الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معدلي في الامتحان ضعيف لعدم غشي، فهل أنا مخطئة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

انتهيت من الامتحانات أمس، ومنذ بدايتها كنت قد قررت ألّا أغش ولو حرفًا، والحمد لله التزمت بهذا القرار، كنت أحلم بالحصول على مجموع عالٍ، لكن للأسف ارتكبت أخطاءً كثيرة في معظم المواد.

أمي كانت تنصحني بأن أستعين بصديقاتي وأطلب مساعدتهن، لكنني لم أفعل، وفي آخر امتحان، كانت أمي تدعو الله أن يرسل لي من يقف بجانبي.

وخلال الامتحان، طلبت مني إحدى صديقاتي أن تساعدني (تغششني)، لكنني رفضت وتوكلت على الله، وأكملت الحل بمفردي.

عندما عدت إلى البيت وأخبرت أمي بما حدث، غضبت وقالت: "هذه كانت دعوتي، لم تكن غشًا." لكنني شرحت لها أن ذلك يُعتبر غشًا ولا يرضي الله.

راجعت الامتحان بعد ذلك، ووجدت أنني فقدت درجات كثيرة، ولا أعرف إن كنت تصرفت بشكل صحيح أم خطأ، وشعرت ببعض الندم.

الآن بعد احتساب درجاتي المتوقعة، وجدت أن مجموعي يبدو قليلًا، وأشعر بالقهر؛ لأنني اجتهدت طوال السنة، لكن أخطائي كانت كثيرة.

أنا حزينة؛ لأنني قد لا أفرح نفسي ولا أهلي كما كنت أطمح، وأتمنى منكم أن تدعوا لي أن أحصل على مجموع عالٍ يُجبر خاطري وخاطر أهلي.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Jana حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في إسلام ويب، وأهلاً بابنة عزيزة طهرت قلبها، وصدقت في نيتها، وتوجهت إلى الله في زمن قلّ فيه من يثبت على الحق.

يا ابنتي: ما فعلته في امتحاناتك هو نجاحٌ من نوعٍ آخر، قد لا يُكتب في كشف الدرجات، لكنه مكتوبٌ في سجل الصادقين عند الله.

لقد اخترتِ ألا تغشي، رغم أن الفرصة كانت أمامك، والضغط كان شديدًا، حتى من أقرب الناس إليك، فأبيتِ؛ وقلتِ:"توكلتُ على الله"، فهذا هو الصدق الحقيقي في زمن الغش، وهذا هو النور حين تعمّ الظلمة.

- هل أنت على حق؟ نعم، والله أنت على حق، الغش حرام، قال النبي ﷺ:«من غشنا فليس منا»، ولو أجبت صديقتك حين طلبت الغش، لكنت خنت الله أولًا، ثم نفسك، ثم تعبك، ثم من يثق بك، ثم لا يكون إلا ما قدر الله، فهذه الدرجة التي وقعت هي قدرك حتى لو فعلت ما فعلت.

- أمك غاضبة؟ لا تلوميها، بل احتويها؛ أمك تحبك، وتريد لك النجاح، لكنها ربطت الدعاء بتحقيق النتيجة فقط، وربما غفلت عن أن الدعاء قد يكون سببًا للثبات على الطريق الصحيح، لا فقط للوصول السريع للنتيجة.

- شعور القهر مفهوم، لكن لا تجعليه يُطفئ نور الصدق، نعم، القهر صعب، أن تتعبي وتخطئي، أن تحلمي ولا يتحقق الحلم، أن تري من حولك يفرحون بالغش، وأنت ترجعين خالية اليدين.

لكن صدقيني؛ الدرجات تُنسى، والأوراق تُرمى، لكن القلوب التي ثبتت على طاعة الله لا ينساها الله أبدًا، قال الله:(وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُوا۟ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ)

فاللهم يا كريم، يا واسع الفضل، اجبر قلب هذه الفتاة الصادقة، وارضها برضا لا يُشبه شيئًا من الدنيا، اللهم عوّضها خيرًا، وبارك في درجاتها، وافتح لها أبواب القبول والتوفيق، اللهم إن كانت أخطأت، فاغفر لها، وإن تعبت فاجزها، وإن حزنت فأبدل حزنها فرحًا، اللهم ارزقها فرحة تُنسيها كل ألم، وبشرى تُقرّ بها عينها وعين أمها، اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً