الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي يسيء الظن بي ولا يترك لي مساحة لأهتم بنفسي!

السؤال

السلام عليكم

أعلم أنه من غير الجيد أن أتكلم عن والدي، ولكني أشعر أنهما يظلمانني كثيراً.

أنا طالبة إعدادية، وبعمر 14 سنة، أبي مدرس لغة عربية، ولكنه دائماً يعتمد على أسلوب الضرب، ويسبني على كل صغيرة وكبيرة بألفاظ سيئة.

دائماً عندما أتناقش معه لا يتقبل رأيي أبداً، ويتهمني بأشياء ليست فيِّ، مثل أني لا أود مغادرة مدرستي، لأني أحب شخصاً ما -آسفة للغاية- أو أني أود أن آخذ درساً عند مدرس ما، لأن هناك طالباً معيناً يحضر له، وأود أن ألقاه! وهكذا. 

الحقيقة أني في سنة مهمة، وأرى أن مدرستي جيدة، وأنه من الممكن أن أكمل دروسي هناك، وهذا هو الحال في كل شيء أطلبه منه، يتهمني أن المقصد أني أود أن أفتح حساباً على الانستجرام لأنشر رسوماتي -مع مراعاة أني أقطع الرقبة، وأطمس الملامح- يقول: إنني فقط أود مخالطة الفتيان ومحادثتهم، والله لم أفكر في هذا أبداً.

إني أشعر بالحزن عندما أرى فتيات أصغر مني لديهن ثقة بأنفسهن، ومهتمات بشكلهن، وهذا الشيء ليس لدي، لأن أبي لا يترك لي مساحة لأهتم بنفسي، فأنا أود أن أغير من ملابسي، وأرتدي الفساتين الطويلة، وهكذا، ولكني عندما أطلب منه شيئاً دائماً يمن علي، وبدلاً من أن يرفض فقط يسبني بكلام جارح.

لقد كانت أمي تدافع عني حينها، وأحياناً تحدث مشاكل بسبب هذا، ولكنها أصبحت مثله، وأصبحت ترى أن ما يفعله شيء جيد، وتضربني مثله، ولكن مع ذلك العلاقة بينهما سيئة للغاية، أقصد أن أبي يريد أن يسير كل شيء كما يريد هو، أو يظل غاضباً طول النهار، ويتكلم بألفاظ جارحة.

أود أن أعيش سعيدة، وأن أهتم بنفسي كبقية الفتيات، ولا أشعر أن شيئاً ينقصني، بالرغم من أن حالتنا المادية ليست سيئة، ولكني أراعي أنهم يعانون من ضغوط مادية، بالرغم من أن لي صديقة أبوها كان يعاني من ضغوط مادية، وهو أصلاً حالته المادية متوسطة، فنقلها إلى مدرسة أخرى، وأبوها شخص طيب وصبور وهادئ، على عكسي أنا عندما نتعرض لضغوط مادية، فإن حياتي تنقلب رأساً على عقب!

أصبحت أخاف أن أطلب منهم شيئاً، أو أن أفضي لهم بأسراري، عندما أحزن أذهب وأبكي حتى أنام، حتى إن نومي غير منتظم، لا أجد حلاً غير هذا، وأستيقظ وأجد كدمات على رجليّ وذراعيّ، مع أني أعرف أنه من الخطر أن أنام وأنا أبكي.

لا أعرف ماذا أفعل كي أفر من هذه البيئة السيئة! أنا في موعد مع مرحلة مهمة، وأريد أن أستعد جيداً لها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ miro حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهدي والديك لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لك النجاح هو ولي ذلك والقادر عليه.

نحن سعداء لوجود فتاة تستوعب مثل هذه الأمور، وتحسن عرض مسألتها، وهذا يبشر بخير بأنك -بحول الله وقوته- قادرة على تجاوز هذه الصعاب، فنسأل الله أن يعينك على الصبر، ونذكر بأن الصبر على الوالدين باب من أبواب البر لهما، وإذا لم يصبر الإنسان على والديه، فعلى من يكون الصبر؟!

المهم هو أن تسددي وتقاربي، واجتهدي دائماً في أن تتوجهي إلى الله تبارك وتعالى؛ لأن قلب الوالد وقلب الوالدة بين أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها، وأرجو أن لا تتأثري طويلاً بكلمات الوالد، فكوني واثقة بنفسك مطيعة لربك، ولن يضرك بعد ذلك ما تسمعين من كلام.

اعلمي أن البر عبادة لله تبارك وتعالى، فإذا قصر الوالد فلا تقصري، وإذا قصرت الوالدة فلا تقصري، واجتهدي دائماً في اختيار الأوقات المناسبة لطلباتك، والتفاهم معهم، وانتقي الكلمات، واعلمي أن الإنسان إذا تكلم مع والديه ولاحظ الغضب، فإن علينا نحن معاشر الأبناء أن نسكت، ونعلن البر، ثم بعد ذلك نختار الوقت المناسب لإعادة طرح ما عندنا، ونتمنى أن تجدي من الأعمام والعمات والأخوال والخالات، من يستطيع أن يساعدك على تجاوز هذه الصعوبات والصعاب، التي تواجهينها مع الوالد ثم الوالدة.

احرصي دائماً على أن تكوني قريبة من الوالدة، وحاولي أن تعرضي لها ما عندك، حتى تستطيع أن تتفاهم مع الوالد، إذا كان ذلك ميسراً، ولا تحاولي التصعيد أو إظهار العناد لهم، ونسأل الله أن يعينك على الخير.

نحن بلا شك لا نؤيد الوالد فيما يذهب إليه، ولكن أيضاً لا نريد أن تعطي الأمور أكبر من حجمها، ولا تقارني نفسك بالآخريات، ولكن اجتهدي في تحسين البيئة في داخل البيت، واجتهدي في دروسك ونظمي وقتك، وأنت -ولله الحمد- في عمر يتيح لك بعد قليل أن تأخذي مسارك في الحياة، فنسأل الله أن يعينك على طاعته، وأن يعينك على تحمل ظروف الأسرة، فمعاناة الإنسان مع والديه من الأمور التي ينبغي أن يصبر عليها، ولا نؤيد فكرة البكاء والنوم وأنت باكية، فإن الإنسان في هذه الحياة تواجهه صعوبات، وأنت -إن شاء الله- تستطيعين أن تتجاوزي هذه الصعاب بتوفيق من الله تبارك وتعالى.

نتمنى أيضاً أن تجدي من إخوانك وأفراد الأسرة القريبين منك من تستطيعين أن تتكلمي معه، ونحن نكرر الترحيب بك في الموقع، وتواصلك مع الموقع مما يعينك على الوصول إلى الصواب بإذن الله، ونسال الله أن يعينك على الخير، ونوصيك الآن بالدعاء وإصلاح ما بينك وبين الله، ثم ترتيب جدول المذاكرة، حتى تحققي التفوق والنجاح، ونسأل الله لنا ولكم وللوالدين وللجميع الهداية والتوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً