الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صديقتي أسلمت بعد علاقة صداقة بيننا، فهل أتزوجها؟

السؤال

السلام عليكم.

أدعو لكم بالعون والخير والصحة، وأن يديم الله عليكم نعمه، ويبارك لكم فيها ويرحمكم.

كنت على وشك الزواج من ابنة عمتي، وقد دعوت الله أن يسخر لي زوجة بعد أن تبت إلى الله، وأحاول المساعدة في أية مسألة قد أجدها، لكسب رضا الله عز وجل بشكل عام.

بعد أن نويت الزواج ذهبت إلى السكن المخصص لنا في المطعم، وإذ بالشخص الذي أسكن معه قد أحضر ضيوفاً، وهن 4 فتيات أجنبيات، وهو أجنبي أيضاً، وقد دعوني لمشاركتهم، في ذلك الحين أعجبت بفتاة منهن، وقررت الحديث معها، وأصبحنا نرى بعضنا كثيراً.

بعد أن تعلقت بهذه الفتاة أصبحت تسألني كثيراً عن الإسلام، وكانت قد أخبرتني عن أول مرة لها دخلت المسجد، وقد بدأت بالبكاء بعد سماع القرآن، وهي لا تدري ماذا تسمع! وبعد أن تعمقنا في علاقتنا، أصبحت من الشك أفتح هاتفها النقال لأرى إن كان لها ماض، وهي لم تكن تعلم ماذا في هاتفها، فأغضبني هذا الموضوع جداً، وأثر على طريقتي في معاملتها، ولكن كنت أحاول أن أقنع نفسي أن هذا من الماضي، وكنت أنوي أن أتركها، وقمت بطردها مرات عدة.

علماً بأن الفتاة تستجيب لكل ما أطلب منها من احتشام، ومسح أشياء من الماضي في مواقع التواصل.

في يوم من الأيام كلمتني في الهاتف أنها تحمل لي خبراً قوياً، قلت لها ما بك؟ قالت نطقت الشهادة اليوم وأسلمت، علماً أنها لم تسلم من أجلي، فهي تعلم أنه لن يقبل منها إذا أسلمت لكسب رضا شخص ما.

الآن أنا في حيرة، لا أعلم هل أتزوجها وأساعدها في أمور الدين وأعلمها، أم أتركها؟ وماذا إذا ضاع إسلامها؟ أريد المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الحميد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به، وأن يهدينا جميعًا، وأن ييسّر الهدى علينا، وأن يجعلنا سببًا لمن اهتدى.

الذي فهمناه أنك كنت تنوي الارتباط ببنت عمّتك، وأرجو ألَّا تكون قد بدأت هذا المشروع؛ حتى لا تكسر خاطرها، إذا كنت لم تبدأ مشروع الزواج أو الارتباط ببنت العمة، ولم تبدأ هذه الخطوة؛ فلا مانع من أن ترتبط بالفتاة المذكورة، شريطة أن تبدأ أيضًا بالإخلاص لله تبارك وتعالى، وصدق الرغبة في تعليمها الدّين، وتشجيعها على الثبات على هذا الدين العظيم.

من المهم جدًّا أن تنسى تلك الصفحات القديمة، فلم تكن مسلمة، وليس بعد الكفر ذنب، فليس لك أن تُحاكمها بماضيها، أو بما كان في جوَّالها أو بما شاهدتَّ، ولا نؤيّد قطعًا طريقة التجسُّس بالطريقة المذكورة؛ لأن هذا سيكون مدخلاً من مداخل الشيطان الخطيرة عليكما كأسرة.

الشرع لا يمنع الإنسان من أن يتزوّج بمثل هذه الفتاة، ولكن نتمنّى أن تتهيأ من الناحية الشرعية، والناحية النفسية، وأن تصدق في هذه الرغبة العالية والغالية، فـ (لأن يهدي الله بك رجلاً - أو امرأة - خيرٌ لك من حُمْر النِّعم)، فالأجر عظيم جدًّا إنْ أنت صدقت في هذه النية، وأيضًا تهيئتها لتكون على قدر هذه المسؤولية، فإن تعليمها الدين يحتاج إلى صبر، ويحتاج إلى علم، ويحتاج إلى إصرار، ويحتاج إلى احتمال، ويحتاج إلى الذهاب بها إلى مراكز العلم؛ حتى تتعلّم هذا الشرع والدّين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

إذا كنت تستطيع أن تقوم بهذه المهمّة على أكمل الوجوه؛ فهذا فضلٌ عظيم وثوابٌ عند الله تبارك وتعالى كبير، ونتمنّى أيضًا أن تكون في استقامتك وحرصك على هذا الدّين قدوة لها، فنحن أيضًا نحب أن نركّز على هذا؛ لأن مَن يُؤمن قد لا يجد الإسلام الذي يقرأه في الكتاب وفي السُّنّة، قد لا يجده مُطبَّقًا في حياتنا، وهذا قد يكون له أثر سالب على مَن يُسلم ويدخل دين الله تبارك وتعالى.

لذلك: أرجو أن يرتفع عندك مستوى التديُّن، تجتهد في مسألة الاستخارة، تشاور مَن حولك من العقلاء والفضلاء، تُخلص في نيتك، ولا مانع من أن تُقْدِم على هذا المشروع، وسعدنا أنها أسلمت تريد الإسلام، ليس لأجلك ولا لأجل غيرك، وهذا أيضًا معنى مهمّ، وأحسنتَ عندما أشرت لهذا المعنى، فاجعل أنت أيضًا زواجك خالصًا لله تبارك وتعالى، خالصًا بهذه الرغبة الكبيرة، وهي تعليمها الدّين، مساعدتها على الثبات على هذا الدّين، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبّل منك هذه النية، وأن يُعينك على تحويلها إلى عمل صالحٍ ينضبط ويتقيّد ويحتكم إلى قواعد هذا الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

نكرر لك الشكر، ونؤكد أن هذا واجبنا، ونسعد بتواصلك معنا وتواصل هذه التي أسلمت أيضًا مع الموقع، حتى تجدوا التوجيهات المناسبة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً