الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نادمة على زهرة شبابي فكلما أنهض أسقظ ثانية!

السؤال

أعاني من مشاكل نفسية منذ الصغر بسبب المشاكل الأسرية والضرب، بعدها في طفولتي تعرضت للإباحية اللفظية من صديقاتي، وكانوا يقصون قصصاً جنسية، ولم أكن أعلم غير أنها غريبة عليّ، ولكن فيما بعد بدأت أنجذب لهذه القصص.

مرت سنوات وأنا أتخيل تخيلات جنسية رغم صغري حتى كبرت وتركتها فترة (مع العلم أني كنت ذكية جداً وما زلت، ولكن للأسف ضعف تركيزي، وقدرات استيعابي للكلام، وأنا دائما في عالم، والناس في عالم آخر)، رغم ذلك تفكيري إيجابي مع وجود كل الصعوبات.

للأسف بعد تركي للتخيلات مرت سنوات وتعرضت مرة أخرى للإباحية رغم التزامي، ضعفت مرة أخرى، وضعفت ثقتي بنفسي وانطويت على نفسي!

مشكلتي الأساسية هي أنني أعيش في عزلة بسبب عدم تفاهمي مع من حولي، رغم محاولتي الاختلاط بهم حتى لا أقع أسيرة للشيطان!

أنا نادمة على زهرة شبابي التي ضاعت من غرفة إلى غرفة، ومن سرير إلى سرير، 5 سنوات متتالية وأنا على هذه الحالة!

أنا موهوبة في الرسم، والتصميم، والإدارة، ولي أفكار تسويقية يتعجب منها الجميع، ولكني أكبر عدو لنفسي، كلما أنهض أسقط بعد ثوان، أحياناً تدعو علي نفسي، وأظن نفسي حثالة من حثالات المجتمع، لا يُرى مني سوى مواهبي التي سيسألني الله عنها.

الآن حياتي بين مسلسلات وأفلام، تقطع قلبي!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم لتواصلكم معنا وثقتكم بموقعنا.

نقدر لك حرصك على التعافي، وسعيك الدؤوب نحو إصلاح نفسك، وهكذا ينبغي أن يكون دأب المؤمن والمؤمنة، ﴿أَلَمۡ يَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقۡبَلُ ٱلتَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِۦ وَيَأۡخُذُ ٱلصَّدَقَـٰتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ﴾ [التوبة 104].

فمن تاب تاب الله عليه، حتى وإن كرر الذنب مراراً؛ فلا ينبغي اليأس من التوبة والرجوع إلى الله تعالى، فقد روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عَنِ النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-، فِيما يَحْكِي عن رَبِّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- قالَ: أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فأذْنَبَ، فَقالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فأذْنَبَ فَقالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، اعْمَلْ ما شِئْتَ فقَدْ غَفَرْتُ لَكَ، قالَ عبدُ الأعْلَى: لا أَدْرِي أَقالَ في الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ: اعْمَلْ ما شِئْتَ.

وهكذا نلاحظ أن الذنب يتكرر، وتتكرر معه التوبة، مع ملاحظة أنه ينبغي الابتعاد عن أسباب الانتكاسة، ومن ذلك البيئة التي تقع فيها المعصية، ومما يعينك في هذا ما يلي:

- الحرص على عدم الذهاب للسرير إلا وقت التعب والنوم.
- ترك الجوال في مكان بعيد عن متناول يدك قبل النوم.
- إغلاق الحسابات التي تستقي منها الإباحيات والأفلام الخادشة.
- ترتيب وقتك وتضمين برنامجك اليومي أعمالاً حركية.
- المحافظة على أذكار الصباح والمساء، والمحافظة على الصلوات في وقتها.
- اللجوء إلى الله تعالى في الدعاء، ومن هذه الأدعية: (اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك، سميتَ به نفسَك، أو علَّمتَه أحدًا من خلقك، أو أنزلتَه في كتابك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك؛ أن تجعل القرآنَ ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همِّي) يقول عليه الصلاة والسلام: (ما أصاب عبد قط هم ولا حزن فقال: -وذكر هذا الدعاء- إلا أذهب اللهُ همَّه وحُزنَه، وأبدله مكانه فرحًا. فقيل: يا رسول الله، ألا نتعلَّمها؟ فقال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلَّمها).

وطالما أنك تملكين موهبة في الرسم، فاستثمري هذه الموهبة في تحقيق دخل مادي، وشغل وقتك في تطوير نفسك في هذا المجال.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً