الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي كبير في السن ويرتكب طيش الشباب..كيف ننصحه؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة أبلغ من العمر ٢٦ سنةً، ولدي أخت عمرها ٢٥ سنةً، غير متزوجات، ونقيم مع والدي الذي يبلغ من العمر ٧٣ سنةً، ووالدتي متوفاة منذ أربع سنوات.

والدي كان حنوناً، ويهتم بنا وبإخوتي البقية المتزوجين، إلى أن توفيت والدتي، فأصبح يقوم بأفعال غريبة، ومنها اللباس القريب من الشباب غير المناسب لعمره، كما أصبح مدمناً على الهاتف، ولا يخالط الناس.

حاولنا معه مراراً وتكراراً، ولكن الموقف صعب؛ لأن مشاعره تغيرت نحونا منذ أن طلب الزواج بعد وفاة أمي بشهرين، وأخبرناه بعدم رغبتنا بذلك، فهو يريد الزواج من فتيات غير مناسبات له، سواء في العمر أو الجنسية أو المواصفات؛ فقد أصبح يركز على الشكل فقط وليس الشخصية، لكننا بعد ذلك أخبرناه بموافقتنا على الزواج، ولكن طلبنا أن يستقل بمنزل آخر كونه مقتدراً مادياً.

توجد لدينا غرفة مطلة على منزل الجيران، الكارثة أنه أصبح يراقب امرأة الجيران ليلاً ونهاراً، ويقوم بتصرفات غريبة للفت انتباهها، وقد أخبرناه بعدم القيام بذلك مراراً وبأسلوب جيد، وأخبرناه بأن يتزوج، ولكنه كان يصر على تلك الأفعال، فما كان منا -أنا وأختي- إلا أننا سكنا في تلك الغرفة، ومنذ تلك اللحظة أصبح كأنه بركان لا يحتملنا، ولا يصرف علينا، ويشتمنا، ويدعو علينا، فقط من أجل أن نترك الغرفة!

فما هو الحل معه؟ وهل يستجاب دعاؤه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

نشكر لك تواصلك مع الموقع، ونسأل الله تعالى أن يجعلك مفتاحًا للخير وسببًا لإصلاح أحوال والدك.

وبدايةً: نذكّرُك -ابنتنا العزيزة- بمنزلة الوالد ومكانته التي وضعه الله تعالى فيها، فقد أمر الله تعالى بالإحسان إلى الوالدين، وجعل هذا الأمر رديف الأمر بعبادته وحده سبحانه وتعالى، فقال: {وقضى ربك ألَّا تعبدوا إلَّا إيّاه وبالوالدين إحسانًا}، ووصى بهما فقال: {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا}، وأمر بمصاحبة الوالد بالمعروف مهما بلغت إساءته لولده، فقال: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا}، وأخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن (الوالد أوسط أبواب الجنة) يعني: أفضل أبواب الجنة.

ولذلك نصيحتنا لك ولأختك ولإخوانك جميعًا: أن تحرصوا على أن تبلغوا الجنّة من خلال البر والإحسان بوالدكم، والإحسان معناه: إدخال السرور إلى قلبه بكل قولٍ أو فعلٍ ممَّا هو مباح غير محرَّم.

واحذروا من دعائه عليكم، وإغضابه، فدعاء الوالد شأنه عظيم، وقد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن دعاء الوالد لولده مستجاب، وورد هذا المعنى في أحاديث كثيرة، وكذلك ينبغي الحذر من دعائه على ولده.

وأمَّا ما ذكرت بشأن وقوعه في بعض المخالفات التي ترونها أنتم أنها مخالفات، ربما يكون الأمر كذلك، وربما يحتمل غير ذلك، لكن على فرض أنه يقع في بعض المخالفات؛ فإن دوركم يقتصر فقط على نصحه بأدبٍ ولينٍ وتذكيره، فإذا غضب منكم بسبب هذا التذكير فالواجب عليكم أن تسكتوا، وأن تتركوه في شأنه، فإن إغضابه معصية كبيرة، ولذلك يقول العلماء: الولد يأمر والده بالمعروف وينهاه عن المنكر ما لم يغضب، فإذا غضب سكت الولد.

فلا تتجاوزوا هذه الحدود، واحرصوا على أن تُصلحوا أحواله بطرق غير مباشرة لا تُغضبه، ومن ذلك مساعدته، وتيسير الزواج له، وتحقيق هذه الرغبة كرغبة طبيعية متفهمة لدى الإنسان، فكل أحدٍ يريد الزواج، فحاولوا أن تُعينوه على تحقيق هذه الرغبة لديه، وفي هذا تُجنّبوه الوقوع في المنكرات التي تخافون وقوعه فيها.

ومن ذلك أيضًا الاستعانة بأصدقائه من أقاربكم كالأعمام والأخوال لمجالسته، والأخذ بيده نحو الأفعال التي تقوّي إيمانه، وتُبعده عن الوقوع في هذه المخالفات.

وبهذه الطريقة تأمنون -إن شاء الله تعالى- من حصول منكرات من والدكم، وفي نفس الوقت تكونون قد بررتم به وقمتم بالواجب عليكم.

نسأل الله تعالى أن يوفقكم لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً