الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تبت من رؤية المقاطع الخبيثة لكن بقيت معي آثارها، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة، عمري 21 سنة، كنت أشاهد الأفلام الإباحية بكثرة، ولكنني نويت التوبة، فتركت مشاهدتها منذ شهر، إلا أنني أرى في المنام أنني في موضع تلك الفتيات، أو أفعل الرذيلة حتى مع أقرب الناس لي، فماذا عساي أن أفعل؟ وهل هذا من سخط الله علي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لميس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك -أختنا المباركة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يتقبل توبتك، وأن يبارك في عمرك، وأن يثبتك على الحق، وأن يصرف عنك شر كل ذي شر.

أختنا الفاضلة: إننا نحمد الله إليك تلك التوبة، ونبشرك بأن التوبة متى ما توافرت فيها شروطها فهي مقبولة بأمر الله، وأول تلك الشروط هو هذا الندم، والخوف البادي في رسالتك، فقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن التوبة هي الندم، وهي الرجوع عما يكرهه الله من العبد ظاهراً وباطناً، هي الهداية الواقية من اليأس والقنوط، هي أول المنازل وأوسطها وآخرها كما قال ابن القيم:
- هي بداية العهد وخاتمته.
- هي ترك الذنب مخافة الله -عز وجل-.
- هي استجابة لأمر الله، طاعة لأمر ربك سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين ءامنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً).
- هي سبب فلاحك في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون).
- هي الجالبة لمحبة الله لك، قال تعالى: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين).

- هي سبب لدخولك الجنة ونجاتك من النار، قال تعالى: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً، إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً).
- هي الجالبة لنزول البركات من السماء، وزيادة القوة والإمداد بالأموال والبنين، قال تعالى: (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين).
- هي من أسباب تكفير سيئاتك وتبديلها إلى حسنات، قال سبحانه: (إلا من تاب وآمن وعمِل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً).

وقد وفقك الله -أختنا- وتبت إلى الله -عز وجل-، فافرحي وأمِّلي خيراً، واعلمي أن الله يقبل توبة العبد متى ما أقبل عليه، بل يفرح ربنا لتوبة عبده، فعن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره، وقد أضله في أرض فلاة) متفق عليه، وفي رواية لمسلم (لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة، فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: (اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح).

أختنا الكريمة: إن ما شاهدته في منامك هو من تلاعب الشيطان بك، وليس سخطاً من الله عليك كما يريد أن يوهمك اللعين، إنما هو الشيطان ويريد من وراء ذلك أمران:
الأول: إثارة العاطفة تجاه ما كان من المعاصي المحرمة.
الثانية: شغلك عن العبادة، وإلقاء بذور التشكيك بداخلك.

كل هذا يفعله لأجل أن يثنيك عن الخير الذي أنت عليه، فلا تعريه اهتماماً، واستمري في الطاعة، واستعيني على الثبات بأمور منها:
1- الحرص قدر استطاعتك على ترك الفراغ، والابتعاد عن أن تكوني وحدك، بل اجعلي نفسك في وسط آمن.
2- اجتهدي في وضع برنامج مفيد في تعلم العلوم الشرعية، أو غيرها على قدر طاقتك.
3- الاجتهاد في إيجاد صحبة صالحة تحرضك على طاعة الله، وتصرفك عن الشيطان، وتعمر وقتك بما يرضي الله عليك.
4- أكثري من الطاعات والنوافل، ومن صيام التطوع، فإنه يصونك من الشيطان في الدنيا، ومن النار في الآخرة، فأكثري منه قدر استطاعتك.

وأخيراً عليك بالدعاء والإلحاح على الله أن يصرف عنك هذا الشر، واعلمي أن الدعاء سهمٌ صائبٌ، نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يسدد خطاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً