الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصحت من أحببتها بأسلوب لطيف لكنها رفضت نصحي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أتيت إلى هنا لأسأل عن طريقة لبقة لنصح فتاة كنت أحبها في السابق، وهي كذلك، وحينما علمنا أن العلاقة بيننا محرمة، قررنا التواصل للتناصح فقط.

في أحد الأيام كنت أبحث عن شخص معين أريد التحدث معه في الانستغرام، لم أتحدث معه منذ فترة، وفجأة صادفت حساب الفتاة، ففتحت صفحتها ورأيت المحادثات التي دارت بيننا، واطلعت على صورها التي تضعها في صفحتها، فوجدت صورها وهي غير محجبة -هي بالأساس لا ترتدي الحجاب، ولدي رغبة بدعوتها إلى الالتزام بالحجاب-، وصدمت حينما رأيت صورتها وهي ترتدي قميصًا ضيقًا إلى حد ما، والبنطال عبارة عن جينز ممزق يكشف نصف الجسم.

حينما تحدثت معها لأنصحها، وقلت لها كذا وكذا، ردت بطريقة بشعة وقالت: أنا التي سأحاسب ولست أنت، وهذا جسمي وليس جسمك. فقلت لها إنه تفكير بعض الشباب حينما يرون صور الفتيات يقولون عبارات مدح، فقالت: لا يهمني أحد، وقلت لها: لماذا ترفضين نصيحتي؟ فقالت لي تحديدًا: "اسمع أنت، متى ستترك تفكيرك الطفولي هذا؟ متى تكبر فأنت صغير"، فهل أخطأت لتتحدث معي بهذه الطريقة؟

أنا مصر على نصحها ودعوتها إلى الاحتشام، فهي من قالت: الحب حرام ولا فائدة منه إن لم يكن شرعيًا، وأعتذر على هذه القصة، لكني لا أحتمل كتمانها.

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخانا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نشكر لك حرصك على إنقاذ هذه الفتاة من الوقوع في المحرمات، وشعورك بالحاجة إلى مكافأتها على إحسانها إليك، فهذه المشاعر الطيبة دلالة على حُسنٍ في أخلاقك، ونسأل الله تعالى أن يكمّل لك دينك، ويزيدك هُدىً وصلاحًا.

ونصيحتنا هي النصيحة النبوية التي قالها النبي -صلى الله عليه وسلم- لشابٍّ صغيرٍ يُناهز -يُقارب- الاحتلام، وهو من أحب الناس إليه، إذ قال -عليه الصلاة والسلام- لابن عمّه عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-: "يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، ‌احْفَظِ ‌اللَّهَ ‌يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ".

فهذه الوصية النبوية -أيها الحبيب- عصمة لهذا الإنسان، وحبل النجاة، فأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بأن يحفظ الله، أي أن يحفظ حدود الله تعالى، ويقف عندها، فلا يتجاوز ما حدَّه الله تعالى له، والنتيجة أن الله سبحانه وتعالى يحفظه من الزلل والخطأ.

ونقول هذه الوصية ونوصيك بها لأنك في حالٍ تحتاجُ فيها هذه الوصية حاجة شديدة مُلحّة، فتقف عند الحدود التي حدَّها الله تعالى للتعامل بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه، وتحذر خداع الشيطان واستدراجه لك؛ فإن الشيطان يجرُّ الإنسان إلى المخالفات الشرعية خطوة خطوة، ولهذا قال لنا ربنا سبحانه في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور: 21].

فجاهد نفسك لضبط علاقتك بهذه الفتاة بالضوابط الشرعية، ومن هذه الضوابط: أن تغض بصرك عنها، وألَّا تختلي بالكلام معها كلامًا فيه لين وخضوع وحب ونحو ذلك، وإذا أردت أن تُسدي لها نصيحة، فيمكنك أن تُرسل إليها رسالة فيها موعظة من المواعظ التي تُذكّرها بفرض الله تعالى عليها في الحجاب، وحكم الحجاب الشرعي، والمواعظ التي تُذكّرُ بالجنة والنار، وهي كثيرة -ولله الحمد- على شبكة الإنترنت، فإذا أسمعتها هذه النصائح فقد أدَّيت ما عليك، ثم الهداية بعد ذلك بيد الله تعالى، والقلوب بيده يُقلِّبُها كيف يشاء.

وأمَّا ما ذكرته عنها من الاضطراب والتناقض، حيث هي التي أخبرتك بأن الحب حرام إذا لم يكن شرعيًّا، مع تناقضها فيما تفعل من اللباس غير الشرعي، فإذا أحسنَّا الظنّ بهذه الفتاة وأنها تفعل ذلك صادقةً فيما تقولُه؛ إذا أحسنّا الظنَّ فإن هذا من سوء الفكر، وخلط العمل الصالح بالعمل السيئ، وتصور الأمور على غير حقيقتها، فهي أصابت في كون العلاقة إذا لم تكن شرعية فإنها محرّمة، وأخطأتْ فيما تلبسه من الألبسة.

أمَّا إذا أسأنا الظنّ -وإساءة الظنّ أحيانًا يكون هو الحزم المطلوب من الإنسان حتى لا يُستغفل ويقع في الخطأ- فإن بعض النساء، ربما تفعل مثل هذا الكلام لتجرّ مَن تُحدّثُه إلى اتخاذ خطوات عملية نحو الزواج، مع أنها في حقيقتها ليست ملتزمة بالأحكام الشرعية -ونحو ذلك- فربما تفعل ذلك لتحثّه ليتقدّم خطوات نحو الزواج، وحتى لا تبقى العلاقة مجرد حب وغرام بعيدًا عن دائرة الزواج.

وعلى كلّ تقدير فنصيحتُنا لك: أن تصرف ذهنك عن هذه الفتاة تمامًا، وأن تحاول نسيانها، فهذا خيرٌ لك في دينك ودنياك.

نسأل الله تعالى أن يتولى عونك ويُرشدك إلى خيرها وأحسنها.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً