الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد الطلاق من زوجي لنقضه العهد وعدم محافظته على طهارته وصلاته!

السؤال

السلام عليكم..

أنا متزوجة منذ 4 سنوات، ولقد اشترطت على زوجي إتمام الدراسة، وقام بإدخالي لامتحان قبول الجامعة، لكنني لم أوفق فيه، وبعد ذلك لم يدخلني، وقال بأنه لا يستطيع بسبب ظروفه المادية، وأنا لم أتنازل عن شرطي، وهو يعلم بذلك.

ثم إنني علمت أنه لا يصلي، وقد صارحته بذلك، وقال بأنه لن يعيدها، وسوف يعود للصلاة، ولكنه تركها، ويمثل أمامي بأنه يصلي فقط، وإلا فإنه لا يتوضأ في الأصل، ولا يهتم بالنجاسة، ويجلس عليها أينما كانت، ثم لا ينفض ثوبه، أو ما أصاب بدنه.

أنا حقًا لم أعد أطيق ذلك، وأريد إكمال دراستي، وأنوي أن أفسخ العقد، وقد تبقى 3 أشهر على الدراسة الجامعية، وأنوي ترك زوجي في ذلك الوقت؛ لأنني إن تركته الآن فسوف تشاع أخبار عليه بين أهله، وأنا لا أريد ذلك، ولا أريد أن أتركه إلا وقد انتهت كل الفرص للبقاء معه.

وكما تعلمون: فإن الشهادة الثانوية في بلدي تنتهي بعد 5 سنوات، ولن أستطيع الدخول بها للجامعة إذا انقضت تلك المدة، وهذه هي السنة الخامسة لشهادتي الثانوية، ولن أستطيع الدراسة بعدها بها، ولن يستطيع زوجي أيضًا تدريسي إذا انقضت المدة، حتى إذا أراد ذلك!

أنا الآن لا أطيق قربه، ولا أقوم بحقوقه في الفراش أحيانًا -استقذارًا منه-؛ بسبب عدم صلاته، وعدم الاهتمام بنظافته من النجاسة؛ وهذا يرهقني جدًا، مع العلم أنني حاولت نصحه أكثر من مرة على اجتناب النجاسة، ولكن دون فائدة!

ولأنه أيضًا نقض شرطي؛ حيث إنه أخبرني بأنه لن يستطيع الوفاء به، وقال لي: "دعي أباك يدرسك"! أي أنه لن يدرسني، فهل أكون آثمةً على عدم أدائي لحقوقه؟

أرجو منكم الإجابة، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص سؤالك -أختنا الكريمة- فإننا نجيبك من خلال ما يلي:

أولاً: دعينا نحدد الدافع الحقيقي لهذا القرار الخطير؛ لأن الأصل أنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تطلب من زوجها الطلاق دون بأس أو ضرر يلحقها، لما روى أصحاب السنن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة". والحديث يدل على أن سؤال المرأة الطلاق من غير بأس -أي من غير شدة تلجئها إلى ذلك- يعد كبيرةً من كبائر الذنوب التي يجب على المسلمة -التي ترجو مرضاة الله- الحذر منه، والابتعاد عنه.

ثانيًا: مسألة تعليمك ليست الضرر المفضي إلى طلب الطلاق، فسواءً وعد بالتعليم، ثم أخلف لعدم المقدرة، أم ذكر من البداية أنه يريد من والدك أن يعلمك، فالأمر هنا يعد إخلافًا للعهد، أو تراجعًا عن الوعد، وكلاهما مذموم، ولا يحق لمسلم فعل ذلك، ولكن هذا ليس الضرر الذي به تطلب المرأة من زوجها الطلاق.

ثالثًا: إذا كانت المسألة في الصلاة، فالرجل قد وعدك أنه سيصلي، وهذا يعني أنه ليس مكابرًا، ولا معاندًا، ولا منكرًا للصلاة -عياذًا بالله-، وعليه فلا يجوز طلب الطلاق من هذه الجهة.

رابعًا: مسألة النظافة الشخصية التي جعلتك تنفرين منه، ولا تعطينه حقه الشرعي؛ هذا الأمر يجعلك تحتاجين لأن تجلسي مع نفسك جلسةً صادقةً، وأن تجيبي بنفسك على هذه الأسئلة:

- هل حقاً سوء نظافته منفر، أم أنه حجة بسبب بعض الأخطاء السابقة؟

- هل يمكن إصلاحه، وتهيئة أمره، مع الإحسان إليه، أم أن القابلية عندك منعدمة؟

ونحن نسألك الآن سؤالاً سيقربك من تحديد الإجابة: هل لو وافق زوجك الآن على تدريسك، ستكون النظافة الشخصية عنده متقبلةً أو قابلةً للإصلاح؟

إن كانت قابلةً للتغيير أو متقبلةً، فلا يجوز لك -أختنا- طلب الطلاق؛ لأن الضرر محتمل، وغير شديد.

وإن كانت الإجابة ذاتها لم تتغير مع الدراسة أو غيرها، وكنت لا تستطيعين تقبله، وهو لا يريد أن يغير من حاله، هنا لا بد من استشارة أهلك أولاً، فإن فعلت، وأشار عليك أهلك بالطلاق، ولم يكن هنالك بد من ذلك، فلا إثم عليك ساعتها؛ لأن الضرر متحقق.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يبارك فيك، وأن يقضي لك الخير، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً