السؤال
لو أخبرتُ دكتورًا أو منظمة أن أبي يعيرني، ويذكرني دائمًا بأنني عاطل، ولست مثل الرجال الذين يعملون ويكسبون المال، ما الحكم في هذا؟ علماً أن هذه الكلمات تؤلمني جدًا.
لو أخبرتُ دكتورًا أو منظمة أن أبي يعيرني، ويذكرني دائمًا بأنني عاطل، ولست مثل الرجال الذين يعملون ويكسبون المال، ما الحكم في هذا؟ علماً أن هذه الكلمات تؤلمني جدًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ابننا الكريم: نشكر لك تواصلك وثقتك بإسلام ويب، وجوابًا لك على السؤال ستكون إجابتنا كالتالي:
أولاً: قبل كل شيء وقبل الدخول في تفاصيل حل مشكلتك، أوصيك بوالديك برًا وخيرًا، وقد أمرنا الله تعالى ببر الوالدين، قال تعالى: (وبالوالدين إحسانًا) قال القرطبي: "الإحسان إلى الوالدين برهما وحفظهما وصيانتهما، وامتثال أمرهما وإزالة الرق عنهما، وترك السلطنة عليهما".
والأحاديث النبوية كثيرة في هذا الباب، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك"، وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رضا الرب في رضا الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين"، رواه الترمذي، ومن الأحاديث التي جاءت في بيان فضل ومنزلة الوالدين، ما رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب، أو احفظه).
ثانيًا: ما ذكرت من إيذاء الوالد لك بالألفاظ التي ذكرتها؛ فعليك بالصبر على هذه الألفاظ؛ فالوالدان ليسا كغيرهما، فقد أنزلهما الشرع الحكيم منزلة خاصة، وأوجب البر بهما والإحسان إليهما، ولو كانا كافرين مجتهدين في سبيل إضلال ولدهما، وصده عن الحق، ورده من الإيمان إلى الكفر، كما قال تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا) (لقمان:15) فالمقصود من هذا كله بيان منزلة الوالدين، وحقهما على ولدهما، وأنه لا يجوز للولد أو البنت الإساءة إلى الوالدين، والسعي في إيذائهما، أو إلحاق الضرر بهما، وإن أساءا إليك، مع بيان عدم جواز ظلم الوالدين للأبناء والبنات على حد سواء، فأوصيك بالصبر على كلام أبيك لك، فالعاقبة إلى خير إن شاء الله.
ثالثًا: أما شكايتك للطبيب عن والدك وكلامه لك، فإن كنت تعاني من أمور نفسية، وكلام والدك قد أثر عليك، فلا بأس إن نويت بذلك علاج نفسك، ويكون هذا الكلام خاصاً للطبيب، ولا يقصد به تشويه سمعة الوالد؛ حتى لا تدخل في الغيبة، فالغيبة محرمة، وغيبة الوالدين أشد ذنبًا من غيبة الآخرين، وكلامك للطبيب من أجل تشخيص الحالة، وحتى يساعدك على تخطي هذه الحالة، فلا بأس.
أما شكايتك للمنظمة على أبيك، فلا يجوز؛ لأن هذا مخالف لما أوصانا الله به من مصاحبة الوالدين بالمعروف، كما قال تعالى: (وصاحبهما في الدنيا معروفًا) بل يعتبر ذلك من عقوق الوالدين، لا سيما إذا كان هناك ضرر على أبيك أو إساءة له.
رابعًا: من خلال الكلام الذي يقوله لك والدك، يظهر أنه يقول هذا من حرصه الشديد عليك، وحزنه على حالتك هذه، وكل الكلام الصادر من والدك لك، كله دائر في الشفقة عليك، مثل: قوله: "إنك عاطل، لست كالرجال الذين يشتغلون ويأتون بالفلوس" صدقني هذا الكلام كله دائر في شفقة الوالد لك؛ حيث إنك لا تعمل مثل الآخرين، ولم تستطع أن تساعد والدك بسبب عدم العمل، فهو حث منه لك على الاجتهاد في البحث عن العمل ومساعدته، فلا تفهم والدك خطأ، فيكفي أنه سبب وجودك في هذه الحياة.
خامسًا: حاول جاهدًا في إيجاد عمل يكون مصدر رزق لك تعين به أباك، فالأب يفرح بولده إذا بلغ مبلغ الرجال ليساعده على أمور الحياة، ولا سيما مع تقدم عمر الأب، والأب يعتبر ولده كنزا ثمينًا؛ لأنه تعب عليه كثيرًا، فأتمنى منك أن تكون هذه الأمور التي ذكرتها لك حاضرة في ذهنك؛ حتى تلتمس العذر لأبيك في شدة كلامه لك، مع أنني أتمنى أن يتفهم والدك لأحوالك، وأن يصبر ويقف معك حتى تنفرج الأمور.
أسأل الله تعالى أن يرزقك عملاً يغنيك عن الخلق، ويوفقك لمساعدة والديك وأسرتك.