الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أوفق في حياتي ولم أجد عملاً.. فهل الله غير راض عني؟

السؤال

السلام عليكم.

لم أتلقّ تعليماً شرعياً، ولم أتعلم الصلاة منذ صغري لا من أبي أو أمي، كان فقط تحفيظاً للقرآن، والآن كبرت وأصبت بالسحر، وأحاول أن أتعالج، لكني لم أوفق في حياتي ولم أجد عملاً!

أحاول قدر المستطاع أن أتقرب من ربنا، بالرغم من أني دائماً في حالة كسل وغضب، ولا أشعر بالفرح، حالياً أنا أحاول أن أقترب من ربنا كثيراً، وأحاول أن أتعلم عن ديني وصلاتي، لكني لا أعرف هل سيقبل الله مني أم لا! لأن أمي تقول لي بأن ما أنا فيه وأعانيه بسبب أن الله غير راض عني! وأنا أرى بأن كلامها صحيح، لأني فعلت أشياء خاطئة، لكني أستغفر وأحاول أن أصلح من نفسي، ولست أدري هل ما أفعله صحيح أم لا؟ لأن كلام أمي هو الصحيح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نيرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأمور التي تواجهينها قد تكون صعبة، ولكن تذكري دائماً أن الله -عز وجل- هو الرحمن الرحيم، وأنه هو الغفور الرحيم، يحب التوابين ويقبل التوبة من عباده، قال الله تعالى في محكم التنزيل: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53).

بالنسبة لما تقوله أمك، فمن الصعب القول بأن الله غير راضٍ عنك بناءً على ما تواجهينه من صعوبات، الله يختبرنا جميعًا بطرق مختلفة، والتحديات التي نواجهها قد تكون طريقة لنا للنمو والتعلم والتقرب من الله، وقد يسمح الله لنا بالمعاناة في الحياة الدنيا لتطهيرنا من الذنوب والخطايا، أو لرفع درجاتنا في الآخرة.

فالمصائب للمؤمن أو للمؤمنة ليست -بالضرورة- عدم توفيق، بل هي تمحيص واختبار، كما قال الله -عز وجل-: ﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَیۡءٍ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٍ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَ ٰ⁠لِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَ ٰ⁠تِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِینَ﴾ [البقرة ١٥٥].

وأخرج الإمام الترمذي من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله ﷺ: (ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة)، فالبلاء لا يعني أن الله لا يحب المؤمن أو المؤمنة، بل على العكس، فمن كان يحبه الله أكثر كان ابتلاؤه أكبر، فقد أخرج أصحاب السنن عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً ؟، قَالَ: (الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ).

ثم إنه لا يوجد شخص يستطيع أن يعرف أن الله راض عنك أم لا، سواء كان هذا الشخص هو أمك الفاضلة أم شخص آخر.

أنت تبذلين الجهد للتقرب من الله وتعلم دينك، وهذا ما يهم، حاولي أن تستمري في هذا الطريق، وتذكري دائماً أن الله يقدر جهدك وإخلاصك، وأنه الرحمن الرحيم، الذي يقبل التوبة من عباده ويغفر الذنوب.

استمري في الدعاء والاستغفار والصلاة وتعلم الدين، وتوكلي على الله. لا تيأسي، وتذكري دائمًا أن الله مع الصابرين. اسألي الله دائماً أن يهديك ويعينك على الثبات على الطريق الصحيح.

أسأل الله أن ييسر أمورك ويعينك على ما تواجهينه، وأن يجعلك من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً