الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يريد أن أعود لبيت أهله بدون أن يأتي لأخذي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا امرأة أبلغ من العمر 25 سنة، تزوجت منذ سنتين زواجًا تقليديًا من رجل يكبرني 10 سنوات، ولم يرزقني الله بأطفال إلى الآن، اختارتني والدة زوجي لابنها، وأعجب بي بعد الرؤية الشرعية ووافقت عليه، وبعد الزواج سكنت قلبه وكان حنونًا وطيبًا ورومانسيًا، ونحن نسكن مع أهله.

بعد الزواج اكتشفت أن والدة زوجي شخصية نرجسية ومتسلطة، وتتحكم في زوجي، وهو لا يتخذ أي قرار دون العودة لها، ويفسر ذلك بأن والدته إنسانة حساسة، ومتعلقة به جدًا، وكل ما تفعله ناتج من حبها الشديد له، ولا يستطيع إغضابها ويصبح عاقاً.

والدته تغضب كثيرًا عندما نخرج للتنزه، أو يصطحبني لأهلي، وتستخدم معنا أسلوب الصمت العقابي في كل مرة يدافع عني أمامها، أو يظهر حبه لي، حاولت كسب ودها، وأنا أخدمها في البيت، وأشاورها في الأمور اليومية، وأتعامل معها بشكل عادي عندما تغضب.

بعد سنة أصبحت والدة زوجي عصبية بتصرفاتها، وتنتقدني بشكل مستمر في كل شيء، وأرى حسدها باستمرار، وهدفها الإيقاع بيني وبين زوجي وعائلة زوجي، وتخبرهم بأمور غير موجودة بالواقع حتى يكرهوني.

زوجي يقف بجانبي في كل مرة، ويقول بأن طباع والدته غير جيدة، ويطلب مني الصبر حتى يتمكن من استئجار سكن خاص لنا، ولكن صبري نفد، وتعبت نفسيًا وجسديًا بسبب الضغوط.

في إحدى المرات حدثت مشكلة بيني وبينها، وحرضت أولادها ضدي، وعندما أخبرت زوجي قال: لا تكترثي، وبالنهاية هؤلاء أهلي، ولا أحد يترك أهله، ولن أتخاصم معهم في كل شيء. ففقدت أعصابي وقلت له: أنت لست رجلًا حقيقيًا، وتناقشنا بعصبية، وطلب مني الذهاب إلى منزل أهلي إلى أن يوفر مسكنًا خاصًا لنا.

علمت أسرته بما حدث، وانكشف أمر والدته وظهرت حقيقتها، وصورتها المثالية أمامهم تحطمت، فأخبرتْ ابنها أنه لو خرج من المنزل فلن يراها أبدًا، أكملت شهرين بمنزل أهلي وزوجي لم يأت ولم يحل المشكلة، وطلب مني العودة للمنزل كما خرجت منه، والبقاء تحت جناحه، وهو من يقرر موعد خروجنا وليس أنا، وحفظًا لكرامتي عليه أن يأتي لي ولن أذهب أنا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به، فاعلمي بارك الله فيك ما يلي:

أولاً: إننا نحمد الله العلي الكريم أن أكثر تعاملات زوجك معك جيدة، وهذا خير كثير، كما كنا نود أن تستثمرية في صالح حياتك، وأن تتحملي الضرر الأدنى في مقابل تلك النعمة التي أكرمك الله بها، وهي تفهم زوجك لما يحدث، وحديثه الدائم لك عن الصبر، وعن طبيعة أمه، وسعيه هو في إيجاد حل بديل.

ثانيًا: دعينا نضع قبل النصيحة قاعدة هامة هي أصل في استقرار أي بيت، وما لم يقتنع المرء بها، فإنه يبحث عن سراب لا أكثر.

هذه القاعدة هي: يستحيل إيجاد بيت بلا مشاكل، وأكثر البيوت استقرارًا ليست الخالية من المشاكل، بل التي يحسن طرفاها إدارة المشاكل، ولو كان ثمة بيت يصح ألا تكون فيه مشكلة لكان بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن هذا لم يحدث، وقد ذكرت لنا الأحاديث والسير الكثير من المشاكل الواقعة في بيته -صلى الله عليه وسلم-، فإذا علمنا ذلك وأيقنا أنه لا يوجد بيت بلا مشاكل، ولا توجد حياة بلا منغصات، علمنا أن العقل يقضي بأن يتعامل المرء مع المشاكل على قاعدة: ما نقدر على إصلاحه نصلحه، وما لا نقدر على إصلاحه نتعايش معه.

ثالثًا: أنت الآن في بيت أهلك منذ شهرين، وهو لم يجد حلاً، بل ولن يستطيع في الوقت الراهن؛ لأنه إن فعل فقد خسر تدينه وعق أمه وباع أهله، وهذا ما لا يقدر عليه أحد فيه شيء من تدين.

رابعًا: المشكلة عندك ليست في الرجوع كما هو الظاهر -والحمد لله-، المشكلة عندك في طريقة الرجوع، ونحن نقترح عليك ما يلي:

1- توسيط أحد من أهل العلم والدين ليقوم بالحديث مع الزوج ويحاول استرضاءه لأخذك من البيت، على ألا يكون الشخص الوسيط من أقاربك أو من معارف أهلك، بل يكون من معارفه هو وممن يثق فيه.

2- أرسلي له بين كل يوم رسائل للاطمئنان عليه، والحنين إليه؛ فهو زوجك، والجفوة مصاحبة للإهمال، فلا تهملي زوجك ولا الحديث معه.

3- عند العودة نرجو أن تحتوي أهل زوجك أكثر من ذلك، ولا تدخلي في صراعات معهم، والكلمة الطيبة صدقة -أختنا الكريمة-، فإذا راعيت الله في أقوالك وأفعالك واحتسبت كل خير تفعلينه في البيت لله؛ فإن هذا سيكون أعون لك على الصبر، وأكثر لك في الأجر.

4- اجتهدي ألا تجعلي زوجك محاصرًا بين إرضائك، أو إرضاء أمه، بل تجاوزي هذا الأمر، وأعينيه على البر بأمه وأهله، وثقي أن لك الأجر الكبير عند الله على ذلك، ولك المحبة الخالصة في قلب زوجك مع ذلك.

خامسًا: اجتهدي ألا تطول فترة بقائك في بيت أهلك أكثر من ذلك؛ فإن طول الفترة يذهب الألفة ويقوض المحبة، ونحن لا نريد لكما ذلك، وعليه فإن دخل الوسيط في الحل، وخلص منه إلى عودتك أنت، فلا حرج أن تعودي مع أهلك إلي بيتك، وتجنبي في قابل أيامك الخروج من بيتك.

وأخيرًا: عليك بالدعاء أن يصلح الله البيت، وأن يعينك على إدراة الخلاف ما أمكنك، وأن يصلح حال زوجك وأهلك وأهله إنه جواد كريم، وفقك الله لكل خير، والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً