الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوضع بين أمي وأختي متأزم لدرجة القطيعة، فكيف أصلح بينهما؟

السؤال

السلام عليكم

نحن أسرة مكونة من 4 أفراد، أب وأم وأخت، وأنا الابن الأكبر، هناك خلاف كبير في أسرتي، وهذا يؤثر علي بشكل كبير جداً وعلى نفسيتي، وبالتالي يؤثر على شغلي، وعلى حياتي عموماً؛ وذلك لأنهم يلقون دائماً بمشاكلهم علي، وينتظرون مني الحل، ومؤخراً حدثت مشكلة كبرى لا أعرف حلاً لها!

منذ مدة أختي تطاولت بصورة غير لائقة نهائياً على أمي، وأحزنتها جداً، ولم تعتذر اعتذاراً لائقاً (ومن طبع أختي أنها غير بارة بأمها بالصورة اللائقة، والخلاف يقع دائماً بينهم، وغير حنونة عليها نهائياً)، وبعدها بنحو أسبوع تقدم لأختي شخص لخطبتها، وهو شخص جيد جداً، ووالدي وافق عليه، وأختي تريده، ولكن والدتي لم توافق عليه، وأثناء النقاش أختي تحدثت أيضاً بصورة غير لائقة مرة أخرى، وبالتالي أمي أصرت على رأيها ورفضت رفضاً تاماً، لدرجة أنها قالت لها: اعتبري أنه ليس لك أم في حال تزوجتِه.

المهم أن والدي أعطى الاثنين فرصة في إصلاح العلاقة بينهما، وأن تتحدثا معاً وتجدا وسيلة للنقاش بينهم، ولكن أمي أصرت على الرفض، وأختي أصرت على رأيها، فأمي عندما كانت تتحدث مع أختي كانت دائماً ردودها سيئة، وتتحدث بطريقة غير جيدة، وفي نفس التوقيت أنا تقدمت لخطبة إحدى الفتيات -والحمد لله- ربنا كريم يسر الأمر، ولكن أختي ترى أن هناك تفرقة بيني وبينها، وتراني بصورة غير جيدة للأسف!

حالياً الوضع تأزم جداً، فأمي أصيبت بحالة اكتئاب وأختي كذلك، فأختي ترفض التحدث مع أمي، وأمي أوقفت التواصل معها لشعورها بالإهانة من تعاملها معها، فأنا ووالدي نحاول دائماً في إصلاح الأوضاع ولكن فاض بنا الكيل، ولم نجد حلاً لها، فوالدي لا يريد خطبتها من دون وجود أمي معها وإصلاح علاقتهما معاً، فنحن لا نعرف ماذا نفعل معهما الآن، فالموضوع متأزم جداً!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يصلحك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به، فاعلم بارك الله فيك ما يلي:

أولاً: المشاكل في البيوت لا تنقطع، وتلك طبيعة الحياة، وأن يختارك الله عز وجل لتتحمل هم عائلتك وتصلح بينهم، فهذا اصطفاء له أجره، ولصاحبه مكانته عند الله، ويكفيك أخي لتستعين على ما أنت عليه أن تسمع بقلبك هذا الحديث: (أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، ولأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ، -يعني مسجدَ المدينةِ- شهرًا، ومَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ، ومَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، ولَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجَاءً يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَامِ). فانظر يرحمك الله هذا الخير كله لمن ساعد الناس، فكيف لمن جعل هذه الخير في مساعدة أهله، والتخفيف عنهم؟

ثانياً: المشكلة الأخيرة -أخي- لها شقان:
الأول: ما بين أختك وأمك من عقوق الأخت، وهنا يجب أن تقفوا مع الأخت وقفة تنبيه، وتذكير بحرمة ما تفعله، وأثر ذلك عليها في الدنيا والآخرة، وأن البر واجب عليها، وإن أساءت الوالدة إليها، والله لن يرضى عنها إذا كانت عاقة لأمها، لكن بأسلوب ودي لا يحملها على النفور منكم، وحرص لا يحملها على عدم قبول نصيحتكم، ويمكن أن توصلوا إليها هذه الرسائل بطرق غير مباشرة، عن طريق بعض صويحباتها اللاتي تسمع منهن، أو عن طريق أحد من أهلها بينهم صلة طيبة، أو عن طريق مقطع فيديو، المهم أن يكون ذلك متواصلاً.

الثاني: موقف الوالدة من الشاب المتقدم لا يخلو من أمرين:
1- إما أن يكون الشاب غير مناسب من الناحية الدينية أو الأخلاقية، وفي هذه الحالة يجب السماع للوالدة.
2- أو يكون غير مناسب لاعتبارات دنيوية مع صحة دينه وخلقه، وفي هذه الحالة لا بد من إقناع الوالدة بأن هذا هو الأفضل للأخت، ويوم أن تجدكم جميعاً متفقين على الموافقة به، ستوافق، ولكن يحتاج إلى معرفة علة الرفض، وقياسها على المعيار الديني والأخلاقي.

ثالثاً: أخي الكريم- أختك تمر بمرحلة تحتاج فيها إلى موجه حانٍ، وصاحب مؤتمن، وناصح ثقة، وهذا كله يتوفر فيك، ولذا نود منك أن تجلس معها طويلاً، وأن تظهر محبتك لها بوسائل عملية كالحديث المباشر عن محبتك لها، والهدية الجميلة، وأن تستشعر أنك لها سند، ومتى ما نجحت في هذا الأمر، فإن مشاكل كثيرة ستحل.

رابعاً: كذلك للوالد دور هام في ترطيب قلب الوالدة، فهو أدرى الناس بها، وأعلم الناس بالوقت المناسب للحديث معها، وخير الآباء من أعان ولده على بره، تحتاج الوالدة بعضاً من تلك النصائح، لكن يقدمها الوالد أو الجدة إن كانت على قيد الحياة، أو الخالة إن كانت في سنها، أو أكبر، المهم أن تكون المتحدثة مصدر ثقة ومحبة عند الوالدة.

لا تمل ولا تكل من الإصلاح في بيتك، واعلم أن هذا من أفضل القربات إلى الله عز وجل، ولا يوفق لها إلا القليل من الناس، فاستعن بالله على ذلك، وثق أن الله سيكتب أجرك، وسترى هذا في حياتك سكينةً واطمئناناً ويسر بأمر الله تعالى.

نسأل الله أن يحفظك وأن يصلح بيتك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً