الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغيرت حياتي بعد الثانوية وساءت نفسيتي وتأثر إيماني!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري 18 سنة، وقد انتهيت من مرحلة الثانوية العامة التي كانت كالكابوس، كانت مرحلة متعبة جداً، لم أخرج من البيت، ولم أستطع أن أتقرب إلى الله كما كنت أفعل سابقاً، وقد ضاق صدري لعدم تقربي من الله، ولكن أمي قالت لي: بأن الدراسة عبادة.

انتهت المرحلة، ولكنني لم أعد مثلما كنت! فقد تغيرت حياتي بأكملها، وأشعر بأنني لا أستطيع أن أتقرب إلى الله أكثر؛ لأنني بحالة نفسية سيئة جدًا، فقد عشت طفولة سيئة لم يخرج تأثيرها على نفسي إلّا هذه السنة مع الثانوية، وأنا متأكدة بأنه يجب عليّ الذهاب إلى طبيب لكي يعالجني؛ لأنني أزداد اكتئاباً يوماً بعد يوم، وكل يوم أبرر لنفسي لكي أنتحر -وأعلم بأنه حرام-، ولكنني لا أستطيع البقاء في اكتئابي، ولا أستطيع تحمّل تكاليف المعالجة النفسية، لا أعلم ماذا أفعل!

فأنا بسبب حالتي أصبحت دائماً خارج البيت، أضيّع وقتي على أشياء تافهة، ولم أعد أهتمّ بالدين كما كنت سابقًا، ولم تعد علاقتي بنفسي وأهلي جيّدة، والأسوأ بأنني لم أعد أشعر بلذة العبادة والتقرب إلى الله، ولم أعد أريد أن أرجع للرياضة، ولا للكتب التي كنت أقرأها قبل الثانوية، ولا لحياتي السابقة التي كانت متوازنة، أصبحت في فوضى، وأنا أشعر بأنني على خط النار -والعياذ بالله-.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ aya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك الصحة والعافية.

أولاً: الحمد لله أنك أنهيت مرحلة الثانوية العامّة بنجاح، وهذا يُعتبر إنجازاً كبيراً رغم الظروف التي مررت بها، ونبشِّرُك بأن من أقبل على العلم بنية صالحة فله أجر عظيم، فنسأل الله تعالى أن تكون مسيرة تعليمك هي طريق إلى النجاح في الدنيا والآخرة.

فشعور المسلم -ابنتنا الفاضلة- بالتقصير في العبادة هذا شيء مطلوب، وحتى لا يتعالى أو يَمُنَّ على الله سبحانه وتعالى؛ لأنه قد أكمل العبادة، أو يرى نفسه أنه عبد الله حق عبادته، ولا يمكن أن نجازي المولى سبحانه وتعالى على النعم التي أنعم بها علينا بعبادتنا مهما فعلْنا، فهو المتفضل علينا بالنعم قبل استحقاقها، ولكن علينا ألَّا ننسى ولا نيأس من رحمة الله تعالى، فهو اللطيف والرحيم والودود، وكما قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].

وبالطبع الإيمان يزيد وينقص مع كل فرض، وهذا شيء موجود ولا يمكن إنكاره، والإنسان يتقرَّبُ إلى الله سبحانه وتعالى بفعل الطاعات ويتجنب المنكرات، فنقول لك: هوّني على نفسك، وافعلي ما في وسعك وما تستطيعينه من فعل الخيرات، كما قال رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (‌إِذَا ‌أَمَرْتُكُمْ ‌بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، وقال: (مَا أمَرتكم به فخُذُوهُ، ‌وما ‌نَهَيتكُم عنه فانتَهُوا).

وابتعدي -ابنتنا الكريمة- عن الأفكار السلبية والانتحارية، فأنت ما زلت في بداية شبابك ويُرجى منك الكثير، فكوني متفائلة، وخطّطي للمستقبل بروح الأمل والتفاؤل، وضعي لك أهدافًاً واضحة، واسعي في تحقيقها، فسيتغيّر الحال وتشعرين بالراحة النفسية، وبعد الضيق يأتي الفرج -إن شاء الله-.

حاولي إشغال نفسك بممارسة الهوايات، وتكوين الصداقات الصالحة، وانسي الماضي بما فيه من آلام، وركّزي على الحاضر والاستمتاع به، ونوصيك بكثرة الاستغفار، فإنه يفتح الأبواب المغلقة، وبه تنفرج الهموم، وتنكشف الغموم، وتنشرح الصدور، ويزول ما تشعرين به من ضيق -بإذن الله تعالى-.

أمَّا مسألة الذهاب إلى الطبيب النفسي: فإذا كان بمقدورك ذلك فيكون أفضل، أمَّا إذا لم تستطيعي ذلك، فيمكن أن تلجئي إلى الأخصائية النفسية أو الاجتماعية الموجودة بالمدرسة، وتحكي لها ما يدور بخاطرك، فربما تجدين المساعدة منها، وإذا لم تكن هناك أخصائية اجتماعية أو نفسية بالمدرسة، فيمكنك أن تشرحي ذلك لأقرب معلِّمة تثقين فيها ولك بها علاقة جيدة، فأيضًا يمكن أن تساعدك كثيرًا في تخفيف الآلام التي تشعرين بها، وربما تكون المشكلة بسيطة وصغيرة، لكن أنت زدت من حجمها وكبَّرت منها، فالحل ربما يكون قريبًا، وليس ذلك على الله بعسير أو بعيد.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً