الذي أنت فيه، وبعد أن تتحسن بإذن الله سبحانه وتعالى يمكن أن تقرر ما تريد أن تقرره، وإن كنت أشعر أنك بعد أن تتعافى نوعاً ما من الاكتئاب سيشجعك هذا على متابعة دراستك للتخرج قريباً بإذن الله زميلاً لنا طبيبا تخدم الناس.

أدعو الله تعالى لك بالصحة والعافية والنجاح والتوفيق، وأن ينفع بك في الدنيا والآخرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً