الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تبت إلى الله من نشر الأغاني وأخاف من السيئات الجارية

السؤال

السلام عليكم.

أتمنى أن تجيبوني.

قبل سنة أو سنتين فتحت حساباً في التيك توك، وكان فيه فيديوهات، 2 فيها أغاني، وكنت صغيرة، ولم أكن أعرف أن الأغاني حرام، فحذفت الكثير منها، وتبت، وتقربت إلى الله، وعرفت أن الأغاني حرام.

المشكلة أنني نسيت أن أحذف كل الفيديوهات، وخفت أن تبقى سيئات جارية، ولم أستطع الدخول للحساب، لأني نسيت الإيميل وكلمة السر، فصرت أبكي كثيراً، وخفت أن تبقى سيئات جارية، والمشكلة أن عدد المشاهدات يزيد كل ساعة، يا إخوتي ضعوا أنفسكم مكاني، فلقد احترت، لا أعرف ماذا أعمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجهول حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الرائع الذي يدلُّ على حرصٍ على الخير، ونهنؤك بالتوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، والانتباه من الغفلة، ونبشرك بأن التوبة تجُبُّ ما قبلها، وأن التائبة من الذنب كمن لا ذنب لها.

إذا كان الأمر كما ذكرتِ أنك وضعت تلك المقاطع وتلك المشاهد ولم تكوني تعلمين بحرمتها، ثم علمت بعد ذلك بحرمة هذا الذي حدث؛ فإن هذا بمشيئة الله لا تؤاخذين عليه، ولا تُسألين عنه.

قد أحسنت في محاولة البحث لمحو آثار ذلك الخطأ، ولكن نبشّرُك بأن الله غفّارٌ رحيم، وما سمّى نفسه غفوراً إلَّا ليغفر لنا، وكما في الآية: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به واعف عنَّا واغفر لنا} الكريم سبحانه قال: (قد فعلت)، لأن الله غفّارٌ لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى.

بشرى لك بهذه الروح، وبشرى لك بهذا الحرص على الخير، واجتهدي فيما تبقّى لك، ولا يأتيك الشيطان ليُذكّرك الماضي حتى يُقعدك عن العمل الصالح، إذا ذكّرك الشيطان بالفيديوهات المذكورة فجددي التوبة، وجددي الرجوع إلى الله، واستغفري، وجددي الاستغفار والتوبة، واحرصي على الذكر، فإن هذا ممَّا يُحزن الشيطان، لأن الشيطان يستحضر تلك المشاهد القديمة والأشياء القديمة من أجل أن يُحزنك، من أجل أن يُوصلك إلى الإحباط، حتى تقولي: (لا فائدة في توبتي)، لا، أنت على خيرٍ كثير، والله غفّار.

إذا كان الأمر كما ذُكر فلا تؤاخذين على ما يحدث لتلك الفيديوهات، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، بل نحن لا ننصح بالتنبيش والعودة والبحث عن تلك الأشياء، لأن هذا قد يُدخلك مرة أخرى في هذا النفق المظلم، ولكن أكثري من الحسنات الماحية، واعلمي أن التوبة النصوح هي التي فيها صدق مع الله، وفيها إخلاص لله، وفيها ندم على ما حصل، وأنت نادمة، والندم توبة، فيها عزم على عدم العود، فيها حرصٌ على الإكثار من الحسنات الماحية والحسنات يُذهبن السيئات، فاستمري على ما أنت عليه من الخير.

مرة أخرى: لن يتركك الشيطان، وإذا ذكّرك بما كان فجدّدي التوبة والرجوع إلى الله، وأكثري من ذكر الله، عندها سيتركك الشيطان؛ لأنه لا يريد لك أن تكسبي حسنات، لكنّه يفرح إذا حزنت، إذا توقفت، إذا يئستِ، إذا أحْبطتِ، هذا كله ما يريده الشيطان، فعاملي عدوّنا بنقيض قصده.

إذا ذكّرك بالذنب فتذكّري أن الله غفّار، وتذكّري أنك تبت من تلك السيئات، وحينها جددي التوبة، وتذكّري أن الله توّاب، واحرصي على ذكره وشكره وحُسن عبادته، وأحسني فيما تبقت لك من أيام وأنفاس، ولله الحمد، أنت في ريعان الشباب، قالت حفصة بنت سيرين: (يا معشر الشباب عليكم بالعمل، فإني ما رأيتُ العمل إلَّا في الشباب)، فاجتهدي في الطاعات، وتقربي إلى رب الأرض والسماوات.

نسأل الله أن يجعلنا جميعًا ممَّن طالت أعمارهم وحسنت أعمالهم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً