الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سامحني زوجي على خطئي وما زلت أعيش في حزن وعذاب!

السؤال

السلام عليكم

شكرًا لكم على إجابة سؤالي السابق، ليس لدي أي ارتباط بذلك الشاب منذ أكثر من سنة، منذ ذلك الوقت مسحت كل شيء بيننا، ولكن سؤالي هو: متى يأتي فرج الله؟ لأنني والله تعبت من الحزن والخوف، تعبت من البكاء بسبب الندم وإحساس الذنب، أنا في حالة اكتئاب شديد، أبكي بكاءً شديدًا على خطئي الذي فعلته، والله كان بلا نية.

لا أقدر أن أسامح نفسي، ولا أقدر أن أعيش حياتي الطبيعية، ألوم نفسي لومًا شديدًا، ودائمًا يقول لي الشيطان: "لن يسامحك الله، ستفضحين بين الناس"، وأقول لنفسي: "لا تستحقين مسامحة زوجك، ولا مسامحة الله"، أنا حامل الآن في أواخر حملي، لكن لا أعلم مدى العذاب الذي أعطيته لطفلي بسبب حزني وخوفي وبكائي كل يوم.

أنا خائفة من كل شيء، خائفة من الناس، خائفة من الذهاب إلى أي مكان، خائفة من تدمير حياتي، دائمًا أقول لنفسي: "كيف سأربي هذا الطفل وأنا وضعي هكذا، وأنا بهذا الخوف؟ ماذا أفعل جزاكم الله خيرًا؟ وفي هذا الوضع، زوجي يحزن عليّ حزنًا شديدًا.

أقول في نفسي: هل من الممكن أنني ظلمت أحدًا، ولم أعلم وهذا جزائي من الله؟ أنا أصلي وأقرأ القرآن، وأصلي صلاة الليل، وأدعو دائمًا، لكن لماذا الله سبحانه لا يراني؟ لماذا لا يسمعني؟ تعبت من هذه الحالة، بعض الأوقات يغلبني الشيطان، وأقول في نفسي: "بعد إنجاب هذا الطفل سأنهي حياتي"، ماذا أفعل؟

أنا لم أفعل مثل هذا الذنب أبدًا حتى عندما لم أكن متزوجة، كل الناس يعرفونني بفتاة عاقلة وصالحة، حتى أمي تحزن عليّ حزنًا شديدًا، ولا تعلم السبب، أكره نفسي، ساعدوني أرجوكم.

وشكرًا لكم على إجابتكم على سؤالي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Maryam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك مرة ثانية في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك مع الموقع في أي وقت، ونسأل الله أن يقدّر لك الخير، ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.

أختنا الكريمة: حديثك اليوم يتمحور على أمرين:
الأول: هل الستر سيكون سربالك، أم يمكن أن ينزعه الله تعالى؟
الثاني: هل سيقبل الله توبتي أم لا؟

هذان السؤالان هما محور الحديث، وما عداهما إرهاصات حولها، ولذلك اسمعي منا -أختنا الكريمة-:
أولا: الشيطان يغيظه ما أنت عليه من خير، يغيظه توبتك من الذنب، يغيظه أن تصلحي ما بينك وبين الله، يغيظه أن تكوني سعيدة مع زوج يحبك، وأولاد يحيطون بك، وقد دخل لك من باب المعصية، فنجاك الله بالتوبة، ثم دخل لك من باب الوسوسة، يريد أن يرى يأسك ماثلاً أمام عينيك، يريدك أن تقنطي من رحمة مولاك وسيدك، فهل تستمعين له؟!

ثانياً: أيهما أعظم -أختنا-: ذنبك أم سعة رحمة الله تعالى؟ بل سعة رحمته أوسع وأعظم، وقد يسر الله لك باب التوبة؛ لأنه يريدك مرة ثانية، يسر لك باب التوبة؛ لأنه يريدك، اقرئي معي قول الله تعالى: (ثم تاب عليهم ليتوبوا)، الله تاب عليهم، فيسر لهم طريق التوبة، فاطمئني وأملي في الله خيراً.

ثالثاً: الله عز وجل يقول: (أنا عند حسن ظن عبدي بي، فليظن عبدي ما شاء)، فاجعلي ظنك في الله جميلاً، اجعلي ظنك في الله أنه قد تاب عليك، وهداك وبدل سيئاتك إلى حسنات، أليس هو القائل -جل شأنه- في حق من ارتكب الكبائر، ثم تاب بعد ذلك: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)؟ هذه رحمة الله تعالى، فأحسني بالله ظنك، ورددي ما قيل:
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة... فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسنٌ ... فبمن يلوذُ ويستجير المذنب
ما لي إليك وسيلةٌ إلا الرجا ... وعظيم عفوك ثم إني مسلم

رابعاً: أما بالنسبة للستر، فكوني على يقين بأن من سترك وأنت على المعصية، أكرم وأجل وأعز من أن يفضحك وقد تبت إليه عز وجل، فلا تفكري في الأمر مرة ثانية، سيما وقد مضى عليه عام، والحمد لله تعالى على الثبات على الحق.

خامساً: انزعي عنك ثياب الحزن، وركزي على طفلك، وفكري فيه كثيراً، وأدخلي البهجة على بيتك وزوجك، واتركي هذا الأمر كأن لم يكن، وكلما أتاك الشيطان مذكراً، فرددي قول الله تعالى: (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً)، قولي في نفسك الله أعظم وأجل من أن يرد تائباً أتاه باكياً نادماً.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يتم عليك بخير، ونرجو منك حذف هذه الرسائل من جوالك، وعدم التحدث في هذا الأمر مطلقاً حتى مع أختك، بارك الله فيك، وأحسن إليك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً