الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدعو الله أن يتم قبولي في مدرسة معينة، فهل الدعاء يغير الأقدار؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تقدمت بطلب الالتحاق بمدرسة ثانوية، وعليّ اجتياز اختبار للقبول في أربع مواد دراسية من الصف الرابع حتى الصف الثالث الإعدادي، ويجب علي الدراسة في الإجازة حتى أجتاز الاختبار -بإذن الله-.

وقد بدأت الدراسة فعلاً منذ بداية الإجازة، ولكني أشعر بأن ذلك غير كافٍ؛ فهناك من هم أذكى مني، كما أن المدرسة تقبل عدداً معيناً فقط، فينتابني شعور بالإحباط الشديد بين فترة وأخرى؛ لأن الالتحاق بهذه المدرسة حلم الطفولة، كما أنني طوال تلك السنوات كنت أصلي وأدعو الله أن يتم قبولي، وأذكر نفسي بأن الله عند ظن عبده به، فهل الدعاء يغير الأقدار؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Secret حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، ويختار لك أحسن الأمور وأرشدها، ونحن على ثقة تامة من أن التوفيق سيكون حليفك؛ لأن سلوكك هذا الذي ذكرته في سؤالك من إقبالك على الله -سبحانه وتعالى-، وكثرة دعائه ورجائه، وإحسان الظن به كل ذلك من الأسباب التي تبعث على الأمل، وتبشر الإنسان بأن الله يريد به الخير، كما قال أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه-: "إني لا أحمل هم الإجابة ولكني أحمل هم الدعاء".

فمعناها إذا وفق الإنسان لدعاء الله تعالى، فإن هذا علامة على أن الله يريد به الخير، فإنه كما قال عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-: " إن الله حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً".

فنصيحتنا لك الاستمرار على ما أنت عليه من دعاء الله تعالى، دعاء من يوقن بأن الله يجيبه كما قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة"، وإحسان الظن بالله تعالى أنه لن يخيبك ولن يقدر لك إلا الخير.

ولكن ليس معنى هذا أن يكون الخير هو بالضرورة أن تكوني مقبولةً في هذه المدرسة؛ فأنت لا تعلمين الغيب، فالغيب يعلمه الله، وربما يحرص الإنسان على شيء، والله تعالى يعلم أن الخير في غيره، فيصرفه عنه، ويقدر له غيره، وهذا من لطف الله تعالى وبره ورحمته، وقد قال في كتابه الكريم: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون).

فالموقف الصحيح إذاً -أيتها البنت الكريمة-: هو الأخذ بالأسباب المشروعة المباحة، والحرص على الشيء النافع كما قال الرسول الكريم: "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز"، والإكثار من دعاء الله سبحانه وتعالى بتيسير الأمور وتقدير الخير، وبعد هذا كله ينبغي للإنسان أن يرضى بما يقدره الله ويختاره له، ويعلم أن ذلك هو الخير.

وأما سؤالك هل الدعاء حقاً يغير الأقدار؟

والجواب: بأن الأقدار بالنسبة لك أمر غيبي لا تعرفينه، وأنت مأمورة بأن تأخذي بالأسباب، ومن الأسباب الدعاء، فالدعاء سبب للوصول إلى المقاصد والأغراض، والله تعالى يقدر الأقدار بأسبابها، فهو يعلم أن هذا الإنسان سيأخذ بالسبب أو لا، فيكتب سبحانه وتعالى النتيجة، وهي أن هذا الإنسان سيأخذ بالسبب وسيصل إلى كذا، وأن هذا الإنسان الآخر لن يأخذ بالسبب ولن يصل إلى كذا، فهو سبحانه وتعالى يعلم ما سيكون، فيكتب ما سيكون وسيقع، ولكن هذا الكائن وهذا المقدور مربوط بأسبابه، فأنت خذي بالأسباب، واعملي بها بجد واجتهاد، ثم ما يقدره الله تعالى لك بعد ذلك هو الخير، فاحرصي على الدعاء؛ فإنه من أسباب الوصول إلى أقدار الله سبحانه وتعالى الحسنة المرغوبة، نسأل الله أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً