الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلة بين والديّ في العلاقة الخاصة وقد احترت في حلها.. أرشدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشعر بالحيرة بسبب والدتي التي امتنعت عن والدي منذ سنوات؛ بسبب أمراض ومشاكل نسائية أصيبت بها، وما زالت والدتي تطيعه في كل شيء، فهي لا تخرج من دون إذنه، وتهتم بالمنزل، وتفعل كل شيء، باستثناء واجب الزوجية، وإصرار والدي على الأمر، خلق شرخًا كبيرًا بينهما.

علاقتي بأهلي طيبة، أحب والدي، وأعمل على إرضائهما ما استطعت، أعيش في الغربة، ولست متزوجة، وتكفلت بمعيشتهما؛ لأني الكبيرة، والدتي تفضفض لي كثيرًا، ومن هنا علمت بالمشكلة التي بينهما، مع التنويه أن أمي تحترم والدي جدًا، ولم تحاول إطلاقًا الإساءة إليه، أو تشويه صورته بنظري، بل تحثني على احترامه، ولكن سماعي لهذا الأمر بالذات عن علاقتهما الخاصة أثر بي، وحاولت بحدود الأدب الإصلاح بينهما ولم أفلح.

كنت أرى والدتي على حق، وأتعاطف معها، لكني لاحظت أن علاقتها مع والدي تزداد سوءًا، وربما حدث ذلك دون أن تنتبه، حين أتصل للحديث معهما أسمعها تحدث الجميع بلطف باستثناء والدي، تتجاوز حدود الأدب، ويشعر بالكره والنفور في كلامها معه، وتقول: إنها حين تكون لطيفة، سيظن أنها ستمكنه من نفسها، وشخصية والدي هادئة، لا يعلق ولا يشتكي، حاولت مع أمي مرارًا، فقالت: إنها مستعدة لأن تزوجه، وليس لديها القدرة على هذا الأمر.

المشكلة لا أستطيع تحمل مصاريف منزلنا ومنزل الزوجة الجديدة، ووالدي لا يرغب بذلك، فهل والدتي آثمة؟ وهل يمكن أن تدخل النار بسبب فعلها؟ مع العلم أنها ملتزمة، وكما قلت لا تمانع من زواج والدي وتشجعه عليه، وهل أنا آثمة إن لم أزوجه؟ مع العلم أنا تجاوزت الثلاثين من عمري، ولم أتزوج، ولا أعلم إن كان نصيبي سيأتي أم لا!

إخوتي الشباب لا يملكون المال للزواج، فيكف يزوجون والدي! وقد بدأ أخي المغترب معي بإعانة أهلي بمبلغ بسيط، ويحضر للزواج، فهو على علم أني متكفلة بالمصروف منذ أعوام، ولم يساعدني، علمًا أنا طالبة جامعية، وأعمل عدة أشغال لأتمكن من تحمل مصروف أهلي، فهل آثم إذا لم أستطع تزويج والدي؟ وأنا أخاف من الوقوف بين يدي الله، وأحاسب على معرفتي بوضعه وتقصيري، أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه، فإننا نجيبك من خلال ما يلي:

أولاً: جزاك الله خيرًا على ما بذلت من النفقة على أهلك، واعلمي أن الله سيبارك لك في رزقك، فأعظم الطاعات -بعد التوحيد- بر الوالدين، وقد اصطفاك الله من بين إخوانك لتحظي بهذا الأجر العظيم، فهنيئا لك السعي في برهما، ونسأل الله أن يعينك على ذلك.

ثانيًا: إن كانت الوالدة مريضة ولا تستطيع المعاشرة الشرعية، وهي لا تمانع في زواج الوالد فليست آثمة، ولا يجوز لأحد أن يجبرها على ما لا تقدر عليه، وعليه فهي من هذا الجانب ليست آثمة، ولكنها تأثم في الحديث معه بغير الأسلوب اللين المتعارف عليه، ولا عبرة هنا بتبريرها، بل عليها أن تطيعه في غير معصية، وأن تلين له القول، وأما ما يصيبها بالضرر فإن كان له علاج، فيجب عليها التداوي، وإن لم يكن لها علاج فليست بذلك آثمة.

ثالثًا: أنت كذلك لست مكلفة بتزويج الوالد، سيما وقد ذكرت أن القدرة المالية عندك لا تكفي، وعليه فلست آثمة.

رابعًا: الوالد إن كان يستطيع ماديًا الزواج بأخرى، فعليه أن يبادر، مع العلم أن هناك أخوات اجتمع عليهن الفقر والعوز، بعضهن مات العائل، وبعضهن مطلقات، ولا يردن زخرف الحياة ولا متاعها، بل يكفيهن العيش الآمن في الحدود الدنيا، ويمكن للوالد أن يختار إحدى هؤلاء ولن تكلفه كثيرًا، لكن على العموم إن لم يستطع الزواج ماديًا فعليه بالتصبر، وكثرة الصيام لله عز وجل، وعلى والدتك مساعدته في طلباته الشرعية من دون إيذاء لها أو ضرر.

بارك الله فيك، وأحسن الله إليك، والله المستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً