الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكر في إعادة امتحان الثانوية لأدخل التخصص المطلوب، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حصلت على الشهادة الثانوية العامة بتقدير جيد، وبعد صلاة الاستخارة تم توجيهي إلى تخصص الصيدلة، إلا أن الواقع في بلادي أن الصيدلي لا وظيفة لديه، ويعاني من البطالة، فصليت الاستخارة مرة ثانية، وأعدت الثانوية، لكن معدلي لم يرتفع إلا عشر درجات، كان هدفي الأول دراسة الطب، إلا إنني لم أحصل على المعدل المطلوب، فتم توجيهي إلى دراسة اللغة العربية في جامعة تضمن لي الحصول على وظيفة بعد التخرج مباشرة.

اكتشفت بعدها أن معدلي يؤهلني لتخصص طب الأسنان، ولكن تم إغلاق باب التحويل هذا العام، فلم أستطع التحويل إليه، ولم أختره في البداية حتى لا أجبر على نزع الجلباب، ولكني بعد البحث وجدت أن إحدى الكليات لا تجبر الطالبات على نزع الجلباب، فرحت كثيرًا بذلك؛ لأن اللباس الطبي جعلني مترددة في اختيار الطب، مع علمي بأنه يجوز ارتداء ملابس العمل للدراسة والطب، ولم تطاوعني نفسي، وبحسب ما فهمت من الكلية فإنه يسمح بلبس الجلباب فقط لطب الأسنان وليس الطب البشري.

سؤالي: هل هذا هو القدر الذي يجب أن أرضى به، أقصد تخصص اللغة العربية؟ وهل إعادتي لاختبار امتحان الثانوية يدل على أني غير راضية بالقضاء والقدر؟

علمًا أن كل الخيارات متساوية لدي، وسأحرص على دراسة تخصص اللغة العربية بالموازاة مع إعادة الامتحان.

شكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولًا: نحب أن نهنئك على نجاحك في امتحان نهاية التعليم الثانوي، وعلى الجهود التي بذلتيها.

مسألة القضاء والقدر هي من أعظم مبادئ الإيمان، والمسلم يؤمن بأن كل ما يحدث في الكون يحدث بإرادة الله وحكمته.

لكن هذا لا يعني أن الإنسان لا يسعى ويجتهد في الأمور التي يريدها، فالجهد والتخطيط هما جزء من سبب النجاح، فقد روى الترمذي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أن رجلاً جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعه ناقته فقال: "أعقلها وأتوكل، أم أتركها وأتوكل؟ فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اعقلها وتوكل".

فإذا كنت تشعرين بأنك قادرة على إعادة الامتحان، وأن لديك القدرة على تحقيق نتيجة أفضل، فلا بأس بالمحاولة مرة أخرى، لكن يجب الانتباه إلى النقاط التالية:

1- خذي وقتك في التفكير قبل اتخاذ القرار، يجب عليك تقييم الوضع جيدًا، والتفكير في الأمور التي قد تواجهك، والتحديات المحتملة.

2- قومي بالتشاور مع أقاربك أو معلميك، أو أي شخص لديه خبرة في هذا المجال.

3. الاستمرار في الدعاء وطلب الهداية من الله، وربما تقومين بصلاة الاستخارة مرة أخرى إذا كنت مترددة في قرارك.

4. في النهاية، إذا قررت المضي قدمًا ولم تحصلي على النتيجة التي كنت تأملينها، فتذكري أن الله يعلم ما هو خير لك، وأنه قد يكون هناك خيرة في الأمور التي لم تحدث كما كنت ترغبين، لقوله: {وَعَسَىٰۤ أَن تَكۡرَهُوا۟ شَیۡـًٔا وَهُوَ خَیۡر لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تُحِبُّوا۟ شَیۡـًٔا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} [البقرة 216].

5. قومي بعمل إعادة اختبار ميول مهنية –إذا رغبت- لتحديد ميولك المهنية مستقبلاً بعد التخرج، وهذا يعني أنك ستركزين على ما تميلين إليه أكثر مما تتوقعين أنه مرغوب في سوق العمل، فقد يكون الطب مرغوبًا أكثر في سوق العمل، لكن نفسك تميل إلى اللغة العربية أكثر، فهنا قدمي اللغة العربية، والعكس بالعكس.

تجدين اختبارات الميول المهنية في بعض مواقع الإنترنت، كما يمكنك الاستفادة من الإرشاد الطلابي للجامعة.

من هنا تدركين إجابة سؤالك: "هل هذا هو القدر الذي يجب أن أرضى به؟ هل هو تخصص لغة عربية؟ وهل إذا أعدت اجتياز امتحان نهاية التعليم الثانوي، هل أكون غير راضية بالقضاء والقدر؟" وذلك أن الإيمان بالقدر لا يقتصر على عمل القلب فقط، بل يرافقه بذل الأسباب كما ذكرنا أعلاه، فإذا بذلت الأسباب المشروعة المعتادة فإنك تكونين بذلك قد حققت الإيمان بالقدر.

في النهاية، لا تنسي أن النجاح في الحياة ليس مقتصرًا على التخصص الجامعي فقط، هناك العديد من الأمور الأخرى التي يمكن أن تضفي على حياتك معنى وقيمة.

نسأل الله أن يوفقك، ويهديك لما فيه الخير والنجاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً